الأربعاء 28 تموز , 2021 04:49

الشركات الأمنية بديل للقوات القتالية الأميركية من العراق

يبدو أن الشركات الأمنية الأمريكية في العراق، ستلعب دوراً مهماً في الفترة القادمة في تاريخ هذا البلد، لا سيما بعد إعلان الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن"، عن موعد انسحاب القوات القتالية لبلاده نهاية هذا العام. حيث ستستفيد الولايات المتحدة قدر الإمكان من هذه الشركات، لتعوض قدر الإمكان من غيابها العسكري المباشر، ولتكون أداةً لمواصلة تدخلها ونفوذها في البلد.

لذا بات من الضروري، دراسة أنشطة هذه الشركات الأمنية بكل جوانبها، حيث قام الباحث الايراني "رضا ستوده" بمعالجة هذا الموضوع، في مقال تم نشره على موقع مركز الدراسات الاستراتيجية، التابع لرئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران.

النص المترجم:

أصبحت الشركات الأمنية الخاصة في الوقت الحالي، جزءًا من صناعة مزدهرة على مستوى العالم تستفيد منها كلا من الولايات المتحدة، إلى جانب المملكة المتحدة، لتعزيز مصالحهما الوطنية.

وفي سياق النفوذ الأمريكي الناعم والصلب بعد غزو العراق، كانت استراتيجية تواجد هذه الشركات الأمنية في منطقة غرب آسيا وخصوصاً العراق، من أهم أدوات أمیرکا لتثبيت الدعم العسكري والاستخباراتي في المنطقة.

مع هذا التفسير، يمكن الإدعاء بأن الحكومات الأمریكية المتعاقبة طیلة فترة حکمها، وحتی الآن لديها رغبة قوية في التواجد النشط لهذه الشركات في العراق. وتشمل شركات الأمن أشخاصًا اعتباريين وحقيقيين يقدمون خدمات احترافية، أي أنهم يدربون الجنود، حيث يصبحون أشخاص عسكريين معروفين فيما بعد في العالم.

كما تعمل هذه الشركات كوسيط بين الحكومة والجنود المحترفين، بحيث لا يواجه الجنود الحكومة أو أرباب العمل، بشكل منفصل ومباشر.

وتقدم هذه الشركات مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك الدعم الدبلوماسي، والعمليات التجارية، والأنشطة العسكرية والاستخباراتية، والمرافقة الأمنية، وتقديم المشورة لقوات الأمن، واستجواب السجناء وما شابه ذلك.

وقد تولت الشركات الأمنية الأمریكية، مسؤولية حماية ومرافقة كبار الضباط العسكريين الأمریكيين، بعد سقوط نظام صدام حسین. ونفذت العديد من المهام، على مختلف المستويات في العراق. وبسبب مشارکتها مع الجيش الأمريكي في العديد من العمليات، أطلق البعض عليها اسم “الجیش الآخر" لأميرکا.

وبالنظر إلی إمكانية انسحاب القوات الأمريكية من العراق في مراحل مختلفة، وتزايد فعالیة الشركات الأمنية الموجودة في هذا البلد؛ فان الهدف الأساسي من هذا المقال هو دراسة أنشطة الشركات الأمنية الأمريكية في العراق.

منذ بداية القرن الثالث عشر، عندما ظهرت القرصنة لأول مرة، سمحت الحكومات باستخدام قوات الأمن الخاصة. ولغاية الآن، ترتبط بالمساعدات التي أرسلت إلی البلدان الأجنبية البعيدة، ولتحقيق الاستقرار أو تحویر المشكلات التي تعاني منها تلك البلدان.

وتعتبر الولايات المتحدة، هي احدی موردي هذه الشرکات حیث کانت الشرکات الأمنیة الأمریکیة في بدایة الأمر، تعمل تحت اشراف النقابات الصناعیة والعمالیة، لكن مع تصاعد قدرتها وارتباطها الواسع مع كبار مسؤولي البيت الأبيض، انسحبت تدريجياً من القیود القانونیة المحلية الأمريكية، وعملت في الشؤون العسكرية والأمنية بشكل مستقل في أجزاء مختلفة من العالم ولا سيما في العراق.

-أسباب تواجد الشركات الأمنية الأمريكية الخاصة في العراق

في الوقت نفسه وعلى الرغم من وقوع المعارك في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تزايد دور الأمن الخاص في بیئة النظام الدولي بشکل کیبر.

كما أن التواجد المتساوي للقوات الحكومية بالنسبة إلى قوات الأمن الخاصة في العراق، وارسال أكثر من 100 شركة من مجموع حوالي 300 شركة أمنية عسكرية غربية، إلى منطقة غرب آسيا، تشیر إلى الاهتمام المتزايد واللافت بالقطاع الخاص في مجال الأمن.

ومن وجهة نظر سياسات الغطرسة الأمريكية، فإن هذه الأنواع من الشركات الأمنية في الواقع، هو ترکیب من ثلاث مجتمعات: الجيش والتجارة والشركات متعددة الجنسيات.

ومع ذلك، يمكن تلخيص اهتمام حكومة الولايات المتحدة باستخدام شركات الأمن في أربع قضايا مهمة:

أولاً: تأسيسها لا يتطلب أخذ موافقة الكونجرس.

ثانيًا: ترتبط هذه الشركات بعلاقات قوية مع الجهاز السياسي.

ثالثًا: قد يكون استخدام الجيش الخاص، لا سیما في المهمات الإنسانية، الخيار الأفضل لإرسال العسکرین الرسمیین، وفي النهاية أصبحت الولايات المتحدة تعتمد بشكل لافت على هذه الشركات.

من أهم هذه الشركات العاملة في العراق:

بلاكووتر: من أبرز الشركات العاملة والتي غيرت اسمها مؤخراً إلى أكاديمي. عند معالجة أنشطة هذه الشرکة في الشؤون العسكرية وکذلك تجنيد عملاء وكالة المخابرات المركزية المتقاعدين، یتبین أن هذه الشرکة تعمل على تقديم خدمات مثل وكالة المخابرات المركزية. لذلك تنظم هذه الشرکات إحدی أهدافها، في إطار القيام بعمليات تجسس والتعرف على البيئة الداخلية والخارجية للعراق.

أرمو: لدی هذه الشرکة 9000 عامل وتقوم بحراسة القوافل غیر العسکریة في العراق. هذه المجموعة لدیها نشاط في أكثر من 125 دولة، بما في ذلك المناطق المتوترة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.

تريبل كانوبي: هذه الشركة هي نوع آخر من شركات الأمن الأمريكية، التي تم توظيفها لتحل بديلاً عن قواتها الرسمية في العراق، ومعظم قواتها من البيرو وأوغندا.

Dyncorp: هذه الشركة تقع في مدینة فرجينيا الأمريکیة وتم اختیارها من قبل وزارة الخارجية على وجه التحديد، للبقاء بعد الانسحاب.

-فوائد أميركا من تواجد هذه الشرکات في العراق:

حالیاً أصبحت شركات الأمن جزءًا من صناعة مزدهرة علی مستوی العالم تستفيد منها الولايات المتحدة، إلى جانب المملكة المتحدة، لتعزيز مصالحها الوطنية. ازدهرت هذه الصناعة خصوصاً بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وذلك بفضل العلاقات القویة التي تربط المحاربين القدامی بالمؤسسات السیاسیة.

وفیما یلي بعض فوائد هذه الشرکات العائدة على هذه الحکومات:

إن توسع مثل هذه الشركات في الولايات المتحدة يتوافق مع سياسات مرحلة بعد الحرب 1_الباردة لهذا البلد، بهدف تقليص حجم الجيش واحترافه.

2_إن سياسات البيت الأبيض العدوانية في القرن الحادي والعشرين، متعلق بالتواجد الأمريكي الواسع لتحقيق الهيمنة العالمية، تطالب تحرك فعال لهذه الدولة في المناطق المتأزمة في العالم، وخاصة في منطقه غرب آسيا، وتنفيذ هذه السياسة يتطلب الحاجة لعدد کبیر من القوی حیث من الطبیعي أن الشرکات الأمنیة سوف تملأ تلك الثغرات بإبرامها العقود الکبری مع وزارة الدفاع ووزارة الخارجیة الأميريكية.

3_تستفید الشركات الأمنیة من وضع القانون الدولي المبهم لها فيما يتعلق بأنشطتها، ولا سیما أن هذه الشرکات لا تخضع للقانون المحلي، وربما لا تخضع بالضرورة لقوانین الولايات المتحدة، لأنه لا یوجد اشراف قضائي على أنشطتها. وهذا يؤدي إلى انعدام المساءلة مقارنة بالجنود العاديين، الذين يمكن محاكمتهم أمام محكمة عسكرية، إذا ما تم انتهاك أي من القوانين العسكرية ذات الصلة.

الخلاصة والتقیيم:

بحسب الكاتب، وبالنظر إلى طبيعة وأهداف الشركات الأمنية الأمريكية والفوائد العائدة لحكومة الولايات المتحدة، فمن الواضح أنه في أي فترة رئاسية، يرغب صناع القرار في الاستفادة من الأنشطة التابعة لهذه الشركات، في منطقة غرب آسيا ولا سيما في العراق.

مع تقدیم هذا الشرح، يمكن الاستنتاج أن الولايات المتحدة ستستفید قدر الامکان من هذه الشركات بطریقة ما، كأداة لمواصلة تدخلها ونفوذها في المنطقة، لا سیما في المستقبل القريب حیث تضطر قواتها العسكرية إلى الانسحاب من العراق.

لذلك، نظرًا لأن مثل هذه الشركات تحتاج إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمن لتقوية الصناعة المزعومة والربح منها، وبينما يؤدي تعزيز السلام والأمن في البلدان المستهدفة إلى إنهاء عمل هذه الشركات، يمكن الاعتراف بأن اضعاف السيادة الوطنية، والحد من دور الحكومة في توريد السلع الأمنية وكذلك الثغرات السياسية هي من نتائج تواجد الشركات الأمنية الخاصة في العراق.

نتيجة لذلك، لم يكن وجود هذه الشركات على حساب الشعب العراقي والحكومة فحسب، بل سيكون له أيضًا تداعیات على بلد مثل إيران حیث تسعى إلى توفیر أمن المنطقة، بما في ذلك:

-المساعدات الاستخباراتية العسكرية للإرهاب التكفيري الناشط في العراق، لتضخيم الحاجة إلى تواجد القوات الأمريكية في العراق.

- دعم المجموعات الإرهابية المعادية للثورة على الحدود المشتركة بين إيران والعراق، من أجل تقويض الأمن القومي للجمهورية إيران الإسلامية.

-عدم الاستقرار وایجاد ثغرات في الحدود العراقية الإيرانية، عن طریق المساعدة في تهريب الأسلحة والمخدرات.

-المراقبة الاستخباراتية على الحدود الإيرانية العراقية، وتوفير الظروف المناسبة لفعالية المخابرات الأمريكية وکیان الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.

لذلك، مع العلم أنه مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق سيزداد دور هذه الشركات في المستقبل، ونظراً لتداعيات وجود مثل هذه الشركات في العراق، والتي تم ذكر بعضها. فعلی المؤسسات الأمنية المحلية المشاركة الفعالة والذكية، والعمل لتعزيز ارتقاء المراقبة المعلوماتیة وزيادة وظيفة إدارة حدودها، ومراقبة أعمال ونشاط هذه الشركات قدر الإمكان، وذلك من أجل تحييد المخاطر الأمنية في المستقبل.


مرفقات


المصدر: مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران

الكاتب: رضا ستوده




روزنامة المحور