الجمعة 29 تشرين أول , 2021 03:27

"الأمعاء الخاوية" تنتزع كرامة الاسرى!

معركة الأمعاء الخاوية

 يستمر 7 أسرى فلسطينيين في الاعتقال الإداري في معركة "الأمعاء الخاوية"، وبعضهم تجاوز الـ 100 يوم وسط حالة صحية دقّت ناقوس الخطر، بهدف انتزاع حرّيتهم ووقف اعتقالهم التعسفي دون تهمة.

وتعتبر هذه المعركة سلاحاً للأسرى كما للأسيرات ضد كيان الاحتلال وإجراءاته الوحشية والاجرامية، إذ لتاريخ الحركة الأسيرة، الكثير من معارك الاضراب المفتوح عن الطعام التي أجبرت الاحتلال على النزول عند مطالبها، والتي شكلّت نقلات أساسية في حياة وظروف الأسرى داخل السجون.  

أولى الإضرابات

وجرت أول تجربة فلسطينية لخوض الإضراب عن الطعام في السجون، في سجن "نابلس" أوائل عام 1968، حيث استمر لمدة ثلاثة أيام؛ احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي كان الاسرى يتعرضون لها على يد الجنود الإسرائيليين، وللمطالبة بـ "تحسين أوضاعهم" وخاصة من الناحية الإنسانية.

ويُذكر إضراب السجينات الفلسطينيات في سجن "نفي ترستا" بتاريخ 28/4/1970، واستمر تسعة أيام. وقد تعرضن جراء الإضراب للإهانة والعقوبات منها العزل في زنازين انفرادية، لكنهنّ استطعن التوصّل الى تحسين التهوية وزيادة وقت الفورة وإدخال عبر الصليب بعض الحاجات الخاصة بالنساء.

إضراب سجن "نفحة": نقلة نوعية في ظروف الاسرى

كان إضراب سجن "نفحة" في 14/7/1980 الذي دام 32 يوماً، وأنشأه الاحتلال لعزل الكادر التنظيمي عن الحركة الأسيرة، التي تمكنت من بناء نفسها والنهوض بواقع. وتم جمع الأسرى البارزين فيه في ظروف قاسية للغاية، من حيث الطعام الفاسد والمليء بالأتربة، والزج بأعداد كبيرة في كل غرفة تفتقد الى الهواء.

فدخل الاسرى معركة الأمعاء الخاوية، واستخدم الاحتلال أسلوب "التغذية القسرية" لكسر إضرابهم بالإضافة الى تعريضهم لأنواع التعذيب بهدف الضغط عليهم، ما أدى لاستشهاد أسيران. وبعدها وقد حظي هذا الإضراب بتغطية إعلامية واسعة خاصة بعد وفاة الأسرى، كما حظي بحركة تضامنية وإسناد شعبي واسع من قبل ذوي الأسرى ومن الشعب الفلسطيني عامة، وقد أحدث هذا الإضراب نقلة نوعية في شروط حياة الأسرى في سجون الاحتلال وإن لم تكن كافية، حيث عالج الاحتلال الإجراءات السابقة، وبدأ يدخل الأسرّة الى الغرف.

إضراب المعتقلين إدارياً

في الرابع والعشرين من نيسان عام 2014 بدأ نحو 120 معتقلاً فلسطينياً إدارياً في سجون "مجدو"، "عوفر" و"النقب"، الإضراب المفتوح عن الطعام، احتجاجاً على استمرار اعتقالهم الإداري دون تهمة أو محاكمة، ومطالبين بإلغاء سياسة الاعتقال الإداري.  وانضم إليهم في أوقات لاحقة العشرات من الأسرى كخطوة تضامنية حتى تجاوز عدد المضربين عن الطعام 220 أسيرًا.

حاولت مصلحة السجون منذ البداية كسر الإضراب بالقوة، ولكنها لم تستطع النيل من إرادتهم وبعد 63 يومًا علق الأسرى الإداريون إضرابهم وسط تحقيق بعض من مطالبهم.

 إضراب "الحرية والكرامة"

في نيسان من العام2017، خاض الاسرى أكبر وأهم معركة جماعية للأمعاء الخاوية ضد الاحتلال ومصلحة سجونه، ليس فقط من حيث عدد الاسرى الذي بلغ 1500 من مختلف السجون، انما أيضاً أنهم استطاعوا نزع قائمة طويلة من المطالب وأجبروا الاحتلال على الالتزام بها، فبعد 40 يوماً من الاضراب الجماعي عن الطعام، اضطر كيان الاحلال لـ:

_ ورفع العقوبات التي كانت قد فرضت على الاسرى بداية الإضراب
_ توسيع أرضية ومعايير الاتصال الهاتفي مع الأهل

_ عودة زيارة الاهل، والسماح لأكثر من 40 طفلاً من رؤية آباءهم

_ إيجاد حلول حول مسألة زيارة الأقارب من الدرجة الثانية، مثل: السماح بإدخال أبناء الأخت.    

_ إنشاء زاوية طعام في كل الأقسام الأمنية، تكون لائقة لإعداد الطعام؛ ويتم فيها وضع وسائل للطبخ، بدل أن توضع بالغرف نفسها.

_ إدخال تعديل جذري على نظام "الكنتينا" يتعلق بنوعية الأشياء المتوفرة والأسعار وإدخال خضار مثل الملوخية والبهارات بكافة أشكالها.

_ حل مشكلة الاكتظاظ في أقسام الأسرى، وحل مشكلة ارتفاع درجة الحرارة عبر وضع نظام للتهوية والتبريد.

_ إدخال أجهزة رياضية حديثة في ساحات الفورة

_ حل موضوع الأسيرات بكافة فروعه، وتحديدًا مسألة جمع الأسيرات في سجن "الشارون"، وموضوع الزيارات الخاص بأزواجهن وأبنائهن وإدخال متعلقات بالأشغال اليدوية، وتحسين شروط اعتقالهن، ووضع نظام خاص لتنقلاتهن من وإلى المحاكم.

وكانت خلال فترة الاضراب تجري مباحثات ومفاوضات بالوساطة مع مصلحة سجون الاحتلال لاتمام الاستجابة لكل المطالب.

إضراب "الكرامة 2"

دخل حوالي 150 أسيرً في 8 نيسان 2019 إضراباً مفتوحاً عن الطعام وحتى عن الماء، في سجني "ريمون" و"النقب"، في معركة أطلقوا عليها اسم "معركة الكرامة 2"، وانضمت إليهم خلال الأيام اللاحقة دفعات متتالية من الأسرى من مختلف السجون، وذلك بعد فشل جلسات الحوار بين إدارة سجون الاحتلال وممثلي الفصائل وتنظيمات الحركة الأسيرة. وحملت المعركة مطالب عديدة كان أهمها: إزالة أجهزة التشويش، وإعادة زيارات أهالي أسرى قطاع غزة، وتركيب أجهزة تلفونات عمومية بين أقسام السجون وإنهاء عزل بعض الأسرى ووقف عمليات الاقتحام والتنكيل والإهمال الطبي بحقهم.

إضراب أسرى الجهاد الإسلامي

وقد خاض 250 أسيراً من  حركة الجهاد الإسلامي يوم الأربعاء 13 تشرين الأول ممن العام الجاري تسعة أيام من الاضراب المفتوح عن الطعام وكان من المقرّر ان يلحقه خطوات تصعيدية تقضي بانضمام الفصائل الأخرى للإضراب لدعم مطالبهم وأهمها وقف الحملة التنكيلية والاجرامية والانتقامية بحقهم بعد عملية نفق الحرية، وقد انتصر الأسرى في معركتهم وحققوا مطالبهم، لكن اللافت في هذا الاضراب بالتحديد كان الاسناد الشعبي الواسع حيث أقامت فصائل المقاومة في غزّة والضفة الغربية الكثير من الوقفات ونادت بأحقية مطالبهم، وأبعد من ذلك أعلنت سريا القدس النفير العام في صفوف أفرادها وكانت حاضرة لخوض معركة عسكرية دفاعاً عن حياتهم وحقوقهم. 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور