الأربعاء 20 آب , 2025 03:54

حزب الله ونزع السلاح: بين معضلة الداخل وتوازنات الإقليم

خريطة لبنان وسلاح حزب الله والجيش اللبناني

تحتل قضية نزع سلاح حزب الله مساحة واسعة من النقاشات في الأوساط السياسية والإعلامية، لما لها من انعكاسات تتجاوز الداخل اللبناني إلى الإقليم بأسره. وتذهب بعض التحليلات إلى أن المسألة ليست مجرد قرار داخلي بل "تحوّل جوهري ينهي الوضع الاستثنائي للحزب منذ نهاية الحرب الأهلية، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام فراغ أمني يعجز الجيش اللبناني عن ملئه"، الأمر الذي يثير المخاوف من انهيار الاستقرار الداخلي. في هذا التقرير، أبرز التحليلات الصينية حول مسألة نزع سلاح حزب الله.

في مقال، للباحثة المساعدة في المعهد الصيني للدراسات الدولية ورد أن "امتلاك حزب الله اللبناني لقوة مسلّحة لا يُعدّ فقط السمة الأبرز التي تميّزه عن باقي القوى السياسية في لبنان، بل يمثل أيضاً أساس وجوده"، وهو ما يجعل مسألة نزع السلاح ضربًا من التعقيد، خصوصًا مع هشاشة الحكومة اللبنانية وضعف قدرات الجيش.

صحيفة أخرى عنونت "إسرائيل وإيران في خلاف متجدد. هل تندلع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟" أشارت بوضوح إلى أن "السبب الرئيسي الذي يجعل مطالبة الحكومة اللبنانية الحالية بنزع سلاح فصائل المقاومة الكبرى قد يقود إلى اندلاع حرب أهلية، يعود في الأساس إلى ضعف الحكومة نفسها"، مضيفة أن الجيش اللبناني "لا يملك القدرة على مواجهة حزب الله عسكريًا"، فضلًا عن وجود أفراد داخله يتعاطفون مع المقاومة.

أما عن السياق السياسي، فقد لفتت مقالة بعنوان "توتر متصاعد! رئيس لبنان يطالب حزب الله بتسليم السلاح" إلى أن الرئيس اللبناني اختار يوم الجيش لإطلاق دعوته لتسليم السلاح، وهو اختيار لم يكن بريئًا، إذ "جعل خطابه الجو الرسمي للاحتفال مشحوناً بالعاطفة على الفور"، في محاولة لربط مطلبه برمز الوحدة الوطنية. لكن المعطيات الاقتصادية والعسكرية لا تمنح لبنان هامشًا واسعًا، إذ إن "الميزانية العسكرية للبنان لا تتجاوز 1/18 من ميزانية إسرائيل، ما يشكّل تهديدًا خطيرًا لأمن الدولة".

وتذهب تحليلات أخرى إلى أن الضغوط الغربية ليست في جوهرها لضمان استقرار لبنان، بل لحماية أمن إسرائيل، حيث جاء في أحد التقارير أن الحكومة اللبنانية المدعومة أمريكيًا–فرنسيًا طلبت "من جميع القوى في البلاد تسليم أو تدمير أي أسلحة استراتيجية أو متوسطة المدى قد تُشكّل تهديدًا لأمن إسرائيل"، وهو ما يعني عمليًا استهداف حزب الله بالدرجة الأولى.

في السياق نفسه، لفتت بعض المقالات إلى أن "الهجوم الإسرائيلي باستخدام أجهزة النداء ألحق أضرارًا جسيمة بحزب الله… إلا أن الحزب سرعان ما أعاد تنظيم صفوفه واستأنف الهجمات ضد إسرائيل"، ما يعكس مرونة الحزب رغم الخسائر. كما حذرت من أن أي محاولة لفرض نزع السلاح بالقوة "ستجعل تدخل الجيش الإسرائيلي أمرًا حتميًا، ما يعني تجدّد المواجهة".

من جهة أخرى، توقفت تقارير عديدة عند البعد القانوني والسياسي، معتبرة أن تصنيف الحزب على لوائح الإرهاب الغربية يوفّر غطاءً لإسرائيل لارتكاب انتهاكات، إذ "يطمس الفارق الجوهري الذي يميّز بين المقاتلين وغير المقاتلين في القانون الدولي، الأمر الذي يسمح لإسرائيل بالإفلات من العقاب".

في النهاية، تلتقي معظم التحليلات عند قناعة مفادها أن نزع سلاح حزب الله لا يمكن النظر إليه كمسألة لبنانية صِرفة، بل هو جزء من صراع استراتيجي أشمل، يرتبط بالتصعيد في غزة والاستعدادات لمواجهة محتملة مع إيران. وبالتالي فإن لبنان، وسط هذا المشهد، يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: الانصياع لضغوط خارجية تهدّد أمنه الداخلي، أو التمسك بالمعادلة القائمة بما تحمله من مخاطر مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور