الأربعاء 12 نيسان , 2023 10:52

محللون صينيون: الصين تنحاز للقضية الفلسطينية

الرئيس الصيني ورئيس السلطة الفلسطينية

في 5 نيسان 2023، كتب السفير الصيني السابق لدى "إسرائيل" تشانغ ليانجرين مقالًا بعنوان: "تغيير سياسة الصين تجاه فلسطين". وقد استهل مقالته بالقول: "تتغير العلاقات الثنائية بين الصين وفلسطين ودور الصين في الشرق الأوسط." وأضاف: "إن ازدياد وتيرة الصراع بين فلسطين و"إسرائيل" وارتفاع أعداد ضحايا الفلسطينيين بشكل غير مسبوق في السنوات الثلاث الماضية، دفع الصين إلى البدء في انتقاد "إسرائيل" بشكل علني."

كانت الصين أول دولة تدعم الحركة الوطنية الفلسطينية. في مايو 2013، قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة بكين، وخلال المحادثات، حدد الرئيس شي جين بينغ موقفه من فلسطين، وهو الإصرار على إقامة دولة فلسطين المستقلة، والتعايش السلمي لفلسطين و"إسرائيل"، وإقامة دولة فلسطينية قائمة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ضمن دولة مستقلة ذات سيادة كاملة. كما دعت الصين إلى تبادل الأراضي مقابل السلام وتحقيق السلام بين "إسرائيل" وفلسطين من خلال المفاوضات، وتأمل أن يقدم المجتمع الدولي ضمانات فعالة. والأهم أن الصين لا تعتبر حماس والفصائل المقاومة "جماعات إرهابية".

كانت معركة سيف القدس عام 2021 نقطة تحوّل في العلاقات الصينية الفلسطينية، إذ بدأ موقف الصين بالتغيّر تدريجياً وانحيازها إلى فلسطين إذ كانت سابقًا تعتمد الحياد. أثناء المعركة، انتقدت الصين "إسرائيل" علنًا ​​لانتهاكاتها لحقوق الإنسان، واتهمت الولايات المتحدة بعرقلة بيان مجلس الأمن الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في الكيان.

وفي أوائل ديسمبر 2022، خلال زيارة  الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية، التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس مجدّدًا. وشدد شي جين بينغ على أن القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية في الشرق الأوسط، وأن "الظلم التاريخي الذي عانى منه الشعب لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، ولا يمكن التخلي عن الحقوق الديمقراطية والقانونية، ولا يمكن رفض المطالبة بدولة مستقلة". إذ حلل الخبراء الصينيون هذا الخطاب، على أنه أظهر ميلًا إلى تفضيل الحكومة الفلسطينية في التعامل مع القضية الإسرائيلية الفلسطينية.

بعد ذلك، كان لافتًا موقف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية خلال حديثه عن القضية الإسرائيلية الفلسطينية، الذي يُظهر ميلًا واضحًا للقضية الفلسطينية. في 3 كانون الثاني (يناير) 2023، دعت الصين إلى مناقشة مجلس الأمن لاقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير للمسجد الأقصى. وطالب وزير الخارجية تشين جانج "إسرائيل" بالتوقف عن "التحريض" حتى لا يؤدي إلى تفاقم الوضع، وجدد التأكيد على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن في القدس ودعم الصين طويل الأمد لحل الدولتين كحل القضية الإسرائيلية الفلسطينية. في 20 آذار / مارس 2023، صرح وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش في باريس أنه "لا يوجد ما يسمى بالقضية الوطنية الفلسطينية" و "ليس هناك تاريخ أو لغة فلسطينية". وبخصوص هذا التصريح المتطرف، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين إن "الأقوال والأفعال غير المسؤولة للمسؤولين الإسرائيليين ستؤدي إلى تفاقم التوتر الحالي بين فلسطين وإسرائيل" ، وهو ما "تدينه الصين".

وفي بيان السفير قنغ شوانغ في الاجتماع المفتوح لمجلس الأمن بشأن قضية فلسطين في 22 آذار/مارس  2023، ذكر أنه يجب مناهضة العنف والتحريض على العنف، وكبح الصراع والمواجهة. "ندين كل أعمال العنف ضد المدنيين في الضفة الغربية، وندعم المنسق الخاص في الحفاظ على اتصال وثيق مع فلسطين وإسرائيل، وإقناعهما بتخفيف التوتر. ندعو الأطراف المعنية إلى الامتناع عن الاستفزاز والتحريض لمنع المزيد من تصعيد التوتر. بصفتها قوة احتلال، يجب على إسرائيل أن تفي بجدية بالتزاماتها القانونية الدولية لحماية سلامة الناس في الأراضي المحتلة، وكبح جماح قوات الأمن من الاستخدام المفرط للقوة، ووقف الأنشطة العنيفة للمستوطنين، والتحقيق الشامل في الحوادث ذات الصلة واحتجازهم".

أخيرًا، إذ لا يزال الموقف الخطابي لبكين واضحًا بانحيازه للجانب الفلسطيني وهذا ما أكّده المحللون الصينيون، ولكن الجانب الاقتصادي لا يزال يميل لإسرائيل، مع اعتماد التوازن في العلاقات الإسرائيلية الصينية وتجنّب الخطوات الدبلوماسية الجريئة بشكل مفرط ضد إسرائيل. يقول السفير الصيني السابق لدى إسرائيل: "يبدو أن الصين قد عدلت تدريجياً موقفها كـ "صاحب مصلحة مسؤول" في الماضي. ومع ذلك، وبسبب التبادل الاقتصادي والتجاري والعلمي والتكنولوجي الوثيق بين إسرائيل والصين في الماضي، فإن ضبط السياسات قد يكون مجرد كلمات في الوقت الحالي، ومن الصعب تحويلها إلى أفعال. ما هو مؤكد هو أنه على الرغم من نجاح الصين في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية، يبدو أن الصين ليس لها مثل هذا التأثير ولن تتخذ إجراءات عملية لتعزيز المصالحة الإسرائيلية الفلسطينية وتحقيق هدف الدولتين."


الكاتب: ضحى حمادي




روزنامة المحور