استعاد حزب الله زخمه كمنظمة لبنانية لا تزال تمتلك الكثير من عناصر القوة، بعد التشييع المهيب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي كان "بمثابة تذكير صارخ بأن الحزب لا يزال يتمتع بدعم شعبي واسع النطاق"، بحسب الكاتب علي رزق، في مقابلة أجراها مع النائب في كتلة الوفاء للمقاومة، علي فياض، في مجلة responsible statecraft ترجمها موقع الخنادق، لبحث مستقبل حزب الله على ضوء الأحداث الأخيرة، من اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وكيان الاحتلال، إلى الحكومة اللبنانية الجديدة، مروراً بسقوط النظام في سوريا وصعود الجماعات الإسلامية إلى السلطة، وصولاً بيوم تشييع الشهيد السيد حسن نصرالله الذي أثبت فيه حزب الله حضوره الجماهيري الواسع وقوته الشعبية.
وفي سياق الحديث عن مستقبل حزب الله، أكّد النائب علي فياض أن حزب الله يتجه نحو حزب مؤسساتي وليس حزب زعيم، ويوضّح ذلك بالقول "حضور السيد حسن كان ساحراً، فعندما يتخذ أي قرار، يرحّب الجميع بهذا القرار نظراً لدوره القيادي التاريخي. أما الآن، فإن الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم يميل أكثر إلى أن تلعب المؤسسات دورها في صنع القرار، والآن انتقلنا أكثر نحو قيادة مؤسسية جماعية تتخذ القرارات استناداً إلى البيروقراطية الداخلية، أي المؤسسات الداخلية".
النص المترجم للمقال
النائب عن الحزب علي فياض يبحث مستقبل الحزب مع القيادة الجديدة بعد الخسائر في سوريا
يواجه حزب الله اللبناني أوقاتاً صعبة غير مسبوقة، بعد أن فقد جزءً كبيراً من قياداته العليا في حربه الأخيرة مع إسرائيل .
ولقد أدت الأحداث في سوريا المجاورة إلى تفاقم خسائر المنظمة. فلم يخسر حزب الله طريق العبور الرئيسي لتسليم الأسلحة مع سقوط أسرة الأسد فحسب، بل أصبح عليه الآن أن يتعايش مع حقيقة وجود قيادة جديدة في دمشق تابعة لنفس الجماعات السنية المتطرفة التي حاربها حزب الله دعماً للقيادة السابقة.
ولكن موكب جنازة الأمين العام السابق للحركة حسن نصر الله كان بمثابة تذكير صارخ بأن الحركة لا تزال تتمتع بدعم شعبي واسع النطاق. وكان الموكب واحداً من أكبر الأحداث في تاريخ لبنان، حيث نزل مئات الآلاف من المشيعين إلى الشوارع.
التقت مجلة responsible statecraftمع النائب في حزب الله علي فياض لمناقشة مستقبل الحزب في أعقاب التطورات الأخيرة. كان فياض عضواً فعّالاً في حزب الله منذ تأسيسه وكان في السابق رئيساً لمركز الأبحاث التابع للحزب: المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق.
وأكد فياض أن نهج المنظمة في ظل الظروف الحالية هو أن تتعامل الدولة اللبنانية مع الموقف الإسرائيلي، إذ أن إسرائيل لا تزال تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية. لكنه سارع إلى التأكيد على أن لبنان يحتفظ بحق استخدام القوة إذا لزم الأمر لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ويقول فياض إن أي حديث عن دمج حزب الله عسكرياً في مؤسسات الدولة اللبنانية سابق لأوانه، ويتوقف على عوامل مثل قيام الدولة ببناء قدراتها الدفاعية.
وفيما يتعلق بسياسات إدارة ترامب تجاه لبنان، يرى النائب عن حزب الله أن محاولات تهميش حزب الله لن تؤدي إلى استقرار لبنان. كما أثار احتمال أن تكون واشنطن تحاول إثارة مواجهة بين الجيش اللبناني والحركة الشيعية، محذراً من العواقب الوخيمة المترتبة على مثل هذا السيناريو. لكن فياض أوضح أن القضايا التي يواجهها حزب الله مع الولايات المتحدة ليست ثنائية بطبيعتها، بل تنبع من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وما أسماه "الهيمنة غير العادلة" على شؤون العالم.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، لا يتردد في الاعتراف بأن سقوط الرئيس السابق بشار الأسد كان انتكاسة كبيرة للحزب، متسائلاً عن موقف القيادة السورية الجديدة تجاه إسرائيل.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
الدولة المسؤولة: ما هو مستقبل حزب الله بعد السيد حسن نصر الله؟
علي فياض: حزب الله ملتزم بنهج السيد حسن ومبادئه ودوره المقاوم ورؤيته للوضع في لبنان والمنطقة. ولكن هناك تحولات كبيرة حدثت في لبنان والمنطقة ولا بد من أخذها بعين الاعتبار، وحزب الله يركّز بشكل كبير على فهم هذه التحولات والتفكير في كيفية التعامل معها. لقد لعبت الزعامة الكاريزمية للسيد حسن دوراً أساسياً في قيادة الحزب وإدارة التنظيم سياسياً وعسكرياً. والآن تحت قيادة الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، من المتوقع أن نتحرك أكثر نحو حزب مؤسساتي وليس حزب زعيم. وهذا يتفق مع قناعات الأمين العام الجديد.
س: عندما نتحدث عن حزب مؤسسي، هل سينعكس ذلك في مزيد من التركيز على الساحة المحلية وتخفيف التركيز على المنطقة؟
فياض: إن موضوع الحزب الذي يقوده زعيم وحزب يركز أكثر على البعد المؤسساتي في صنع القرار لا علاقة له بالتحولات التي حصلت في المنطقة وفي لبنان. عندما نتحدث عن التحولات فإننا نتحدث عما يتعلق بلبنان بعد صدور وثيقة تنفيذ القرار 1701 (آخر اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل) والمحاولات الأميركية المتفشية لإعادة تشكيل المنطقة. أما فيما يتعلق بلبنان فقد أكدنا التزامنا بالقرار 1701 ووثيقة التدابير التنفيذية. والتزمنا بشكل كامل بالالتزامات المتعلقة بجنوب الليطاني، ولأن وثيقة التنفيذ تعنى بشرح وتنفيذ القرار 1701 فإن مرجعيتها ونطاقها الجغرافي يخضعان للقرار الدولي 1701.
س: ماذا يمكننا أن نتوقع من حزب الله حين تكون له طبيعة مؤسساتية أكثر؟
فياض: حضور السيد حسن كان ساحراً، فعندما يتخذ أي قرار، يرحب الجميع بهذا القرار نظراً لدوره القيادي التاريخي. أما الآن، فإن الأمين العام الجديد الشيخ نعيم قاسم يميل أكثر إلى أن تلعب المؤسسات دورها في صنع القرار، والآن انتقلنا أكثر نحو قيادة مؤسسية جماعية تتخذ القرارات استنادا إلى البيروقراطية الداخلية، أي المؤسسات الداخلية.
س: هل حزب الله في طريقه إلى التحول إلى حزب سياسي فحسب؟
فياض: كلا، حزب الله، على الرغم من التحولات التي طرأت عليه، يبقى حزب مقاومة من جهة وحزباً سياسياً من جهة أخرى، ولكن كل مرحلة تتطلب مقاربة مختلفة فيما يتعلق بالمقاومة. حزب الله ما زال ملتزماً بالمقاومة ويعتبر أن من حق لبنان مواجهة أي عدوان إسرائيلي، ولكن المرحلة الحالية، نظراً لطبيعتها الفريدة والتحولات التي طرأت عليها، ربما تتطلب مقاربة مختلفة.
على سبيل المثال، من أهم التطورات في المرحلة الحالية أن الدولة اللبنانية تقدمت لإدارة الوضع مع العدو الإسرائيلي، وحزب الله قبل بهذا الدور وأعطى الدولة فرصة تولي إدارة الوضع مع العدو الإسرائيلي، وهذا لا يعني أن حزب الله لم يعد ملتزماً بدوره كمقاومة.
س: السؤال الأكثر وضوحاً والذي يريد الناس معرفة إجابته هو السؤال المتعلق بالسلاح، لأن هناك تفاهماً على أن اتفاق وقف إطلاق النار يتضمن ضمناً التخلص في نهاية المطاف من سلاح حزب الله.
فياض: كنت أقول إن القرار 1701 يشير جغرافياً إلى جنوب الليطاني، أما بالنسبة إلى شمال الليطاني فإن الوثيقة التنفيذية تقول إنه لا يجوز استيراد أي سلاح أو تطويره، ونحن نطالب الدولة اللبنانية بأن تمارس دورها بشكل كامل في ضبط الوضع على الحدود، وليس لدينا أي مشكلة في هذا الصدد، ولكن كل ما يتعلق بالمقاومة في شمال الليطاني نعتبره مسألة سيادية تخص الحكومة اللبنانية، وحزب الله يطالب الحكومة بالتوصل إلى تفاهم بشأن الوضع في شمال الليطاني.
س: إذن هل تنظرون بإيجابية إلى دعوة الرئيس جوزيف عون لمعالجة قضية سلاح حزب الله عبر الحوار؟
فياض: هذا يتوافق مع ما يريده حزب الله.
س: في حال التوصل إلى تفاهم بشأن السلاح، هل حزب الله جاهز للاندماج في الدولة عسكرياً؟
فياض: من المبكر الحديث عن هذه القضايا، فهناك عدد من القضايا المتشابكة، ولا يمكن التعامل مع هذه القضية بمفردها، بل يجب التعامل معها بشكل شمولي، وعندما أقول هذا فإنني أعني أن الأمر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بضمان قدرة الدولة على ممارسة دورها في الدفاع عن الأرض والشعب في لبنان.
س: هناك خمسة مواقع لا تزال إسرائيل تحتلها في لبنان، كيف سيتعامل حزب الله مع هذا الأمر إذا فشلت الدولة في معالجة هذه القضية؟
فياض: نحن نعتبر أن هذه المرحلة – مرحلة تنفيذ إجراءات القرار 1701 – هي مسؤولية الدولة ونحن نتابع الوضع عن كثب، وعندما تصل الدولة إلى طريق مسدود نطالبها بتقييم الوضع وتحديد الفرص والبحث في الخيارات التي ستحرر الأرض، ولكن في كل الأحوال فإن وجود الإسرائيليين في النقاط الخمس هو شيء نعتبره احتلالاً وهذا يعطي لبنان الحق في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحرير هذه الأراضي المحتلة، وهذا هو نفس الموقف الرسمي اللبناني بالضبط لأن اجتماع الزعماء الثلاثة (الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب) في بعبدا (القصر الرئاسي اللبناني) ... عندما أعلن الإسرائيليون أنهم سيبقون في الأراضي اللبنانية، اجتمع الزعماء الثلاثة وأصدروا بياناً مهماً جداً أعلنوا فيه أن الوجود الإسرائيلي في هذه المنطقة هو احتلال وأن للبنان الحق في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحرير هذه الأراضي.
س: كل الوسائل الممكنة، هل يشمل ذلك المقاومة المسلحة؟
فياض: إن عبارة "كل الوسائل الممكنة" التي وردت في اتفاق الطائف وفي برامج الحكومة لسنوات طويلة، وأعيد إدخالها في البيان الرئاسي، تعني الوسائل الدبلوماسية وغير الدبلوماسية.
س: أشعر أن هناك نوعاً من التفاؤل تجاه هذه الحكومة، خاصة وأننا نعلم ما حدث مع الطائرات الإيرانية (قرر كبار المسؤولين في لبنان وقف الرحلات الجوية المباشرة بين طهران وبيروت إلى أجل غير مسمى بعد التهديدات الإسرائيلية). هل أنت متفائل في ضوء ما حدث؟
فياض: نعتقد أن هذه الحكومة اللبنانية تستحق أن تعطى الفرصة لإثبات نفسها وإظهار قدرتها على الوفاء بالوعد الذي قطعته في بيانها الوزاري. فقد قالت إن الأولوية هي تحرير الأرض والدفاع عن الشعب. كما قالت إن هذا هو الدور الرئيسي للدولة. ومن الصحيح أنه لا معنى لسيادة الدولة دون القدرة على حماية الشعب والأرض. وثانياً، وعدت هذه الحكومة بإنقاذ الدولة وإصلاحها وإعادة بنائها، ونحن مستعدون تماماً للتعاون في كلتا القضيتين.
س: كيف ينظر الحزب إلى الدور الأميركي، وتحديداً إدارة ترامب ؟ المبعوث الأميركي (نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس) قالت إن حزب الله هُزم ويجب إبعاده عن الحكومة. ما هو موقفكم من هذه التصريحات ومن إدارة ترامب بشكل عام؟
فياض: هذه المواقف غير مسؤولة، وهي تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، فضلاً عن أنها لا تأخذ في الاعتبار الحساسيات والأسس الدقيقة التي يقوم عليها الاستقرار السياسي اللبناني، وهي تضغط على الدولة اللبنانية أكثر مما تستطيع أن تتحمل، وبالتالي لا تساعد في تحقيق الاستقرار والتعافي.
حزب الله هو التيار السياسي الأكثر شعبية في لبنان ولاعب سياسي بارز ويحظى بدعم شعبي واسع كمقاومة، والمواقف الأميركية تتجاهل إرادة شريحة كبيرة من الشعب اللبناني وكتلة نيابية تمثل حزب الله منتخبة ديمقراطياً، كما تبدو هذه المواقف أقرب إلى الدعاية الإعلامية منها إلى التوجه السياسي المسؤول تجاه الوضع في لبنان، لأن أورتاغوس اشترطت عدم تمثيل حزب الله في الحكومة، ولكن بينما كان المبعوث الأميركي يصدر هذا البيان في بعبدا كانت الحكومة تتشكل وحزب الله جزء منها، وبالتالي فإن حزب الله ممثل بوزيرين في الحكومة.
إن المواقف التي تصدر عن الإدارة الأميركية والطريقة التي يتعامل بها الأميركيون مع لبنان تتناقض مع الهدف الأميركي المعلن الذي يعبّر عن التزام راسخ بالاستقرار وإعادة بناء الدولة القوية في لبنان. إن حزب الله يدعو الحكومة والقوى الأخرى إلى مناقشة القضايا العالقة داخلياً عبر الحوار. إن المواقف الأميركية لا تسير في هذا الاتجاه بل إن نتيجتها النهائية ستكون الاقتتال الداخلي اللبناني. ونحن نخشى أن يكون الهدف الأميركي هو أن تكون هناك مواجهة بين الجيش اللبناني وحزب الله ومناصريه. وهذا أمر خطير جداً على لبنان ونحن لا نريده ونريد تجنبه. بل نريد أفضل العلاقات الممكنة مع الجيش اللبناني ونحن ندعم الجيش.
س: بما أنكم ذكرتم هذه النقطة، كيف تنظرون إلى الدعم الأميركي للجيش اللبناني؟
فياض: لم نعلن يوماً عن موقف رافض للمنح، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، لكننا كنا نؤكد دائماً على استقلالية المؤسسة العسكرية وعدم ارتهانها لأي قوة خارجية، وعدم ربط المساعدات الخارجية بشروط سياسية.
س: قال وفيق صفا (رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله) مؤخراً إن الأميركيين يحاولون دائماً الاتصال بالحزب ولقاء حزب الله بشكل مباشر، وهذا ما زال مستمراً، ما هو موقف الحزب من أي محاولات لإقامة اتصال مباشر مع الولايات المتحدة؟
فياض: على الصعيد الدولي، لدينا علاقات جيدة جداً مع عدد كبير من دول العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي. ولكن عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، وبسبب انحيازها الكامل لإسرائيل التي تحتل أراضنا وترتكب جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني، لدينا موقف سياسي يرفض إقامة أي شكل من أشكال الاتصال مع الإدارة الأميركية. ولكننا نفرّق أيضاً بين الإدارة الأميركية والمجتمع الأميركي، سواء مؤسسات إعلامية أو مؤسسات أكاديمية أو ناشطين أو مثقفين. ولا توجد أي مشكلة على الإطلاق في عقد مثل هذه اللقاءات غير الرسمية بين حزب الله وهذه الأطراف.
س: كثيرون يقولون إن حزب الله يشكل خطراً مشتركاً على إسرائيل والولايات المتحدة، ويعودون إلى هجمات ثكنات المارينز (1983)، ويتهمون حزب الله بالتورط في أنشطة إرهابية واستهداف الأميركيين. ولكن استناداً إلى ما أفهمه منك، فإن المشكلة الوحيدة بين الحزب والولايات المتحدة هي الدعم الأميركي لإسرائيل. هل هذا صحيح؟
فياض: ليس لدينا مشاكل ثنائية مع الأميركيين. الموقف من الأميركيين مرتبط أولاً وقبل كل شيء بالقضية الفلسطينية وهذا الانحياز (لإسرائيل) الذي يتجاهل حقوق الإنسان وقوانين الأمم المتحدة وحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وكمتابعة لهذه النقطة، فإن الدعم الأميركي المسلّح لإسرائيل التي استخدمت أسلحتها لتدمير 200 ألف منزل (لبناني) في الحرب الأخيرة، وقتلت الأمين العام (حسن نصر الله) بأسلحة لا تملكها سوى أميركا ـ قنابل تزن 2000 رطل، وقد اعترف الإسرائيليون بذلك. لقد أعاد الإسرائيليون تسليح أنفسهم مؤخراً بقنابل تزن 9000 رطل. هذا النوع من القنابل هو أثقل القنابل غير النووية في التاريخ. لذا فإن المشكلة مع الإدارة الأميركية هي هذه القضية أولاً وقبل كل شيء وثانياً هذا التدخل في شؤون المجتمعات والبلدان الأخرى، وممارسة الهيمنة غير العادلة على العلاقات الدولية. إذن لدينا مشكلتان، الأولى تتعلق بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي والتدخل في شؤوننا الداخلية، والثانية تتعلق بالنهج الأميركي تجاه النظام العالمي، وهو ما يتناقض تماماً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونقاط ويلسون الأربعة عشر، كما يتناقض مع كل المبادئ الدستورية والإنسانية التي أرساها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة.
س: كيف تردون على الاتهامات التي توجه لحزب الله بممارسة أنشطة ومخططات إرهابية في أماكن مثل قبرص وتايلند وأماكن بعيدة أخرى؟
فياض: حزب الله لا يمارس أي نشاط إرهابي سواء في لبنان أو خارجه، حزب الله يعمل علناً في لبنان لتحرير الأراضي المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي، وهذا الحق منصوص عليه في قوانين الأمم المتحدة وهو أحد المبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الأمم والمجتمعات البشرية، وثانياً، لدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا ضد الاعتداءات الإسرائيلية، هذه المجتمعات تدفع ثمناً باهظاً وتُقتل بالآلاف وتُدمر مؤسساتها ومنازلها، وهي أيضاً ضحية لأسلحة محرمة دولياً مثل استخدام الفوسفور الأبيض في جنوب لبنان، وإذا قارنا خسائر إسرائيل بتلك التي لحقت بنا، فإن هذه الخسائر تكاد لا تذكر.
س: ما مدى قوة الضربة التي تلقاها حزب الله نتيجة الأحداث في سوريا، وكيف تقيّمون تداعياتها على لبنان داخلياً وعلى مناصري حزب الله، لأننا شهدنا مواجهات على الحدود (بين لبنان وسوريا).
فياض: لا شك أن التحول السياسي الذي حصل في سوريا كان خسارة استراتيجية كبرى، ولا نستطيع أن ننكر ذلك. لم نكن ندعم النهج الذي اتبع في التعامل مع العلاقات المعقدة بين النظام السوري السابق والشعب السوري. نحن لا ندعم أي نوع من أنواع القمع والفساد أو الممارسات الطائفية.
س: إذن لماذا دعمتم النظام؟
فياض: علاقاتنا السابقة مع النظام مرتبطة بقضية محددة تتعلق بضرورة إيجاد التوازن مع إسرائيل في صراع إقليمي معقد، بحيث تحصل إسرائيل على كل أشكال الدعم الدولي، ومن أجل الحصول على عمق إقليمي. وكانت علاقاتنا مع النظام مرتبطة بشكل صارم بهذه الاعتبارات.
س: وفيما يتعلق بالمواجهات على الحدود؟
فياض: فيما يتعلق بالقيادة الجديدة في سوريا، نحن لا نبحث عن المشاكل ونتبع موقف الدولة اللبنانية الذي دعا إلى علاقات متوازنة بين البلدين، ولكننا نؤكد على أهمية حماية الأقليات واحترام الحريات وعدم وجود قيادة جديدة قمعية في سوريا. كما نراقب موقف القيادة الجديدة في سوريا تجاه إسرائيل، هذا الموقف محير ويثير الكثير من التساؤلات، حيث تسللت إسرائيل واحتلت الأراضي السورية دون أن تتخذ القيادة الجديدة أي موقف، وهذا أمر غريب من كل النواحي القانونية والسياسية، وهو أمر لا تجده في أي دولة أخرى.
المواجهات (على الحدود اللبنانية السورية) ارتبطت بالتهريب وعصابات التهريب، لكننا نعتقد أنها أكثر من ذلك، فهي تهدف إلى الضغط السياسي على لبنان، وما نريده هو أن تكون الحدود الشرقية الشمالية مستقرة.
المصدر: معهد responsible statecraft
الكاتب: Ali Rizk