الجمعة 21 كانون الثاني , 2022 05:19

الشرطة الإسرائيلية ترى اليهود بعين "بيغاسوس"!

بيغاسوس

ما بات يقلق المستوطنين في فلسطين المحتلة أن دولتهم المزعومة لم تعد قادرة على تقديم ما وعدتهم به حين قدومهم من مختلف أنحاء العالم إلى فلسطين لينعموا "بوطن مثالي لليهود". حيث باتت القيادات تخشى الاختراق بعد احاطتها من كل الجهات (قطاع غزة والجنوب اللبناني والجولان) إضافة لوضعها هدفاً ضمن مرمى صواريخ عدد من الدول هم جزء من محور المقاومة. حتى بات ذلك يشكل لها هاجساً تظهره على شكل القمع والتجسس واختراق الخصوصية ليس فقط للفلسطينيين بل المستوطنين اليهود أيضاً.

صحيفة هآرتس أشارت في مقال لها إلى ان "الشرطة الاسرائيلية تستخدم بيغاسوس ضد مواطنين يهود. هذا ما أشعل ناراً كبيرة وأدى إلى صراخ حول "موت المجتمع المدني والديمقراطية في إسرائيل".

النص المترجم:

السبت الماضي، تم استدعاء ناشط وناشطة سياسيين من الناصرة للتحقيق أمام الشرطة. خرجا من هناك بقرار من الضابط المسؤول بالشروط التالية: إقامة جبرية لخمسة أيام، وحظر على إجراء أي اتصال، وتوقيع على كفالة ذاتية بمبلغ ثلاثة آلاف شيكل، وحظر على استخدام الشبكات الاجتماعية. الذريعة: "التآمر على فعل خطيئة". فعلياً، كان السبب تنظيم اعتصام تضامني مع السجين ناصر أبو حميد، فاقد الوعي الذي ترفض "إسرائيل" إطلاق سراحه لتلقي العلاج الطبي. أطلق سراح الناشطة بعد الاستئناف الذي قدمته "عدالة".

ناشطة سياسية أخرى من يافا، تحدثت في منشور في "فيسبوك"، كيف قام أحد بعد المظاهرة في ميدان الساعة في ساعات المساء، بتعقبها وكمن لها في زاوية مظلمة وناداها باسمها، ثم سلمها في مرحلة معينة، استدعاء للمثول أمام الشرطة من أجل "الفحص"، وهدد بأنها إذا لم تأت فستكون هناك "طرق أخرى" لإحضارها. أفترض أنه كان يقصد طرقاً أقل لطفاً من الكمون لها في الظلام.

اختفت هاتان القصتان تحت الرادار، لا لأنهما تحدثان لمواطنين عرب كل يوم، بل لأنهما ابتلعتا تحت الأخبار الأكثر صخباً عن فضيحة بشأن برنامج التجسس "بيغاسوس" التابع لشركة NSO، الذي اتضح أن الشرطة استخدمته ضد مواطنين يهود. هذا ما أشعل ناراً كبيرة وأدى إلى صراخ حول "موت المجتمع المدني والديمقراطية في إسرائيل".

يبدو أن القلق والذعر لدى أوساط اليسار، من موت الخصوصية وتقليص حرية التعبير، بسبب استخدام هذا البرنامج ضد أعضاء "الأعلام السوداء"، مبرران. ولكن ما العمل، هي لا تحظى لدي بتعاطف كبير أو تماه عميق، خصوصاً عندما أتذكر كيف تلقى مواطنون عرب كثيرون رسائل تهديد من "الشاباك" على هواتفهم المحمولة في شهر أيار، بذريعة أنهم شاركوا في "أعمال شغب" في المسجد الأقصى، كي يثيروا فيهم الخوف والرعب. حينها، لم يسجل ذعر وقلق في أوساط من اليسار- وسط الليبرالي. كانت الإدانات ضعيفة وخجولة، ولم يسمع طلب قاطع لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في هذا الفشل.

المفارقة لا تتوقف هنا، بل تتزايد عندما يصل الأمر إلى تعامل الشرطة مع المتظاهرين ونشطاء الاحتجاج. وإذا كان هناك شيء ما تذكرنا به هذه القضية، فذلك يعني أن هناك نوعين من التعامل في الدولة، التي تقسم على أساس عرقي وقومي وديني: هناك برامج "هايتيك" للمتظاهرين اليهود، وهناك وسائل "لوتيك" للمتظاهرين العرب.

للعثور على اليهود والتعامل معهم، تحرص الشرطة على مراقبتهم بوسائل تكنولوجية متقدمة، بكل هدوء وسرية، لأنه أمر غير لطيف، فهم يهود. ولكن عندما يدور الحديث عن متظاهرين عرب أو حتى عن مواطنين عرب كتبوا منشوراً لا يروق لها، حينئذ تفضل الشرطة استخدام الوسائل المعروفة والمحببة من أيام الحكم العسكري: اقتحامات ليلية، استدعاء إلى مركز الشرطة، تعاون مع جهات بلطجية في المجتمع العربي، تهديد أبناء عائلاتهم، اعتقالات إدارية، تخويف من سلب المواطنة، تدمير مستقبلك ومستقبل عائلتك، إغلاق الأمور في مركز الشرطة القريب من بيتك.

المقاتلون من أجل حقوق المواطن والإنسان يشيرون مرة تلو الأخرى إلى الانتقال الضروري لوسائل الرقابة والسيطرة من الاحتلال العسكري في المناطق"-الضفة الغربية، إلى حياة اليهود المدنية. هذا صحيح، لكن معارضة هذا الأسلوب لا يجب أن تنبع من القلق على أن الظلم سيمارس داخل حدود "إسرائيل" على اليهود، بل حول الظلم نفسه. أجل، الفلسطينيون بشر ولا يحبون أن تقتحم خصوصيتهم.


المصدر: هآرتس

الكاتب: حنين مجادلة




روزنامة المحور