يُعدّ الأدميرال براد كوبر شخصية عسكرية بارزة في بحرية الولايات المتحدة، وقد تدرج في الرتب والمناصب القيادية على مدى أكثر من ثلاثة عقود. بدأ خدمته بعد تخرجه من الأكاديمية البحرية الأمريكية عام 1989، وتخصص في الحرب السطحية، مما قاده إلى قيادة مجموعة متنوعة من السفن الحربية وتنفيذ عمليات بحرية في مناطق جغرافية متعددة تتسم بالتعقيد الأمني والجيوسياسي. يشغل حاليًا منصب نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، ومن المتوقع أن يتولى القيادة المركزية بدلاً من مايكل كوريلا في يونيو 2025 بعد ترشيحه من قبل الرئيس دونالد ترامب.
الحياة المبكرة والتعليم:
ولد كوبر عام 1967، وهو ابن لضابط في الجيش الأمريكي، مما منحه معرفة مبكرة بأسلوب الحياة العسكري وطبيعة التنقل بين القواعد. تخرج من مدرسة سيدني لانيير الثانوية في مونتغمري، ألاباما، قبل أن يلتحق بالأكاديمية البحرية الأمريكية، حيث حصل على درجة بكالوريوس في العلوم الاقتصادية عام 1989. لم تقتصر مسيرته التعليمية على الجانب العسكري؛ فقد حصل لاحقًا على درجة الماجستير في الاستخبارات الاستراتيجية من جامعة الاستخبارات الوطنية، ودرس سياسة الأمن القومي والعلاقات الدولية في جامعتي هارفارد وتفتس، كما أنه خريج كلية قيادة وأركان الجيش الأمريكي.
المسيرة البحرية والقيادات:
بصفته ضابطًا متخصصًا في الحرب السطحية، اكتسب كوبر خبرة واسعة في العمل على متن الطرادات والمدمّرات وحاملات الطائرات وسفن الهجوم البرمائي. شملت مهامه المبكرة العمل على متن السفينة يو إس إس توماس إس. غيتس، وتولّي منصب ضابط العمليات على متن السفينتين يو إس إس فيتزجيرالد ويو إس إس أنزيو، بالإضافة إلى عمله كضابط تنفيذي على متن السفينة يو إس إس فيكسبيرغ. كما شغل منصب مساعد قائد مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي. أيزنهاور. ومن أبرز المناصب القيادية التي تولّاها كانت قيادته للسفينة يو إس إس راسل (مدمّرة صواريخ موجهة) والسفينة يو إس إس جيتيسبيرغ (طراد صواريخ موجهة). تضمنت انتشاراته العملياتية المشاركة في:
- عملية عاصفة الصحراء1991.
- ثلاث عمليات لمكافحة المخدرات قبالة سواحل أمريكا الجنوبية.
- فرض منطقة حظر الطيران فوق البوسنة والهرسك 1993 والعمليات في مرحلة الاستعداد لحرب كوسوفو 1998.
- عمليات الهجرة الهايتية 2010.
- انتشارات في غرب المحيط الهادئ وغرب آسيا، بما في ذلك العمليات البرية خلال الحرب في أفغانستان بشكل متقطع بين العام 2001 و2018.
على الأرض، شغل كوبر أدوارًا تنفيذية ومساعدة خاصة في البيت الأبيض، ومكتب وزير الدفاع، ومقر القيادة الأمريكية لأفريقيا (AFRICOM)، ومقر الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ (PACFLT). كما عمل مساعدًا خاصًا لقائد القيادة الأمريكية لأفريقيا، ورئيسًا لقسم الإصلاح الاستراتيجي للشرطة الأفغانية وحرس الحدود، ومستشارًا أمريكيًا رئيسيًا لوزير داخلية أفغانستان.
بصفته أدميرالا، شغل كوبر عدة مناصب قيادية حساسة:
- رئيس الشؤون التشريعية: حيث قاد تواصل البحرية مع الكونغرس الأمريكي.
- قائد قوات السطح البحرية الأطلسية: أطلق مبادرات لتعزيز خدمات الصحة النفسية للبحارة وتحسين الجاهزية.
- قائد مجموعة الهجوم الاستكشافية السابعة في أوكيناوا، اليابان: حيث قاد أول انتشار لطائرات إف-35 تابع للجيش الأمريكي.
- قائد القوات البحرية الأمريكية في كوريا: كرم بحارته بوسام تقدير وحدة الرئاسة لجمهورية كوريا، وهو أول تقدير من نوعه لوحدة بحرية منذ الحرب الكورية، وحصل على اسم "غو تاي إيل" الكوري تكريمًا لخدمته.
- قائد القوات البحرية المركزية الأمريكية (NAVCENT) والأسطول الخامس الأمريكي والقوات البحرية المشتركة (CMF) (2021-2024): في البحرين، وسّع الشراكات البحرية متعددة الجنسيات بشكل كبير، وأسس أول قوة عمليات بحرية للطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي. قاد عمليات ميدانية متعددة لمواجهة النشاط الإيراني واليمني، بما في ذلك عمليتي "حارس الازدهار" 2023 و"بوسيدون آرتشر" 2025 في جنوب البحر الأحمر، حيث صرح في فبراير 2024 بأن الإجراءات ضد الحوثيين تمثل أكبر وأكثر عملية مكثفة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
- نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) فبراير 2024 - حتى الآن: تم ترشيحه لهذا المنصب في أبريل 2023.
الأوسمة والانواط:
يحمل كوبر مجموعة واسعة من الأوسمة والانواط، تعكس مسيرته المهنية الطويلة والمتنوعة، منها:
- شارة ضابط الحرب السطحية
- وسام الخدمة المتميزة للبحرية
- وسام الخدمة الدفاعية المتفوقة (مع عنقود بلوط برونزي)
- النجمة البرونزية (وسام قتالي)
- وسام الاستحقاق (مع ثلاث نجوم ذهبية)
- وسام الخدمة الجديرة بالتقدير (مع أربع نجوم)
- وسام تقدير الوحدة الرئاسية لجمهورية كوريا (مُكرم لوحدته)
- بالإضافة إلى العديد من أوسمة الخدمة والوحدة والتطوير.
العلاقة مع الكيان الصهيوني:
براد كوبر شخصية مألوفة لدى الأوساط العسكرية الإسرائيلية، ويُعتبر مقربًا من الكيان ومطلعًا جيدًا على الساحة. بعد انضمام الكيان إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية في يناير 2021، لعب كوبر دورًا مركزيًا في بناء أنظمة التعاون الجديدة بين الجيش الإسرائيلي والدول العربية المعتدلة، كجزء من الجهود الأمريكية لترسيخ الأمن الإقليمي ومواجهة النفوذ الإيراني.
زار كوبر الكيان عدة مرات، حيث التقى بكبار المسؤولين العسكريين، مثل نائب رئيس الأركان السابق أمير بارعام، وتجول في القواعد العسكرية، وشارك في إحاطات عملياتية. كان شريكًا في تقييمات استراتيجية مشتركة وتدريبات جوية، بما في ذلك التعاون مع طائرات F-35 الإسرائيلية وF-15 الأمريكية. كما كان متورطًا في مناقشات حول إنشاء رصيف مساعدات إنسانية في غزة (الفاشل)، والتنسيق لضمان تلبية الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية خلال حرب طوفان الاقصى ولا يزال.
موقفه من إيران:
يمكن تلخيص مواقف الأدميرال براد كوبر من إيران كما يلي:
- التركيز على مكافحة الأنشطة المدعومة من إيران: خلال فترة قيادته للقوات البحرية المركزية الأمريكية (NAVCENT)، والأسطول الخامس الأمريكي، والقوات البحرية المشتركة (CMF) من العام 2021 إلى 2024، كان جزء كبير من تركيزه هو مواجهة "الأنشطة الإيرانية اليمنية في جميع أنحاء غرب آسيا". هذا يشمل عمليات الأمن البحري في مناطق حيوية مثل الخليج والبحر العربي والبحر الأحمر.
- الإقرار بالدعم الإيراني لليمن: في برنامج "60 دقيقة"، ذكر الأدميرال براد كوبر بشكل صريح أن اليمنيين يتم "تزويدهم من قبل الإيرانيين، ويتلقون المشورة من الإيرانيين، ويتم تدريبهم من قبل الإيرانيين". [كما ذكرت صحيفة اسرائيل هيوم]. والأهم من ذلك، أشار إلى أنهم "يتلقون معلومات موجهة عن السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر" من الإيرانيين. هذا يوضح موقفه الذي يحمّل إيران مسؤولية مباشرة عن هجمات اليمن والهروب من الفشل في البحر الاحمر باتهام إيران بهذه التهم.
- موقعه كنائب قائد القيادة المركزية الأمريكية: في منصبه الحالي كنائب قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، يقع العراق وإيران ضمن منطقة مسؤوليته العملياتية. القيادة المركزية الأمريكية مسؤولة عن مواجهة النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة من خلال استراتيجيات مختلفة.
بشكل عام، تُظهر المعلومات المتاحة أن الأدميرال براد كوبر يرى: "إيران كقوة مؤثرة ومسؤولة عن دعم وكلاء يهددون الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وخاصة في المجال البحري، وأن جزءًا أساسيًا من مهامه السابقة والحالية يتضمن مواجهة هذه التهديدات المدعومة من إيران". لم تذكر النصوص المقدمة موقفه المحدد بخصوص مهاجمة إيران بشكل مباشر، ولكنها أبرزت ربطه بين الأنشطة الإيرانية وهجمات الوكلاء.
الثغرات والفراغات والإخفاقات في مسيرة خدمة كوبر:
تُظهر السيرة الذاتية الرسمية والمقالات الإخبارية، بطبيعتها، جانبًا إيجابًيا لمسيرة "كوبر" المهنية، حيث تركز على الإنجازات والترقيات والأدوار القيادية. ومع ذلك، يمكن استخلاص بعض الثغرات والفراغات أو التحديات المستمرة التي لا يُسلط الضوء عليها كـ "إخفاقات" شخصية بالضرورة، ولكنها تمثل نقاطًا غامضة أو تحديات استراتيجية في سياق مهام كوبر:
- فعالية الأدوار في أفغانستان: شغل كوبر مناصب حساسة في أفغانستان كمستشار أول لوزير الداخلية ورئيس قسم إصلاح الشرطة وحرس الحدود الأفغانية. ومع ذلك، فإن المعلومات المتاحة لا تتناول بشكل مباشر فعالية هذه الجهود أو نتائجها طويلة المدى، خاصةً في ضوء الانهيار اللاحق للحكومة الأفغانية وانسحاب القوات الأمريكية. هذا يمثل فراغًا في تقييم تأثيره الفعلي في هذه المهمة المعقدة.
- التحديات المستمرة في البحر الأحمر: على الرغم من قيادته لعمليات بحرية كبيرة مثل "حارس الازدهار" بهدف حماية الملاحة البحرية من هجمات اليمنيين، فإن التهديد اليمني لم يتوقف بشكل كامل، واستمرت الهجمات، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة في حركة الشحن وإعادة توجيه السفن المرتبطة بـ "إسرائيل" ولاحقًا بأمريكا وبريطانيا. إقراره بأنها "أكبر وأكثر عملية مكثفة للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية" يشير إلى أن التحدي لم يُحل بعد، وأن الهدف الاستراتيجي المتمثل في الردع الكامل والاستقرار في البحر الأحمر لا يزال بعيد المنال، ولا يمكن اعتباره نجاحًا حاسمًا تحت قيادته المباشرة، بل تحديًا مستمرًا.
- ديناميكيات القيادة والقرارات الصعبة داخليًا: السيرة الذاتية تصف كوبر بأنه "رئيس محبوب" يحرص على الإشادة بفريقه. هذه الصفات، وإن كانت إيجابية، لا توفر رؤية عميقة لكيفية تعامله مع الضغوط الكبيرة، أو اتخاذ القرارات الصعبة، أو إدارة الخلافات الداخلية، أو الفشل في تحقيق أهداف معينة على المستوى التشغيلي الداخلي إن وجدت. المعلومات المتاحة لا تسمح بتحليل نقاط الضعف المحتملة في أسلوب قيادته أو قدرته على التكيف مع التحديات غير المتوقعة.
- تأثير العوامل السياسية على المسيرة المهنية: ترشيحه لمنصب قائد القيادة المركزية الأمريكية يأتي في سياق سياسي معقد، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن اختياره قد يكون متأثرًا بعوامل سياسية تتعلق بإدارة ترامب ورغبتها في تغيير كبار المسؤولين الذين عينتهم الإدارة السابقة، بدلاً من أن يكون اختيارًا مبنيًا حصرًا على الكفاءة العسكرية مقارنة بمرشحين آخرين. هذا الجانب، وإن لم يكن "إخفاقاً" شخصياً لكوبر، يسلط الضوء على أن مساره المهني، مثل العديد من القيادات العسكرية العليا، يتأثر بالديناميكيات السياسية بالإضافة إلى الكفاءة العسكرية.
- تفاصيل عمليات محددة ونتائجها النهائية: تُقدم السيرة قائمة بعمليات وانتشارات (مثل عملية حظر الطيران فوق البوسنة والهرسك، عمليات الهجرة الهايتية، مكافحة المخدرات). لكنها لا تخوض في تفاصيل حول مدى النجاح التشغيلي الدقيق لكل منها، أو التحديات غير المتوقعة التي واجهها، أو ما إذا كانت هناك أهداف لم يتم تحقيقها بالكامل في أي من هذه العمليات. هذا النقص في التفاصيل يترك فراغات في فهم الصورة الكاملة لأداء كوبر العملياتي.
ختاماً: يُمثل الأدميرال براد كوبر شخصية عسكرية رفيعة المستوى ذات خبرة واسعة في العمليات البحرية والاستراتيجية والتعاون الدولي. مسيرته المهنية تشير إلى قدرة كبيرة على القيادة والتكيف في بيئات معقدة. ومع ذلك، فإن الطبيعة العامة للمعلومات المتاحة لا تسمح بالخوض في تفاصيل التحديات الداخلية أو الإخفاقات التشغيلية، أو تقييم مدى فعالية بعض مهامه في سياقات سياسية معقدة والتي انتهت بالفشل (مثل أفغانستان) أو مواجهة تهديدات مستمرة (مثل اليمن).