الإثنين 01 تشرين ثاني , 2021 05:18

هل ستأتمن القبائل اليمنية المجلس الانتقالي "المطبّع" على الجنوب؟

المجلس الانتقالي الجنوبي واسرائيل

بعد خسارتها في مأرب وقرب ساعة الحسم لصالح قوات صنعاء، بدأت الامارات والسعودية بالتحضير لمرحلة "ما بعد مأرب"، ولذلك اتجهت أبو ظبي لإعادة تعويم المجلس الانتقالي الجنوبي. هذا المجلس الذي أنشأته ليكون باباً لفرض هيمنتها على الجنوب اليمني. غير ان ما كشفته الحرب المفروضة على اليمن كان أبعد من ذلك، فأبو ظبي لم تكن بإنشاء المجلس تتطلع لكسب أغلبية نيابية أو تمرير مشروع ما من خلاله، إنما بث الروح بحدود 1989 ودعم انفصال شمال اليمن عن جنوبه وبالتالي تجهيز الأرضية لاستقدام "إسرائيل" إلى عمق الدار اليمني، لتكون الجولة الدبلوماسية الأولى التي سيقوم بها الجنوب بعد يوم واحد من اعلان انفصاله رسمياً، هي إلى تل أبيب.  

منتصف أيار عام 2017، أعلن محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي عن قرار يقضي بقيام "المجلس الانتقالي الجنوبي" يتولى رئاسته بنفسه ويتألف من 26 عضواً من بينهم محافظي 5 محافظات جنوبية ووزيرين يكون من أبرز مهمامها "تمثيل وإدارة المحافظات الجنوبية داخلياً وخارجياً. يومها أصدرت حكومة هادي بعد لقاء جمع بين هادي ومستشارين سعوديين، بياناً رسمياً أعربت فيه عن استيائها الشديد من تشكيل هذا المجال حيث "رفضت رفضاً قاطعاً للمجلس الانتقالي الجنوبي". ما شكّل ترجمة حرفية للخلافات التي تستعر بين الامارات والسعودية.

سرعان ما تولى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي مهمة الكشف عن نية التطبيع مع كيان الاحتلال، مزيلاً بذلك الالتباس "فمع المجلس الانتقالي هو مع إسرائيل لا محال!"، لم يتأخر ليعلن ذلك، ولم يستحِ أيضاً، حيث كشفت مصادر أمنية عن ان "وزير خارجية الإمارات "عبدالله بن زايد" ومدير الأمن الاماراتي "طحنون بن زايد" اصطحبا رئيس المجلس الانتقالي "عيدروس الزبيدي" إلى لقاءٍ مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين في العاصمة القبرصية، في 23 تموز 2020، حيث جرى الحديث عن ترتيبات واتصالات حثيثة بين أبوظبي وتل أبيب والمجلس الانتقالي لإقامة قاعدة عسكرية اسرائيلية في جنوب اليمن".

وقد ترجم هذا اللقاء عملياً بتسهيل الامارات عبر المجلس الانتقالي لاحتلال جزيرة سقطرى اليمنية من قبل عسكريين وضباط إسرائيليين، أقاموا قاعدة عسكرية على الجزيرة.  

نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، السلفي هاني بن بريك، لم يوفر فرصة الا وعبر فيها عن دعمه المطلق لتوقيع اتفاقية التطبيع مع كيان الاحتلال: "إذا فتحت زيارة الجنوبيين لتل أبيب وتم قبلها توقيع خطة السلام بين الإمارات وإسرائيل سأقوم بزيارة اليهود الجنوبيين في بيوتهم وسأذهب معهم إلى القدس وسأصلي في المسجد الأقصى".

في 2 شباط 2021 أعاد الزبيدي التأكيد على تصريحات بن بريك، بالقول "باركنا تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، وسنقوم بالتطبيع معها عند استعادة دولتنا، والاعتراف بها دولة مستقلّة، وعندما تكون عدن عاصمة للجنوبيين".

يُذكر ان بن بريك كان قد أصدر فتوى بوجوب قتال قوات هادي مطلقاً على نفسه اسم "المفتي الأكبر للقوات المسلحة الجنوبية" بالقول "من أعظم الأعمال الصالحة أيام العشر من ذي الحجة هو الدفاع عن الوطن، والرباط في ثغوره...معسكراتهم في شبوة يدربها إخونج.. الإخونج خوارج العصر، مقاتليهم وسياسييهم... وإذا كانت لدى القوات الحكومية فتوى إخوانية فهذه فتوى ربانية".

من جهته صرّح مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الخضر السليماني "مستعدون لإقامة علاقات مع إسرائيل وذلك وفقاً لمصالح شركائنا في المنطقة، إن السلام مع "إسرائيل" مطمع ومطمح".

كما ساهمت "إسرائيل" من جهتها بدعم هذا المجلس عن طريق تشكيل "الأحزمة الأمنية"، حيث جرى -بالتنسيق مع الامارات- التعامل مع ضباط إسرائيليين -من بينهم القائد السابق لبرنامج الاغتيالات في فرقة المرتزقة -أبراهام غولان- عن طريق شركات أمنية أجنبية أهمها شركة "سباير أوبريشن" الأميركية، لتنفيذ والقيام بعدو عمليات اغتيال بحق قيادات مناهضة للمجلس خاصة في عدن.

لم يكن توافد القبائل إلى العاصمة صنعاء استجابة لمبادرة مأرب إلا لأنها أيقنت أن المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح لا يؤتمنون لا على أرواح ولا مال ولا وطن. كما ان "إسرائيل" التي دعمت مشروع انفصال كردستان العراق، لن تعارض تقسيم البلاد إلى دولتين، الأمر الذي يتوافق مع رؤيتهم "للشرق الأوسط الجديد".

تعمل الامارات على تقديم المجلس الانتقالي كشريك في الحل السياسي في المرحلة المقبلة، لكن هل للقبائل اليمنية العريقة في الجنوب اليمني أن تأتمن دعاة التطبيع؟ لا يعتقد أحد ذلك، فالإمارات ومن خلفها "إسرائيل" تدرك جيداً ان لا محتل سيسكن أرض اليمن.

وكانت السعودية قد شنّت حربًا على اليمن في آذار عام 2015 دعماً للرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، أُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، وقد شارك فيها العديد من الدول الخليجية والعربية ضمن تحالف تقوده الرياض، إضافة للدعم اللوجستي والاستخباري من الثلاثي الأميركي- البريطاني-الإسرائيلي، حيث انتهك التحالف خلالها القوانين الدولية والإنسانية، وارتكب فظائع وجرائم حرب بحق المدنيين


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور