الأربعاء 22 شباط , 2023 05:02

لاكروا: حرب سرية خلف خطوط المواجهات في أوكرانيا

العمل السيبراني

"تدور الآن حرب صامتة وسرية: الروس والأوكرانيون يقاتلون أيضًا بالتشويش الكهرومغناطيسي والتنصت على الهاتف والقرصنة"، هكذا تحدّثت صحيفة "لاكروا" الفرنسية عن الحرب الالكترونية المسترة في أوكرانيا، والتي تكثّفت مع دخول الطائرات المسيّرة الى ميدان الحرب بهدف تدميرها، كما "تحديد موقع مركز قيادة العدو واختراق الأنظمة".

وفي مقال خاص، شرحت الصحيفة دور العمليات السيبرانية الى جانب القتال في الميدان.

المقال المترجم:

خلف انفجار القذائف وأصوات الرصاص، تدور معركة سرية وخفية في أوكرانيا، لكنها لا تقل أهمية عن الحرب القائمة، وهي الحرب الإلكترونية. اذ تبدو العقول المدبرة لها أشبه بالتقنيين والقراصنة الإلكترونيين أكثر من كونها فرقًا قتالية. وإذا كانوا يرتدون زيًا عسكريًا، فمن المرجح أنهم يتعاملون مع اللغة الترميزية وأجهزة الكمبيوتر أكثر من المدافع الرشاشة.

هؤلاء الجنود الذين يعملون في الظل، يتمركزون أيضًا بالقرب من خط الجبهة، على بعد بضعة كيلومترات أو حتى مئات الأمتار من العدو، وهو ما يعتبر تغييرًا ملحوظًا في طريقة شن الحروب شديدة الكثافة.

تتمثل مهمّة هؤلاء الجنود في الدفاع عن وحدتهم (المكونة من 150 جنديًا) بقدر ما تعمل على تنفيذ الأعمال الهجومية، وتكمن وظيفتهم في التشويش على الترددات في منطقة معينة، ورصد الترددات اللاسلكية في المعسكر المقابل، واختراق أنظمة الكمبيوتر، وتحديد مكان المدافع، وحتى تحديد المكان الذي يختبئ فيه العدو.

وبفضل خفة الحركة في ساحة المعركة الإلكترونية، قتل الأوكرانيون عشرات الجنرالات الروس الذين كانوا يميلون في الأشهر الأولى من الحرب إلى استخدام هواتف محمولة تعمل بخدمات الجيل الرابع.

منذ ذلك الحين، فهم الجيش الروسي الدرس، فلقد تعلمت مراكز القيادة أن تتحرك وتتفرق باستمرار؛ حيث يقومون بتثبيت الخلية التشغيلية في مبنى البلدية، وإيواء المخابرات في المدرسة المجاورة، ويقومون بإخفاء الخدمات اللوجستية في الاستوديو، وتشغيل كابلات ضوئية تربط بين الثلاثة. وحسب ضابط فرنسي: "يكمن الهدف في تقليل البصمة الحرارية التي يمكن اكتشافها بسهولة. كما أن مركز القيادة يصدر موجات لاسلكية، ويمكن رصده بواسطة الهوائيات".


يكفي وضع آلية مدرعة صغيرة مليئة بأجهزة الاستشعار بالقرب من خط المواجهة، لتحديد مصدر أي تردد إلكتروني مهم وإرسال طائرة دون طيار لتحديد الهدف. إلى جانب ذلك، يجب على جندي المدفعية فقط استعادة إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، ثم يتم إطلاق وابل من القذائف في غضون ثوان قليلة. وتابع المصدر الفرنسي "إن مركز القيادة، إذا لم يكن مخفيا بعناية، سيكون له متوسط عمر متوقع فقط لبضع ساعات في ساحة المعركة الأوكرانية".

القتال ضد الطائرات دون طيار هو التحدي الرئيسي الآخر للحرب الإلكترونية، فلقد غزت هذه الآلات المتنقلة والسريعة وغير المكلفة 900 كيلومتر من خط المواجهة في أوكرانيا، لدرجة أنها أصبحت لا غنى عنها، ويُستخدم بعضها لتدمير المدافع أو الدروع أو ضرب بطاريات صواريخ أرض-جو.

في المقابل، تراقب المعدات الأخرى تحركات العدو أو توجه قذائف المدفعية بدقة. وذكر رئيس أركان الجيش الفرنسي الجنرال بيار شيل، خلال اجتماع مع نقابة الصحفيين العسكريبن، أن "الطائرات دون طيار تساهم في زيادة وضوح ساحة المعركة باستخدام الأقمار الصناعية والإنترنت والذكاء الاصطناعي مستقبلا".

يستخدم الأوكرانيون والروس لمواجهة الطائرات دون طيار، مثبطات الترددات اللاسلكية، التي تشبه حقائب اليد، والتي تعطل نظام تحديد المواقع العالمي داخل دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات، ما يزيد من صعوبة قيادة المركبات المدرعة، وشل آلات الطيران التي تعمل عن بعد.

 وقال باحث من معهد رويال يونايتد سيرفيس (مؤسسة بحثية بريطانية)، جاك واتلينج، "عندما تستخدمه ضد عدو، فإنك تعاقب نفسك، حيث يمنعك من الحفاظ على التشويش الدائم".

في ساحة المعركة الأوكرانية، حتى أولئك الذين لديهم خبرة محدودة في مجال الإعلام، يمكنهم الانخراط في الحرب السيبرانية، والاقتراب من المقاتلين، مجهزين بجهاز التوجيه الخاص بهم وجهاز كمبيوتر محمول، يتتبعون الثغرات الموجودة في أنظمة الواي فاي وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالخصم التي تجهز مواقع القيادة، وكذلك العديد من الدبابات والعربات المدرعة، ناهيك عن الهواتف.

وبهذه الطريقة، سيطر مخترقون أوكرانيون ذوو مهارات خاصة على كاميرات الفيديو في البلدات التي يحتلها العدو، وقدموا لأنفسهم معلومات استخباراتية بتكلفة زهيدة. وتتمثل مهمتهم أيضا في إنشاء دفاعات قوية ضد اختراقات العدو. كما أن هناك طريقة أخرى، والمتمثلة في البنادق التي ترسل موجات شبيهة بالرصاص على متن طائرة صغيرة لقطع الإرسال بين الطائرة دون طيار والطيار عن بعد.


المصدر: لاكروا




روزنامة المحور