السبت 26 شباط , 2022 01:06

موقف "إسرائيل" من كييف تحدده الخطوط الحمراء مع موسكو في دمشق!

على رمال متحركة تمشي القيادة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية. فلا هي قادرة على وضع قدمها في حقل الاسناد الأميركي-الغربي التصعيدي ضد روسيا وهو ما طلبته الولايات المتحدة من "إسرائيل" صراحةً، ولا هي قادرة على تقديم الدعم لروسيا أو حتى التزام الحياد. أزمة التموضع هذه التي تعاني منها تل أبيب ليست مجرد تفصيل صغير ينتهي بإصدار بيان داعم أو رافض لأي من الطرفين، بل ما هو مطلوب منها أكبر بكثير مما قد يتحمله أمنها خاصة بما يرتبط بالحدود الشمالية لفلسطين المحتلة. و"إسرائيل" تدرك ذلك جيداً.

"إسرائيل" في الأزمة الأوكرانية: الدعم لا يشمل السلاح

مع بداية الأزمة الأوكرانية صرّح رئيس كيان الاحتلال إسحاق هرتسوغ عن أن "إسرائيل تدعم وحدة أراضي أوكرانيا". وأضاف في تصريحٍ صحافي إننا "سنعرض كل تعاون إنساني ممكن على الحكومة في أوكرانيا عبر شركاء آخرين"، متوجهاً إلى الإسرائيليين في أوكرانيا إلى "العودة عبر المعابر البرية".

من جهته دان وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد "الهجوم الروسي" ووصفه على أنه "خرقاً للنظام العالمي". مشدداً على ان "إسرائيل تربطها علاقات عميقة مع أوكرانيا".

يمكن إدراج هذا الموقف الإسرائيلي المعارض في سياقه الإعلامي فقط. حيث ان الرسائل التي بعثتها تل أبيب في القنوات السرية الخاصة هي التي تعكس فعلياً الهواجس الإسرائيلية بشكل أوضح. فقد نقلت أوساط إعلامية إسرائيلية ان "إسرائيل نقلت في الساعات الماضية رسائل لعدة دول في البلطيق بألا يزودوا أوكرانيا بسلاح من إنتاج إسرائيل". مشيرة: "صحيح أنّ إسرائيل اتخذت موقفاً بنحو معين في هذه الحادثة، لكن مع ذلك يجب القول إنّها حذرة جداً مع روسيا ولا تريد مشاهدة إحدى دول بحر البلطيق تنقل سلاحاً من إنتاج إسرائيل من أجل مساعدة أوكرانيا". مؤكدة على أنّ "هذا الأمر من شأنه أن يحرج إسرائيل. ولذلك، مررت هذه الرسالة الآن على أمل أن تستمر إسرائيل بالسير بين النقاط".

في حين أكد موقع "القناة 12" على ان "الأميركيين نقلوا بالأمس رسالةً إلى إسرائيل مفادها أنّ بيان الدعم الذي وزعته يكفيهم، لكن حالياً بعد أن غزت روسيا أوكرانيا ودول الغرب أعلنت عن فرض عقوبات، من غير المؤكد أن تستطيع إسرائيل البقاء على الحياد".

حسابات تل أبيب تختلف عن رغبات واشنطن

قد تكون الأزمة الأوكرانية هي من الأزمات القلائل التي ترغب فيها تل أبيب في التزام الحياد، في ظل قلقها الكبير من اتخاذ موقف يثير غضب موسكو، حيث أن الأخيرة قامت بالرد على التصريحات بدعم أوكرانيا على الفور وبالطريقة التي تخشاها "إسرائيل" وهو الرد من البوابة السورية. حيث أن رسالة روسية غير مباشرة وصلت إلى تل أبيب تقضي بعدم الاعتراف بسيادة الأخيرة على هضبة الجولان السوري المحتل.

من جانبه صرح نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة بالقول: "نحن قلقون من خطط تل أبيب المُعلنة لتوسيع النّطاق الاستِيطاني في الهضبة المُحتلّة، الأمر الذي يتعارض مع أحكام اتفاقيّة جنيف لعام 1949، ولا تعترف روسيا بسِيادة إسرائيل على مُرتفعات الجولان التي هي جُزءٌ من سورية".

هذا التصريح كان قد سبقه العديد من المؤشرات التي حذرت فيها روسيا "إسرائيل" من اللعب بالنار، حيث أجرت مناورات مشتركة مع الجانب السوري شاركت فيها طائرات " SU-35 " إضافة لنشر قوات تابعة لها في اللاذقية في دلالة على ان أي هجوم إسرائيلي على الميناء قد يعرض القوات الروسية للخطر، مما قد يفتح مواجهة مع على طول الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة وليس فقط في هضبة الجولان.

لكن، السؤال الذي يطرح هنا، ماذا لو فرضت الولايات المتحدة عقوبات مشددة على روسيا وطلبت من كل المحور الغربي التقيد فيه ووقف التعاملات مع موسكو بأشكال مختلفة، فكيف ستتعامل "إسرائيل" مع هذه الخطوات العملية التي تطلبها واشنطن التي قد لا يكفيها الدعم الإعلامي؟ هل ستلتزم تل أبيب بمعاداة روسيا؟ أم انها ستفضل عدم التصعيد مع الدب الروسي وهو ما سيكون بمثابة فجوة كبيرة في جدار العقوبات الأميركية؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور