الجمعة 24 أيلول , 2021 02:17

تهديد أنابيب الغاز في سوريا ولبنان.. من المستفيد؟

تعد حادثة اشتعال خط أنابيب النفط، يوم الجمعة 17/9، في بلدة الشيخ عياش- عكار، والذي يمتد من العراق ويغذي مصفاة الداعتور في البداوي- طرابلس، بداية لجولة إرهابية قد تمنع وصول المشتقات النفطية إلى لبنان. كما أن أنابيب النفط، التي تمر من الحدود السورية باتجاه معمل دير عمار في طرابلس وضعها مزرٍ، فيما أنابيب البترول القادمة من سوريا تتعرض للسرقة بواسطة ضخ المياه فيها. وضع مقلق يطرح السؤال حول أمن هذه الخطوط التي ستحمل الغاز المصري إلى لبنان.
 
ترافق التفجير في عكار مع تفجير أنبوب محطة دير علي في سوريا، وهي منطقة قريبة من الكسوة وخان الشيخ، أي أنها تعتبر من المناطق الآمنة نسبياً. وتلازم الحوادث لم يأت من باب الصدفة، فقد أعلنت ما تسمى بـ"ولاية الشام"، التفجير في سوريا ويأتي"...ضمن الحرب الاقتصادية". إذن حرب تفجيرات الأنابيب هي حرب اقتصادية ولن يكون لبنان بمنأى عنها أو عن الإرهابيين المخولين بالعمل عليها. عملان ارهابيان يقعان في خانة الإنتقام من الإنتصار الذي حققته الدولة السورية في درعا، ومن انتصار سوريا ولبنان في ادخال الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر الأراضي السورية.

يقول مصدر مطلع:" نحن نعود اليوم إلى أسباب الحرب الحقيقة على سوريا، وهي محاولة السيطرة على خطوط أنابيب النفط والغاز عبر أراضيها. والمتضرر الأول من تمديد الغاز المصري واستيراد النفط العراقي إلى لبنان، هي الدول الثلاث، تركيا وقطر والسعودية، اللواتي خرجن خالية الوفاض من حرب الأنابيب بعد دفع الأموال الطائلة. إذن من المنطقي أن تحاول هذه الدول إعادة تفعيل أدواتها الإرهابية". والمطلوب اليوم، تعطيل وصول الغاز المصري إلى سوريا ولبنان. واللافت أن التفجيرات جاءت متزامنة مع عقد لقاء ثلاثي في البحر الأحمر جمع كل من ولي عهد السعودية وأمير قطر ومستشار الأمن الوطني الإماراتي، وبعد يوم من وصول شاحنات المازوت الإيراني إلى لبنان.

تمر في شمال لبنان أربعة أنابيب، ثلاثة منها للنفط، وواحد للغاز، ومن المفترض أن يمر فيها الغاز المصري قادماً من الأراضي السورية، عبر خط الغاز العربي. الأنابيب مكشوفة وتتعرض للتعديات، ويبدو أن عمليات التخريب، "مغطاة من قبل بعض رجالات الدولة". وباتت في الآونة الأخيرة عملية ثقب الأنابيب وسرقة النفط المار فيها عملية رائجة ومنظمة، وبحسب المصدر: "في المرحلة الحالية، تكرار التفجيرات المفتعلة للأنابيب يتطلب زيادة مستوى الحراسة والتنسيق الأمني، وما حصل يعد عملية ارهابية بسيطة". تأمين الحراسة ليس بالمسألة الصعبة، فالأنابيب تمتد لمسافة 30 كيلومتراً، ما بين النهر الشمالي، ونهر البارد، وبعرض 30 متراً، أي على مساحة 900 متراً مربعاً، مساحة صغيرة لا تتجاوز دونماً زراعياً. 

لكن طرابلس المليئة بعملاء لتركيا، والتي كانت معنية بتفجير الوضع الأمني في المدينة، خلال أواخر ربيع العام 2020، وقامت بالتحريض على المظاهرات والتي ارتبطت بحراك 17 تشرين. وصل لبنان يومها أربعة ملايين دولار من المخابرات التركية لتأزيم الأوضاع. حيث أغلق عدد من الشباب والشابات، الذين لم يتجاوزوا العشرينات من العمر الطرقات. وعندما سُأل الضابط المسؤول حول ما يحدث، ولماذا لا يتم ضبطهم، تحدث عن دور للمخابرات التركية، وبأن هؤلاء تركناهم تخفيفاً للضغط وتنفيساً للإحتقان. وفي 12 تموز، أعلن وزير الداخلية والبلديات السابق، محمد فهمي رسمياً في مؤتمر صحفي عن دخول الأموال التي حملها ثلاثة أتراك وآخر سوري، وكشف أن الهدف هو تنشيط خلايا إرهابية في طرابلس. 

إذن لم يعد سرًا حجم الخلايا الإرهابية النائمة في طرابلس والمرتبطة بشكل مباشر بتنظيم النصرة عبر المخابرات التركية.  خلايا ارتبطت ايديولوجياً ومادياً بكل من تركيا وقطر. تكرر الحوادث الإرهابية في لبنان، ومنها ما حدث مؤخراً في 18 أيلول/ سبتمبرمن إشتباكات بين حركة فتح وعناصر من جند الشام في مخيم عين الحلوة، بات أمراً مقلقاً، ويعني أن هناك من يعيد تنشيط العناصر النائمة في لبنان. حيث كشف الجيش اللبناني في 20 أيلول/ سبتمبر خلية إرهابية تنشط بين لبنان والخارج، وهو أمر على الدولة اللبنانية التحضير من أجل القضاء عليه، أو على الأقل تقويضه تحضيراً للمرحلة القادمة عند بدأ ضخ الغاز. كما أن الحاجة لإصلاح الأنابيب من أجل استجرار الغاز المصري عبر سوريا إلى دير عمار ووقف التعديات عليها، باتت ملحة. ويبدو ان المخربين لأنابيب النفط في الشمال مدعومين من قبل أفراد نافذة في الدولة اللبنانية.

وفي السياق، ما يحدث اليوم في جنوب سوريا من تنظيف لجميع مدن وقرى محافظة درعا من الإرهابيين، يكتسب أهمية خاصة لصالح تأمين خطوط الغاز المصري والكهرباء الأردنية. ويجب أن ينطبق الأمر نفسه في شمال لبنان، الذي سيمر في شماله الغاز المصري من بانياس إلى دير عمار في طرابلس. ويجب وضع حد لحوادث التفجيرات والتعديات الإرهابية وضبطها وإيجاد حلّ جذري لها.

بعد الحرب على سوريا وعلى الدول العربية بحجة "الربيع العربي" ونشر الديمقراطية، وحركة تغيير النظام في لبنان، انتشرت ظاهرة تخريب منشآت الدولة. ظاهرة توجب أن يكون هناك تعاون مشترك ما بين مصر والأردن وسوريا ولبنان، من أجل حماية منشآت خطوط الغاز والكهرباء. بعد أن أدت العلاقات الدبلوماسية دورها بلقاء وزراء الطاقة الأربعة من أجل تنسيق تمديد الغاز والإتفاق على النقاط اللوجستية المتعلقة بالعمل.

و يبدو أن حسم ملف الإرهاب بين الدول الأربعة قد وصل إلى مستوى التنسيق العسكري، الذي تٌوّج بزيارة وزير الدفاع السوري منذ أيّام إلى الأردن، وهي بداية للتنسيق الأمني الكامل ما بين الأردن وسوريا، بما يتعلق بتنظيم عودة اللاجئين السوريين وخصوصاً من مخيم الزعتري، ووقف تمرير المسلحين والسلاح إلى الأراضي السورية. تنسيق أمني يحتاج لبنان أن يحذو حذوه من أجل تأمين استيراد الغاز وقطع الطريق على من يعرقل انتقاماً.


الكاتب: عبير بسّام




روزنامة المحور