الأربعاء 16 شباط , 2022 01:34

جيش صنعاء يقدم "الشاهد" على ادعاءات التحالف السعودي

نشر مركز الإعلام الحربي، التابع للقوات المسلحة اليمنية، مقاطع فيديو  لإطلاق مكثف لطائرات مسيرة،  عصر امس الاثنين لا يبدو بالأمر العابر، او هو اجراء روتيني، كما جرت العادة في نشر تفاصيل عملية لقوات صنعاء ضد التحالف السعودي، لكنه جاء عقب عمليات يمنية "قاصمة" لظهر التحالف، وعقب الفشل الاستخباراتي الأمريكي في تحديد مواقع إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

حمل الكشف اليمني، رسائل ذات شقين: الشق الأول فضحت فيه قوات صنعاء ادعاءات قوى التحالف "المُحبَطة" بشأن مواقع إطلاق هذه الطائرات المسيّرة والتي على إثرها أعلنت توجهها لقصف المباني والمنشآت المدنية، اذ كشفت اللقطات، الطائرات المسيّرة وهي تنطلق من مناطق صحراوية ونائية وتحلق بمستويات مختلفة قبل تنفيذ العمليات، وليس من مناطق سكنية حسب ادعاء التحالف.

وكان عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي اكد في وقت سابق أن "طائراتنا المسيرة كالصقور لا تحتاج إلى مدرجات وكل ما يقوم به تحالف العدوان وحلفائه من استهداف للمطار أو الأعيان المدنية طيلة السبع سنوات فهي جرائم حرب".

وخلال اليومين الماضيين استهدفت طائرات التحالف شركة الاتصالات بعدد من الغارات فيما توعدت باستهداف مختلف المؤسسات والمنشآت المدنية بذريعة استخدامها لأغراض عسكرية وهو ما نفاه متحدث القوات المسلحة العميد يحي سريع أمس الأول، مؤكدا أن ادعاء التحالف "عار عن الصحة ومجرد تبرير مفضوح لاستهداف المنشآت المدنية والمدنيين".

وتوعّد العميد سريع قوى التحالف السعودي الإماراتي بمعاقبتها على ذلك، وقال "نؤكد ان إستهداف المنشآت المدنية والوزارات لن يحقق أهداف العدو في كسر ارادة الشعب  ولن يمر دون رد وعقاب".

منذ اليوم الأول للحملة العسكرية الظالمة على اليمن بقيادة امريكا عتاداً، والسعودية والإمارات تمويلاً، كان المكان الذي اختارته الأمم المتحدة، هو كرسي الجباية مقابل الصمت على مختلف الانتهاكات.

ليس هناك ما خفي، من ممارسات التحالف ضد الشعب اليمني، اذ شاهد العالم وسمع، ووصفت الأمم المتحدة ذاتها في وقت مبكر ما صارت عليه اليمن بـ "أسوأ مأساة إنسانية"، الأمم المتحدة كانت ايضا أدرجت السعودية بسبب جرائمها في اليمن ضمن القائمة السوداء لكنها عادت وحذفتها من هذه القائمة.

وبلغت الجرأة بالتحالف السعودي الامريكي بعد أن لمس سلبية المجتمع الدولي والأمم المتحدة، حدا صار فيه يعلن نيته استهداف الأعيان المدنية، وهي مسألة يجرمها القانون الدولي، مع ذلك يبدو أن الأمر لم يكن كاف لأن ترفع الأمم المتحدة ومجلسها الأمني الصوت بالرفض أو بالإدانة على أقل تقدير.

عقب استنفاد مخزون بنك الأهداف التي زعمتها قوى العدوان كأهداف عسكرية، بدأت بالتفكير بسيناريو آخر علّه يساعدها في اجبار اليمنيين على رفع راية الخوف والهلع ومن ثم الاستسلام، وحين لم تجد في الأمر جديد، ذهبت لتضييق الحصار والقرصنة على السفن بهدف شلّ الحياة، ومن ثم عمدت إلى ترويع الناس من خلال التهديد (علانية) باستهداف المؤسسات المدنية.

قبل أيام كان مطار ابها مهدافا للطائرات المسيرة اليمنية، وهي ليست المرة الأولى، ولكن يبدو الفقد هذه المرة اكثر تأثيرا، اذ خرج التحالف على إثر الضربة مهددا باستهداف المنشآت والمؤسسات والوزارات المدنية، وفجر الاثنين استهدفت طائراته بغارتين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات اليمنية دمرتا مبنى شركة الاتصالات، وألحقت أضراراً بالغة بالمباني المجاورة له، ومساء ذات اليوم عاودت استهداف نفس الموقع بغارة في تحد سافر لكل الأصوات التي خرجت من غير مكان في العالم تستهجن مثل هذا السلوك باعتباره استهتارٌ  بالقوانين والمواثيق الدولية التي تحرّم وتجرّم استهداف الأعيان  المدنية، لكنه دلّ في الوقت ذاته على حالة اليأس الإحباط لدى هذه القوى.

التهديد (علانية) باستهداف الأعيان، كانت انتهجته دول الحملة العسكرية نهاية ديسمبر الماضي على نحو واضح حين توعدت بقصف ملعب الثورة الرياضي في العاصمة صنعاء، وهو المكان الذي شهد الاستقبال الحافل لمنتخب اشبال اليمن لكرة القدم، الذين انتزعوا كأس بطولة غرب آسيا بعد فوزهم على المنتخب السعودي في أرضه، وادعت قوى العدوان حينها أن "إسقاط الحماية عن الملعب سيبنى على نصوص وأحكام القانون الدولي الإنساني".

التهديد (علانية) باستهداف أعيان مدنية، هو الأمر المستجد الفادح الذي يضع الأمم المتحدة في الزاوية الضيقة ويعرّي تواطئها في قتل اليمنيين.

يؤكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ان "تعمّد توجيه الهجمات ضد الأعيان المدنية جريمة حرب، شريطة "ألّا تكون أهدافاً عسكرية".

حتى عند الشك في استخدام عين معينة في عرض عسكري فإن الكفة تميل إلى التعاطي مع العين باعتبارها مدنية، اذ ينص البروتوكول الإضافي الأول على أنه "إذا ثار الشك حول ما إذا كانت عين ما تكرّس عادةً لأغراض مدنية، مثل دار العبادة، أو منزل، أو أي مسكن آخر، أو مدرسة، تستخدم في تقديم مساهمة فعّالة للعمل العسكري، فيجب الافتراض أنها لا تستخدم كذلك"، وذلك تأكيدا لما يفترض الأخذ به في النزاعات بالنسبة لهذه الأعيان التي تقع اصلا في خدمة المواطنين.

ووفق قواعد بيانات القانون الدولي الإنساني "لا يجوز التقدير تلقائياً أنّ أية عين يمكن أن تصبح عرضة لهجوم مشروع إذا بدت موضع شك. وهذا ينسجم أيضاً مع متطلّبات اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة في الهجوم، وبشكل خاص، واجب التحقق من أنّ الأعيان التي ستهاجم هي أهداف عسكرية عرضة للهجوم وليست أعياناً مدنية" (انظر القاعدة 16).

والأعيان المدنية حسب القاعدة (9) للقانون الدولي "هي جميع الأعيان التي ليست أهدافاً عسكرية"، فيما تؤكد القاعدة 7. منه على أنه "يُميّز أطراف النزاع في جميع الأوقات بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية. ولا تُوجّه الهجمات إلّا إلى الأهداف العسكرية فحسب، ولا يجوز أن تُوجّه إلى الأعيان المدنية."

الأعيان المدنية

وفقا لما حددته الفقرة الثانية للمادة (52) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، يقصد بالأعيان المدنية "كافة الأعيان التي ليست أهدفا عسكرية، وأن الأهداف العسكرية هي الأعيان التي تساهم "مساهمة فعّالة" في الأعمال العسكرية حسب طبيعتها وموقعها والغاية منها أو من استخدامها، وهي كذلك الأعيان التي ينتج عن تدميرها الكلي أو الجزئي أو الاستيلاء عليها أو تعطيلها "ميزة عسكرية أكيدة". وذلك يشمل آل من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة والكباري والجسور والمزارع والمنشآت الهندسية والمصانع وموارد مياه الشرب ومنشآت الري ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، وبصفة عامة كل ما يهدف لخدمة الأغراض المدنية.

ويشكل الاعتداء على هذه المنشآت خطراً شديداً على السكان المدنيين."، "كما حظرت نص المادة (52) كافة صور الاعتداء المتوقع ضد هذه الأعيان، سواء تمثل ذلك في المهاجمة أو التدمير أو النقل أو التعطيل لتلك الأعيان."

 كما تُقرر المادة (48) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، انه "تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية". ويقصد بالأهداف العسكرية طبقاً لنص المادة (52) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، بأنه الهدف الذي بطبيعته، وبالنسبة لموقعه، وغرضه، أو استخدامه يساعد في العمل العسكري. وبالتالي يحق تدميره آليا أو جزئيا، أو الاستيلاء عليه، أو تعطيله بما يعطي ميزة عسكرية للمهاجم.. وهي القاعدة التي تظهر عليها عمليات قوات الجيش واللجان الشعبية بصواريخها الباليستية وطائراتها المسيرة سواء في الأراضي اليمنية المحتلة أو في العمقين الإماراتي والسعودي."

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: وديع العبسي




روزنامة المحور