منذ انطلاق المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، تعيش “إسرائيل” عاصفة من النقاشات؛ فبينما يرى فريق أنّ من الأفضل ترك الملف النووي الإيراني للولايات المتحدة والاكتفاء بمطالبة واشنطن بمراعاة المطالب الإسرائيلية خلال المفاوضات وإجبار إيران على تقديم تنازلات أوسع، يعتقد آخرون أنّ على "إسرائيل" الاكتفاء بلعب دور "سوط التهديد" لدعم موقف واشنطن التفاوضي. في المقابل، يطالب تيار ثالث بتنفيذ ضربة عسكرية على الفور ضدّ البرنامج النووي الإيراني. وقد حسمت "إسرائيل" هذا الجدل بتنفيذها ضربة عسكرية على إيران تحت مسمى "الأسد الصاعد"، في 13/6/2025.
جاءت العملية بعد جهود ديبلوماسية إسرائيلية قادها نتنياهو لإقناع واشنطن برفض أي اتفاق يسمح لإيران بالاحتفاظ بأي مستوى من تخصيب اليورانيوم، وهو ما تبلور في الموقف الأمريكي خلال المحادثات، بعد إشراك وفد إسرائيلي رفيع المستوى في تفاصيلها، يضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع، بتبنّي إدارة ترامب "الخط الأحمر الإسرائيلي" المطالب بتخصيب صفري لليورانيوم الإيراني.
وقد حظيت العملية العسكرية بدعم كامل من المعارضة الإسرائيلية، في حين تشير تقديرات من داخل الائتلاف الحكومي إلى أن نتنياهو قد يوظف نتائج العملية لتعزيز موقعه السياسي، وقد يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وتشير الورقة المرفقة أدناه، إلى أنّ أبرز محددات الموقف الإسرائيلي من البرنامج النووي الإيراني تتمثَّل في سعي "إسرائيل" إلى الحفاظ على احتكار السلاح النووي في الشرق الأوسط، ومنع إيران وأي دولة أخرى من الحصول عليه. وقد بات احتكار "إسرائيل" السلاح النووي جزءاً من نظرية الأمن القومي الإسرائيلي، وهو أحد أهم العوامل المؤثِّرة في تعزيز سياسة الاستقواء وبسط النفوذ والتوسع والعدوانية التي تتّبعها "إسرائيل" في المنطقة، ويُسهم في الحفاظ على مكانتها بصفتها أقوى دولة إقليمية في المنطقة. كما تنظر "إسرائيل" لإيران بوصفها عدواً استراتيجياً، وترى برنامجها النووي بمثابة "تهديد وجودي" لبقائها، وتخشى أنّه في حال امتلكت إيران السلاح النووي أن تستخدمه ضدها بصورة مباشرة.
وفي ختام الورقة، طرح الكاتب تساؤلات حول مستقبل السياسة الإسرائيلية تجاه إيران، متسائلاً عمّا إذا كانت "إسرائيل" تعتزم فعلاً التدخل في كل مرة تحاول فيها إيران إعادة نشر منصة إطلاق صواريخ في إحدى القواعد داخل أراضيها؟ وهل ستقوم بعمل عسكري ضدّ كل محاولة إيرانية لإعادة تأهيل منشآت التخصيب، أو التقدم نحو إنتاج سلاح نووي؟
ويرى الكاتب أنّ الولايات المتحدة و"إسرائيل" تتشاركان في هذه المرحلة الرؤية بشأن ضرورة كبح جماح إيران، إلا أنّ الشك يظل قائماً حول استمرار هذا التنسيق الوثيق في المدى البعيد، وحول ما إذا كانت المواقف الأمريكية إزاء حرية العمل الإسرائيلي في إيران ستبقى على حالها، في ظلّ احتمال حدوث تغيرات سياسية في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة، أو تبدّل في أولوياتها على الساحة الدولية.
لتحميل الدراسة من هنا
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
الكاتب: أ. سامح سنجر