الجمعة 14 تشرين أول , 2022 01:32

مأزق بايدن النفطي: معضلة التخلي عن الرياض وموسكو

خفض انتاج النفط

لا تزال أصداء القرار الأخير الذي اتخذته منظمة أوبك+ يفعل فعله على الساحة الدولية. اذ ان العلاقات الأميركية- السعودية، وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ زمن. وعلى ما يبدو ان رغبة كلا الطرفين في معاقبة الآخر باتت تتفاقم. وبما ان سيطرة الولايات المتحدة على الدولة العميقة في المملكة يعطيها هيمنة فعالة إلى حد بعيد، يمكن القول بأن الازمة بين الدولتين ناتجة عن عدم التآلف بين ولي العهد السعودي والرئيس الديموقراطي، وان العلاقة قد تعود إلى مجاريها مع عودة أحد الجمهوريين إلى البيت الأبيض. إلا ان ذلك ايضاً، قد لا يخفف من رغبة واشنطن في إعادة التوازن مع الرياض إلى سابق عهدها، بل قد يضبطها بشكل أكثر حنكة، كأسلوب الرئيس السابق دونالد ترامب.

ويقول توماس ل.فريدمان، أن الأوروبيين يتظاهرون بأنهم يستطيعون التخلص "من الانبعاثات الحرارية الكبيرة والقفز مباشرة إلى الطاقة المتجددة، وكل شيء سيكون على ما يرام. لقد تفاخر الألمان واعتزوا بأنفسهم لدرجة أنهم لم يدركوا أن السبب الوحيد الذي يجعل هذا الحلم الأزرق يبدو ممكناً هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يبيعهم الغاز الرخيص الأمر الذي سمح لهم بالاستفادة من الفارق". ويضيف ان "الولايات المتحدة وبخلاف أوروبا، كان بمقدورها من الناحية النظرية تلبية احتياجاتها من النفط والغاز، لكن حتى هي لا تملك موارد تصدير كافية للتعويض عن تقليص إنتاج النفط من جانب روسيا وأوبك +... على الدول الغربية التوقف عن بناء القلاع الهوائية".

وعن الحلول التي تعرضها كل من الإدارة الأميركية وبعض الحكومات في الدول الأوروبية عن ضرورة اللجوء للطاقة النظيفة والتخلي عن النفط الاحفوري، كخطوة مضادة للإجراءات التي اتخذها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تقول صحيفة نيويورك تايمز، ان كل من واشنطن والدول الاوربية "تثيران السخرية والاستهزاء بحديثهما الاستعراضي عن البيئة، والذي يفتقد لأي مضمون حقيقي".

وبحسب الصحيفة فإن كل التصريحات تبقى عبارة عن "وعود فارغة ما دام لم يتم ضمان إمداد مستقر وموثوق للطاقة مع الحد الأدنى من الانبعاثات وبأقل تكلفة... نحن نتباهى بأهدافنا الفاضلة، بينما يضحك بوتين وابن سلمان وهما يحققان الأرباح الهائلة من موارد الطاقة".

ولفتت الصحيفة إلى أن استراتيجية بوتين الطاقوية "ليست مجنونة ولا خالية من الأمل"، بل نجحت "بسبب عقدين من فشل الدول الغربية في التفكير بشكل استراتيجي في مجال الطاقة". وتابعت: "لقد أرادوا تحقيق الغايات، هناك عالم لم يعد يعتمد على الوقود الأحفوري، لكنهم لم يقدموا الوسائل اللازمة لبلوغ ذلك الهدف بطريقة مستقرة، من خلال تعظيم أمنهم المناخي وأمنهم في مجال الطاقة وأمنهم الاقتصادي في الوقت نفسه".

ومن جهتها، اعتبرت أستاذة في مختبر سياسة المناخ في مدرسة فليتشر بجامعة تافتس، إيمي مايرز جاف، أن قرار السعودية بـ "السعي للحصول على أسعار أعلى والتحالف مع روسيا في مثل هذا الوقت الذي يتصاعد فيه القلق بشأن أمن الطاقة يُعد قراراً مصيرياً". وتضيف "في دعمها لطلب روسيا المتعلق بتخفيضات الإنتاج، تضع أوبك نفسها في موضع يهدد مكانتها"، مشيرة إلى أن القرار المصمم لاستعادة السيطرة على سوق النفط يمكن أن يسرع انتقال الطاقة بعيدا عن الوقود الأحفوري. وأي شخص يستطيع الابتعاد عن النفط سيفعل ذلك الحكومات الوطنية والشركات والمدن والمستهلكين. لا تعد تصرفات أوبك سوى مجرد مسمار في نعش تم بناؤه بالفعل".

ولجهة الأسواق النفطية، تقول وكالة الطاقة الولية ان "القرار الذي اتخذته منظمة أوبك+ الأسبوع الماضي بخفض إنتاج النفط قاد إلى ارتفاع الأسعار وقد يدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود... التدهور المستمر للاقتصاد العالمي وارتفاع الأسعار الناجم عن خطة أوبك+ لخفض الإمدادات يبطئان الطلب العالمي على النفط"...

وتوقّعت في تقريرها الشهري أن يبلغ معدل الطلب العالمي 101.3 مليون برميل يومياً. وبعدما ارتفع المعروض إلى 101.2 مليون برميل يومياً في أيلول/سبتمبر، يتوقّع أن يتباطأ بشكل كبير في هذا الربع من جراء قرار المنظمة. وأضافت "في ظل تداعيات الضغوط التضخمية المتواصلة ورفع أسعار الفائدة، قد يمثل ارتفاع أسعار النفط نقطة التحول الفاصلة لاقتصاد عالمي هو بالفعل على شفا الركود". فيما توقعت الوكالة ايضاً ان "أي اضطراب كبير لتدفقات النفط الروسي، حتى ولو لمشترين من خارج الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، قد يتسبب في ارتفاع الأسعار حول العالم، الأمر الذي سيفاقم التداعيات الاقتصادية على مواطني الدول التي تفرض العقوبات والتي تعاني بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور