الأربعاء 12 كانون الثاني , 2022 02:49

تحالفات حزب الله.. هل أصابت؟

تظاهرة تحمل اعلام التيار الوطني الحر وحزب الله

يمثل أداء حزب الله في الملف السياسي لا سيما الشأن الداخلي نقطة لافتة في ظل البحر اللبناني المعقد من التحالفات المتناقضة أحيانا، فحزب الله طالما اعتمد قاعدة الصدق والالتزام بتعاطيه مع حلفائه بدون تفضيل المصالح والحصص الضيقة، بل في كثير من الاحيان تنازل من حقوقه لصالح الحلفاء.

وقد انطلق حزب الله في نسج تحالفاته الداخلية على أساس رؤيته للمصلحة الوطنية اللبنانية، واعتمد قاعدة ذهبية تخدم المصلحة العامة هنا وهي "الجذب السياسي" باعتبار ان السياسة "فن الممكن" في التعامل مع بقية الاطراف، فالحزب أقام علاقة متينة وصلبة مع الحلفاء بدون ان يفرّط بثوابته الأساسية التي تأتي المقاومة على رأس سلم أولوياته، وايضا رفضه التعاطي مع أي من عملاء الكيان الاسرائيلي بأي شكل من الأشكال، وتأكيده ان خدمة الناس هي الهم الدائم له، وبعد ذلك فهو جاهز لمناقشة اي مسألة مهما كانت جوهرية في مسيرته ومن ضمنها سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية.

أما حول الأخذ والرد وبعض الاختلافات التي قد يحصل بين حزب الله وبعض حلفائه، فهنا طالما تؤكد قيادات الحزب انها مسألة طبيعية باعتبار ان حزب الله عندما يتحالف مع اي فريق آخر فهما لا يذوبان ببعضهما، فمثلا  لو أخذنا علاقة الحزب بحركة أمل، هذه العلاقة الاستراتيجية على تميزها وقوتها لم تجعل الحزب والحركة فريقًا واحدًا حيث بقي لكل منهما رأيه وطريقة معالجته للامور الداخلية التي قد تختلف كثيرًا في العديد من الملفات.

ونفس الأمر ينطبق مع التيار الوطني الحر حيث تأخذ العلاقة معه حيزًا من النقاش عند كل اختلاف قد يحصل بينه وبين حزب الله في أي ملف من الملفات، وتبدأ التحليلات حول مستقبل العلاقة وقدرتها على الصمود والاستمرار، وفي كثير من الأحيان يخرج قيادات من الحزب والتيار للتأكيد على استمرارية التحالف التاريخي الذي سبق أن عقده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون في العام ٢٠٠٦.

لكن يبقى السؤال الأهم: ماذا حققت تحالفات حزب الله على الصعيد الوطني للبنان؟ وبمعنى آخر هل كانت التحالفات التي نسجها حزب الله في الساحات المختلفة شيعيًا درزيًا ومسيحيًا ناجحة أم انها بحاجة لاعادة تصويب، أم انها فقط تحتاج إلى تطوير وتعزيز خدمة للمصلحة الوطنية؟

وهنا لا بد من الإشارة الى ان تحالفات حزب الله حققت الكثير من الإيجابيات منها على سبيل المثال:

-العلاقة مع حركة أمل حصّنت الساحتين الشيعية والوطنية خاصة منذ ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وساهمت هذه العلاقة بتجنيب كثير من المناطق خضات ومحاولات لبث الفتن، وواجهت بعض المخططات التي حيكت للبلد ولاستهداف المقاومة وعلى رأسها مخطط المحكمة الدولية وما تلاه من أحداث سواء في حرب تموز 2006 او العدوان التكفيري على لبنان وغيرها من المؤامرات، ناهيك عن قدرة هذه العلاقة برفع مستوى الإنماء في مناطق الجنوب والبقاع، وبالتالي لا مجال إلا للحفاظ على هذه العلاقة وحمايتها وتطويرها اكثر فاكثر.

-العلاقة مع التيار الوطني الحر التي أسست على اتفاق "مار مخايل"، ساهمت بتأمين مظلة استقرار وطني منعت الانزلاق للفتن في كثير من الأحيان، وفتحت الأبواب للتواصل بين شرائح لبنانية كانت بعيدة عن بعضها جراء الظروف المتراكمة منذ ما قبل الحرب الأهلية، كما أكدت هذه العلاقة التفاف مختلف الشرائح اللبنانية حول المقاومة، وبرز ذلك خلال عدوان تموز ٢٠٠٦ وما تبعه من أحداث بعد اغتيال الرئيس الحريري وانسحاب الجيش السوري وصولا الى تتويجها بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، بالإضافة إلى فتح الباب على نقاشات كثيرة من الملفات بينها الاجتماع على محاربة الفساد والحفاظ على القرار الوطني اللبناني امام كل الضغوط التي تحصل، وبالتالي المصلحة الوطنية تقتضي بالحفاظ على هذه العلاقة وتطويرها ومعالجة أي سوء فهم قد يحصل هنا او هناك.

-العلاقة مع تيار المردة هي علاقة راسخت وتعززت في إطار تحقيق المصلحة الوطنية وتأكيد ان لا فارق بين اللبنانيين ايًا كانت طوائفهم، فالكل تجمعه مسائل كالمقاومة وسيادة لبنان ودعم علاقاته بجيرانه لا سيما سوريا وتأكيد ضرورة التعاون مع الجيش اللبناني بمواجهة كل الأخطار انطلاقا من القاعدة الذهبية "الشعب والجيش والمقاومة"، ولذلك ينبغي حماية وتطوير العلاقة بين حزب الله والمردة في ظل الثقة الكبير المتبادلة بين الطرفين.

-علاقة الحزب مع الحلفاء في الساحتين السنية(من قيادات دينية ووطنية) والدرزية (لا سيما رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب) أكدت على عمق العلاقات القائمة حول ثوابت المقاومة وسيادة الدولة، وأيضًا منعت الفتن في عدة محطات حيث كان هناك من ينوي في بعض المراحل لجر البلد او بعض مناطقه او طوائفه إلى تنفيذ أجندات معينة وبرزت أهمية هذه العلاقات منذ العام 2005 وحتى اليوم، وقد برز أيضا التعاون بين حزب الله وبقية الحلفاء لتقديم الدعم للناس في مختلف المناطق بدون تمييز او تفرقة خاصة مع جلب الحزب لبعض المواد الأساسية على رأسها المازوت في ظل الحصار الاميركي على لبنان، لذلك كله يجب تدعيم هذه العلاقات وتمتينها وتوسيع رقعتها قدر الامكان بدون المس بخصوصية كل فريق او جهة داخل طائفتها.

لا شك أن أي علاقة بين طرفين حليفين تحتاج دايما إلى إعادة بحث بحسن نية، لسد أي ثغرة قد تطرأ ومعالجة السلبيات وتعزيز الايجابيات والبناء عليها وتعزيزها بما يخدم الصالح العام، كما يجب على الحلفاء الاستماع لبعضهم أكثر وتقريب وجهات النظر فيما لو وجدت بعض الاختلافات كما يحاول دائما حزب الله فعله مع بعض الحلفاء عبر محاولة التقريب بينهم وهذا ما ثبت صوابه بالتجربة واليوم يحتاجه هؤلاء الحلفاء ونحن على أبواب الانتخابات لخوضها بشكل أقوى وتحقيق النتائج المرجوة منها، وفالواضح ان حزب الله لن يتخلى عن أي حليف بل سيسعى لتقوية العلاقة معهم بكل السبل الممكنة وحاضر لتقريبهم اكثر فأكثر من بعضهم البعض، وهذا ما أكده الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله مؤخرا حيث قال "إننا حريصون جدا ‏على حلفائنا وعلى أصدقائنا وعلى علاقاتنا..".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور