الإثنين 12 أيار , 2025 01:06

صفعة ترمب لحليفه؛ حماس في الواجهة ونتنياهو في الظل

نتنياهو خارج المشهد: صفقة ترمب تعيد حماس إلى الواجهة

في خطوة أحادية الجانب ومن دون تنسيق مع كيان الاحتلال، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نجاح وساطة قادها للإفراج عن الأسير مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر، المحتجز في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ترمب عبّر عن "فرحته" بما وصفه بالاتفاق مع حركة حماس، موجهاً شكره لكل من مصر وقطر لدورهما في تسهيل العملية. في المقابل، أكدت حماس حصول اتصالات مباشرة مع واشنطن، مشيرة إلى أن الهدف من هذه القنوات هو التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحرب على قطاع غزة ويفتح المجال لإدخال المساعدات. وبحسب مصادر في الحركة، فإن الإفراج عن ألكسندر يأتي في سياق "مبادرة حسن نية" من جانب حماس، بعدما تلقت وعوداً بأن ترمب قد يكون قادراً على تقديم عرض أوسع، وربما الضغط في اتجاه وقف إطلاق النار.

حماس كقوة تفاوض

نجحت حركة حماس في فرض نفسها مجدداً على طاولة التفاوض، مؤكدة أنها لا تزال تتمتع بشرعية سياسية كاملة، وهو ما يثبته انخراط ترمب في تفاوض مباشر معها. وبهذا، تعود الحركة لتكشف مجدداً عن خيبة الاحتلال الإسرائيلي، الذي شنّ حرباً شعواء على غزة بهدف القضاء على حماس وإقصائها من المشهد. غير أن النتيجة جاءت عكسية تماماً، إذ أثبتت الحركة أنها الطرف الوحيد القادر على اتخاذ القرار في ملف الأسرى، وأن من يريد استعادة أسراه لا بد أن يجلس معها على طاولة التفاوض. وهذا يُعد نصراً استراتيجياً لحماس، في ظل ما تواجهه من ضغوط هائلة وإجراءات عدوانية. وفي مقابلة مع موقع "دروب سايت" الأميركي، كشف القيادي في الحركة أسامة حمدان أن اللقاء الذي جمع ممثلين عن حماس بمستشار ترمب لشؤون الأسرى، آدم بوهلر، أثار غضب الإسرائيليين الذين حاولوا تعطيله، فيما يبدو مؤشراً جديداً على عجز تل أبيب في إدارة هذا الملف الحساس.

ترمب يصفع نتنياهو

جاء إعلان ترمب عن التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لإطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر كصفعة سياسية مباشرة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وقد بدا الارتباك جلياً في الأوساط الإسرائيلية، إذ وصفت القناة 12 العبرية الاتفاق بأنه "صفعة لنتنياهو"، معتبرة أن هذه الخطوة همّشت دوره وأخرجته من الواجهة. هذا التحييد العلني قد يدفع المتابعين في الداخل الإسرائيلي للتساؤل: "كيف استطاع ترمب إنجاز صفقة دون إشراك نتنياهو؟ وما هو مصير باقي الأسرى في ظل استمرار الأخير في الحكم؟" هذه التساؤلات تُظهر حجم الإرباك الذي باتت معالمه واضحة في الداخل، لا سيما أن ترمب بات يتبع أسلوباً مغايراً يتجه نحو الضغط تجاه نتنياهو، بعدما لمس تلكؤه في معالجة ملف الأسرى، وتردده في إنهاء الحرب على غزة. هذا المسار لا يُظهر نجاحًا دبلوماسيًا لترمب بقدر ما يكشف عن تصدع واضح في العلاقة بين الرجلين، وعجز متفاقم في الجانب الإسرائيلي في إدارة ملف الأسرى.

الخلاف إلى الواجهة

على ضوء التطورات الأخيرة، تبدو العلاقة بين الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال في حالة من التوتر المتصاعد. فترمب، كما يظهر، يمضي في رسم وقائع سياسية جديدة حتى وإن جاءت على حساب نتنياهو وتسبّبت له بتبعات داخلية وخارجية. ومع ذلك، من غير الواقعي إطلاقاً الحديث عن قطيعة أميركية مع تل أبيب؛ إذ لا تزال واشنطن هي الداعم الأكبر والحامي الأبرز للكيان، سواء على صعيد الإمداد العسكري أو توفير الغطاء السياسي والدبلوماسي. ما يحدث، يمكن اعتباره محاولة أميركية للضغط أو لتأديب نتنياهو. لكن هذه الخطوة فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات جوهرية: هل يمهّد هذا التحرك الأحادي من ترمب لبداية اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة؟ لا سيما في ظل إخفاق الاحتلال في تحقيق أهدافه بالقوة العسكرية، الأمر الذي يعزز قناعة بأن ما يجري اليوم هو ثمرة لصمود حماس وثباتها أمام آلة الحرب، ورفضها الخضوع لإملاءات النار.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور