مع دخول العدوان الإسرائيلي الأمريكي على الجمهورية الإسلامية في إيران يومه التاسع، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في الـ 21 من حزيران / يونيو من العام 2025، عن اغتيال الشهيد القائد محمد سعيد إيزدي، واصفاً إياه بأنه "قائد فيلق فلسطين التابع لقوة القدس في الحرس الثوري"، وبأنه "الذي قاد في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأشهر التي سبقت الحملة على إيران، خطة تدمير إسرائيل عبر غارة برية من عدة مواقع في وقت واحد".
وأشار كاتس بأن القائد إيزدي هو "القائد الأعلى في الحرس الثوري الذي كان على اتصال بحماس في غزة وحركة الجهاد الإسلامي، حيث موّلهما وسلّحهما استعدادًا لـ 7 أكتوبر"، وأن "هذه العملية إنجاز عظيم لجيشنا واستخباراتنا العسكرية، وهي تحقيق للعدالة للضحايا والرهائن. ستطال يد إسرائيل الطويلة جميع أعدائها"، موضحاً بأن عملية الاغتيال تمت في شقة بمدينة قم المقدسة. وجاء في بيان كاتس أيضاً أن "إيزدي لم يكن مسؤولاً فقط عن تمويل وتهريب الأسلحة إلى هذه الجماعات في غزة والضفة الغربية، بل كان أيضاً مسؤولاً عن التنسيق الإقليمي بين الجماعات الفلسطينية وحزب الله اللبناني وحكومة بشار الأسد السابقة".
وبعيداً عن التصريحات الإسرائيلية حول الاغتيال، فإن القائد محمد سعيد أيزدي المعروف بلقب "الحاج رمضان"، هو من أبرز قادة حرس الثورة الإسلامية الذين تولوا ملف فلسطين والعلاقات مع حركات وفصائل المقاومة الفلسطينية، طوال عقود من زمن الصراع مع الكيان المؤقت. وبحسب مذكرات بعض قادة المقاومة الفلسطينية، كان الحاج رمضان على تواصل مع المقاومة منذ قضية المبعدين الى مرج الزهور في كانون الأول / ديسمبر من العام 1992، ومن ذلك الوقت بنيت علاقة وثيقة، هدفها الأول والوحيد "المقاومة حتى إزالة إسرائيل من الوجود".
فما هي أبرز المحطات في مسيرة وحياة الحاج رمضان؟
_يُتداول بأنه من مواليد العام 1964، لعائلة متدينة من محافظة قم. وأنه حصل على بكالوريوس في الهندسة الإلكترونية من جامعة خواجة نصير الدين الطوسي بطهران.
_بحسب مصادر إعلامية أجنبية، ترأس الحاج رمضان "فرع فلسطين" في فيلق القدس منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأن هذا الفرع قدمت إيران من خلاله التمويل والأسلحة والتدريب لحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وفصائل فلسطينية أخرى.
ففي مقال نشره موقع "Dispatch" الأمريكي في 11/11/2023، أي بعد أيام من عملية طوفان الأقصى، تم وصف القائد أيزدي بأنه " الرجل الذي ساهم في بناء محور المقاومة". وأضاف المقال بأن الحاج رمضان هو الذي خطط لهجوم صاروخي انطلاقاً من سوريا ضد اسرائيل "بواسطة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية"، وأن هذا الهجوم وصفه الصحفي الإسرائيلي رون بن يشاي بـ "المرة الأولى التي يشارك فيها مسؤول كبير في الحرس الثوري بشكل مباشر في بدء وتوجيه عمل ضد إسرائيل".
_نشر معهد "تراث الاستخبارات الإسرائيلي" تقريراً عنه في 03/02/2025، ذكر فيه بأن الحاج رمضان:
1)انضم إلى حرس الثورة الإسلامية خلال الحرب العراقية الإيرانية، وخدم في البداية في فرع الاستخبارات التابع له.
2)أكمل تدريب الضباط في الأكاديمية العسكرية للحرس الثوري الإيراني.
3)في التسعينيات، "عُيّن في ساحات عمليات خارج إيران، بما في ذلك لبنان، حيث عمل مع حزب الله على تطوير البنية التحتية للصواريخ، والسودان، الذي كان بمثابة ممر لتهريب الأسلحة إلى الشرق الأوسط".
4)وفقًا لتقييمات استخباراتية، عُيّن "حوالي عام 2014 رئيسًا "لفرع فلسطين"، وهو فرع فيلق القدس مسؤول عن العمليات في الساحة الإسرائيلية الفلسطينية. في هذا المنصب، أشرف على تحويل عشرات الملايين من الدولارات سنويًا إلى حماس، ودرب خلايا تصنيع الصواريخ في قطاع غزة، وطوّر شبكات تهريب الأسلحة عبر شرق إفريقيا وسوريا ولبنان".
5)كان شخصية رئيسية في "تخطيط وتمويل الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل عام 2023. وزعمت مصادر إسرائيلية أن فرقته حوّلت ما يقرب من 100 مليون دولار إلى حماس بين عامي 2021 و2023، وزودتهم بصواريخ مضادة للدبابات وطائرات مسيرة انتحارية".
_ في كتاب "قبس من نور المسيرة – الشيخ بسام السعدي يتذكر"، ذُكر الحاج رمضان مرات عديدة بصفة "مسؤول الحرس الثوري في لبنان"، وخاصةً عندما وصل بعد أيام قليلة على إبعاد قادة المقاومة الفلسطينية الى منطقة مرج الزهور شتاء العام 1992، في وفد يمثل حرس الثورة الإسلامية. وأضاف الشيخ السعدي بأن الحاج رمضان أبلغ المبعدين يومها "أن الإمام الخامنئي قد أوصى بدعم كامل لهم، وخدمتهم حتى العودة إلى وطنهم".
_في العام 2024، سرت شائعات مصدرها الكيان مرات عديدة، عن استشهاده في أعقاب الاعتداءات الإسرائيلية:
1)بعد العدوان على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق (بعدها بإيام تم تداول صورة له خلال تواجده في لقاء قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي مع مجموعة من مسؤولي الجمهورية الإسلامية).
2)بعد عملية اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت.
3)بعد عملية اغتيال سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله.
ولكن في كل مرة كان يتبيّن كذب الادعاءات والمزاعم الإسرائيلية.
_وصفته العديد من المواقع الإيرانية بأنه "أقدم جنرالات الحرس الثوري في لبنان"، وبأنه صلة الاتصال بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع الإمام الخامنئي، وأنه "المسؤول عن سلسلة توريد الأسلحة لحزب الله في لبنان".
_ في نيسان / أبريل 2025، نشر مركز "ألما" الإسرائيلي للأبحاث والدراسات الأمنية تقريراً زعم فيه وجود "وحدة 3900" التي هي تشكيل مشترك يضم "عناصر من حزب الله وفرع فلسطين التابع لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ويقودها محمد سعيد إيزدي المعروف باسم "حاج رمضان". مضيفاً بأن المهمة الأساسية لهذه الوحدة هي "التعاون مع الجماعات المسلحة الفلسطينية لتنفيذ عمليات ضد أهداف ومصالح إسرائيلية على مستوى العالم، عبر تقديم دعم مالي، تدريب فني، وتأمين معدات".
_ في العام 2018، وصفه السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بأنه "قائد تعزيز العلاقات بين حماس وحزب الله، اللذين يشكلان جوهر "محور المقاومة" الإيراني". وفي العام التالي، ادّعى السفير الإسرائيلي أمام مجلس الأمن الدولي أنه "بمساعدة صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وسعيد إيزادي، رئيس الفرع الفلسطيني لفيلق القدس الإيراني، تحاول إيران تحويل يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) إلى جبهة عسكرية رابعة ضد إسرائيل".
_فرضت وزارة الخزانة الأمريكية "العقوبات" عليه في العام 2019 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 لما يُسمى بمكافحة الإرهاب.
_ وفقاً لبيان جيش الاحتلال حول عملية الاغتيال: "خلال الحرب، تولى مسؤولية تشغيل عناصر حماس من الأراضي اللبنانية وفقًا لمصالح النظام الإيراني في المنطقة. ومنذ ذلك الحين كرّس وقته لإعادة بناء الجناح العسكري لحماس وضمان بقاء التنظيم كقوة حاكمة في قطاع غزة حيث كان إيزادي معروفًا جيدًا في دوائر النظام الإيراني كخبير في الشأن الفلسطيني.
ويُعدّ ايزادي من المؤسسين والمروّجين الرئيسيين للخطة العملية للنظام الإيراني الهادفة لتدمير إسرائيل، وهي الخطة التي كُشف عنها في الساعات الأولى من عملية الأسد الصاعد".
الكاتب: غرفة التحرير