الجمعة 15 تموز , 2022 02:19

"مجزرة اللد": بايدن اختار توقيت "رحلة الموت"!

بايدن ومجزرة اللد

ليس غريباً أن يبدي رئيساً أمريكياً تأييده الكامل للكيان المؤقت فهو أمر يقع في صلب السياسة الخارجية الأمريكية التي لا تتغيّر بتبدّل الأسماء في البيت الأبيض. لكنّ إعلان الرئيس الحالي جو بايدن أنه "صهيوني" منذ أن وطأت قدمه أرض مطار "بن غوريون" في مدينة اللد المحتلّة تحديداً في 13 تموز / يوليو 2022، حمل العديد من الدلالات ما بين السطور بالنظر الى التوقيت وبمراجعة تاريخٍ عمره 74 عاماً.

في شهر تموز / يوليو من العام 1948، اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة اللد مرتكبةً المجازر بحق الشعب الفلسطيني حيث استشهد في الفترة بين 10 و18 من هذا الشهر أكثر من ألف فلسطيني وهجّر آلاف آخرون إلى رام الله في الضفة الغربية (التي احتلّت عام 1967).

أطلق الاحتلال "عملية داني" العسكرية لاستهداف القوات العربية التي كانت تتمركز في تلك المنطقة لصدّ الاجتياح، وهدفت الى السيطرة على مدينتي اللد والرملة بسبب موقعهما الاستراتيجي القريب من مدينة "تل ابيب" وعند ملتقى خطوط المواصلات التي تربط بين شمال جنوب وساحل الدّاخل، ولأنها تضم محطة الهاتف الفلسطينية الرئيسية، كما لأجل وجود مطار عسكري صغير في الرملة وآخر مدني كبير في اللد وهو الذي تحوّل فيما بعد الى المطار الحالي "بن غوريون" على اسم المؤسس الأول للكيان المؤقت (دافيد بن–غوريون). 

وفق هذه العملية، هاجم جيش الاحتلال مدينة اللد (في 10 /7) واحتلها في نفس اليوم نتيجة الهجوم المُكثف الذي أدى الى وقوع العديد من الشهداء في صفوف الفلسطينيين. حسب  تقرير المُؤرخ الإسرائيلي بيني مورس قتل جيش الاحتلال 167 شخصاً من سكان اللد بعد أن جمعهم في مسجد "دهمش"، فيما يذكر الاعلام الفلسطيني أن حصيلة شهداء مجزرة المسجد بلغت 426 شهيداً. بقي المسجد مُغلقاً لسنوات طويلة قبل ترميمه عام 2002 وحينها يُذكر أن أحد الداخلين إلى المسجد قد قال بأنه لاحظ بُقعاً من الدم على جدران المسجد خلال أعمال الترميم (وفق الاعلام الفلسطيني).

لم تنتهِ العملية عند المجازر، بل بأمر من "بن غوريون" الذي قال "اطردوهم"، شنّ جيش الاحتلال حملات تهجير الفلسطينيين. يصف من شهد طريق التهجير ذاك بأنه "رحلة الموت" التي بدأت يوم 13 تموز / يوليو. وفي كتابه "الثوريون لا يموتون أبداً"، وثّق مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش مشاهد من رحلة التهجير، اذ قال "لقد أتى الإسرائيليون الى اللّد وأجبرونا على الفرار...أنها صورة لا تغيب عن ذهني ولا يمكن أن أنساها، ثلاثون ألف شخص يسيرون، يبكون" ويتذكر مشاهد الأطفال المحتضرين، والمرضى، والمسنين يمشون تحت أشعة الشمس في أرضٍ وعرة.

فيما توزّع جنود الاحتلال على الطريق بمكبرات الصوت والبنادق، وذكر أحد الشهود أنه "لفترة طويلة، لم نكن نعلم إلى أين نتجه". المئات من الفلسطينيين استشهدوا في "رحلة الموت" التي استمرت أكثر من 10 ساعات سيراً على الأقدام دون ماء أو طعام، البعض لجأ لمضغ أوراق الأشجار لاستخراج الرطوبة منها، بينما كانت تغطّى جثامين الشهداء ويجبرون على تركها في الطريق.

اذاً، لا يمكن اتهام "الصدفة" في اختيار بايدن لتوقيت زيارته الى مدينة "اللد" المحتلّة ومطارها في هذا التاريخ وقوله حرفياً "إسرائيل دولة يهودية مستقلة"، بل في ذلك كشف عن أوهام "السلام" التي يبيعها الى السلطة الفلسطينية والعالم أيضاً، وعن دعم بلاده الكامل لجرائم كيان الاحتلال. 


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور