تخوض دول فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، الدول المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، حراكاً دبلوماسياً نشطاً من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي على إيران، وتجنيب منطقة الشرق الأوسط سيناريوهات أسوء منها توسّع الحرب واشتعال المنطقة بشكل كامل، في ظل أسئلة بدأت تطفو على السطح حول مدى جدوى تلك المساعي في إيقاف حرب تصعيدية، يعتبر أي حل سياسي فيها في الوقت الحالي سابق لأوانه، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه منح مهلة أسبوعين من أجل اتخاذ القرار بشأن المشاركة في مهاجمة إيران.
من الواضح أن الدعوة لاجتماع جنيف التي عقدت نهار أمس، بين وزير خارجية الجمهورية الإسلامية، عباس عرقجي، ووزراء خارجية الترويكا الأوروبية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لم تكن مبنية على نوايا أوروبية متمايزة عن الولايات المتحدة، أي تفعيل مساعي أوروبية لبناء جسر مع إيران منفصل عن خط المواجهة الأميركيّة الإسرائيلية معها، بل استجابة لحاجة أميركيّة بفتح خط دبلوماسي مع طهران، لأن واشنطن تحتاج هذا المسار، طالما أن الثلاثي الأوروبي يلتزم بالتنسيق مع الولايات المتحدة في مضمون العروض التفاوضيّة، ولا يُعطي وعوداً والتزامات لإيران مرفوضة أميركياً.
في هذا السياق، أكّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في جنيف، أنّ "القدرات الدفاعية الإيرانية ليست محلّ تفاوض"، مشدّداً على أنّ "إيران ستواصل ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن النفس".
في هذا الإطار، نقل موقع أكسيوس عـن دبلوماسيين بأن "محادثات جنيف وصفت بأنها أولية والأطراف اتفقت على الاجتماع مرة أخرى الأسبوع المقبل". معتبرين بأن "الإيرانيون بدوا أكثر انفتاحاً بجنيف لبحث القيود على برنامجهم النووي وقضايا أخرى غير نووية". ونقلت المصادر بأن "عراقجي أكد للأوروبيين استعداد إيران لتقييد تخصيب اليورانيوم كما في اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن". وهو موقف الجمهورية الإسلامية الثابت منذ بداية المفاوضات الأميركية الإيرانية، التي تم تجميدها إيرانياً بسبب العدوان الإسرائيلي.
ونقلت شـبـكـة CBS عـن دبلوماسيين بأن "للدبلوماسية فرصة أخيرة الأسبوعين المقبلين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الإيراني". وهي المدة التي حددها ترامب من أجل اتخاذ القرار بشأن المشاركة في مهاجمة إيران، كما أسلفنا. ولم يقتصر الحراك الدبلوماسي على الترويكا الأوروبية فعرضت تركيا وعمان ودول أوروبية أخرى استضافة محادثات مباشرة أو غير مباشرة بين واشنطن وطهران، لحل النزاع المتصاعد.
وأضافت الشبكة (CBS)، بأن هناك محادثات سرية بشأن ثلاث قضايا تخص طهران، أولاً، من سيقود إيران لاحقاً، وثانياً، بشأن إمكانية تأمين المواقع والمواد النووية في إيران، وثالثاً، بشأن التداعيات المحتملة على الحلفاء عند ضرب منشآت نووية إيرانية.
وفي سياق متصل يتعلق برئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، قال نائب الرئيس الأميركي لشبكة فوكس نيوز، بأن ترامب هو من سيتخذ القرار النهائي بشأن إيران، وسيسعى لحل دبلوماسي إلى أن يقتنع بأنه لم يعد هناك فرصة، بالإضافة إلى أنه سيفعل ما يلزم لإنهاء البرنامج النووي الإيراني، وأعتقد نائب الرئيس، بأن الوقت بدأ ينفد أمام الحلول الدبلوماسية.
لا يبدو أن المسار الدبلوماسي الحالي سيؤدي إلى نتيجة فورية، لكنه يؤسس لأرضية سياسية، تفتح مساراً لإنهاء حرب تبدو طويلة، أو قد تفرمل اتساع الحرب، وتنزع فتيل دخول الشرق الأوسط في حرب واسعة، ووفق مصادر مطلعة لموقع الخنادق، قوى محور المقاومة من العراق واليمن وصولاً الى لبنان وغيرها، لن تقف على الحياد، وتعتبر الحرب الدائرة حرباً وجودية، وترفع جهوزيتها القتالية وتتحضر لخوض الحرب مع الولايات المتحدة، في حال شاركت بشكل مباشرة في العدوان الاسرائيلي على إيران.
الكاتب: غرفة التحرير