الجمعة 11 آذار , 2022 05:24

سيرغي كوروليوف: أب المشروع الصاروخي والفضائي الروسي

سيرغي كوروليوف

عند الحديث عن قدرات روسيا الاتحادية الصاروخية الاستراتيجية، أو على صعيد الوصول الى الفضاء، يعدّ أساس الفضل في ذلك الى العالم وكبير المصممين السوفيت "سيرغي كوروليوف". فهو الذي استطاع نقل التجارب والأبحاث الألمانية في هذا المضمار، من ورق ومخططات الباحثين، وجعلها واقعاً وانجازات ملموسة، متفوقاً بذلك على العالم الألماني "فيرنر فون براون"، الذي لم يعره الأمريكيون اهتماماً، إلا بعد فوات الأوان.

فما هي أهم وأبرز المحطات في مسيرة وحياة "كوروليوف"؟ وكيف استطاع التحول من معتقل في سجون ستالين السيبيرية، الى الدائرة المقربة عند الزعيم السوفيتي خروتشوف؟

_ولد كوروليف في مدينة "جيتومير" الأوكرانية حالياً، لوالد كان جندياً روسياً وأم بيلاروسية. وكانت والدته ابنة تاجر ثري، لذا بعد انفصالها عن والد سيرغي بسبب صعوبات مالية، عادت الى بلادها، ونشأ "كوروليف" تحت رعاية جده لأمه.

_ نشأ سيرغي طفلًا وحيدًا مع عدد قليل من الأصدقاء، و بدأ القراءة في سن مبكرة، وجعلته قدراته في الرياضيات والمواد الأخرى تلميذًا مفضلًا لمعلميه، لكنها تسببت في الغيرة من أقرانهوأذيتهم، ما دفعه الى التركيز على العمل الأكاديمي.

_ تابع دراسته الجامعية في جامعة كييف للفنون التطبيقية، حيث ولد شغفه الكبير بعالم الطيران، وحصل "كوروليف" على دبلوم من خلال إنتاج تصميم عملي لطائرة، وكان مستشاره مصمم الطائرات الشهير "أندريه توبوليف".

_ بعد التخرج، عمل كوروليف مع بعض من أفضل المصممين السوفييت في مكتب تصميم الطائرات. وفي العام 1930، أصبح مهتمًا بإمكانيات محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل لدفع الطائرات، أثناء عمله كمهندس رئيسي في قاذفة Tupolev TB-3 الثقيلة.

_ في العام 1931، شارك مع رفاقه في إنشاء مجموعة دراسة الحركة التفاعلية (GIRD)، وهي واحدة من أقدم المراكز التي ترعاها الدولة، لتطوير الصواريخ في الاتحاد السوفيتي.

_ وفي أيار من العام 1932، تم تعيينه رئيسًا للمجموعة، واستطاع مع مجموعته من تطوير ثلاثة أنظمة دفع مختلفة، كل منها أكثر نجاحًا من سابقتها، وكان أول إطلاق لصاروخ يعمل بالوقود السائل هو GIRD-X في العام 1933.

_ أدى الاهتمام العسكري المتزايد بهذه التكنولوجيا الجديدة، إلى إنشاء معهد أبحاث الدفع النفاث (RNII). وفي العام 1934، أصبح كوروليف نائباً لرئيس المعهد، حيث أشرف على تطوير صواريخ كروز وطائرة شراعية تعمل بالطاقة الصاروخية. وكان قائدا يتمتع بشخصية كاريزمية، وكان رجلاً مجتهدًا ومتطلبًا، وله أسلوب إداري منضبط. وقد راقب شخصيًا جميع المراحل الرئيسية للبرامج، وأولى اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل.

_ تم القبض عليه في العام 1938، بعد وشاية من زميله في المعهد "فالنتين جلوشكو"، الذي كان يغار منه. وتم إرساله إلى معسكر غولاغ في أقصى شرق سيبيريا، حيث أمضى عدة أشهر من أصعب فترات حياته، حيث كانت ظروف هذا المعسكر تقتل آلاف السجناء شهرياً، من سوء الطعام والمأوى والملبس. وقد أصيب كوروليف حينها بجروح، بما في ذلك نوبة قلبية وفقد معظم أسنانه.

_ في أواخر العام 1939، أعادوه الى موسكو ليقضي عقوبة مخففة من ثماني سنوات في سجن "شاراشكا" للمثقفين والمتعلمين. ك

وظل في السجن الى وقت اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث سرح وشغل منصب نائب المصمم تحت إشراف زميله "غلوشكو"، ودرس تصميمات الصواريخ المختلفة.

_ ومن هناك استطاع العمل على مشروع تطوير الصواريخ الباليستية، خاصة تلك العابرة للقارات، والقادرة على ضرب الولايات المتحدة الامريكية بالرؤوس النووية. حيث تم معرفة كيفية تصميم هكذا صواريخ، بالاعتماد على الصاروخ الألماني V-2، الذي تم صنع نماذج روسية منه تحت رمز R، والتي استطاع انتاج عدة أجيال منها.

_ كان الصاروخ R-7 هو أول صاروخ يحلق بنجاح من التجربة السادسة، وهذا ما مكن كوروليف من تطويره لينفذ مهام في الفضاء أيضاً من خلال نقل أقمار اصطناعية لأول مرة، ومن ثم إرسال حيوانات وإعادتها حية، وأخيراً إرسال رائد الى فضاء وإعادته سالماً.

_ توفي بشكل مفاجئ في العام1966 ، نتيجة مضاعفات الحوادث التي تعرض لها أيام الاعتقال في معسكر "الغولاغ"، تاركاً خططاً للتنافس مع الأمريكيين، في الهبوط على سطح القمر.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور