الثلاثاء 25 تشرين أول , 2022 02:45

الشرق الأوسط في استراتيجية الأمن القومي الأميركي 2022

استراتيجية الأمن القومي الأميركية 2022

لم يحظَ الشرق الأوسط بنصبيه المعتاد في استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي صدرت أخيراً. اذ ان الـ 48 صفحة التي تطرقت لعدد من الملفات على رأسها "التهديد الصيني للنظام العالمي"، خصصت ما يقارب 827 كلمة فقط للحديث عن مقاربة الرئيس، جو بايدن، للساحة الشرق الأوسطية. وللمفارقة، فإن الإدارة التي شددت خلال استراتيجيتها على "ضرورة خفض التصعيد، وتمكين دعم الدول للدفاع عن نفسها"، تبتز السعودية "حليفتها الأولى في المنطقة" بقضية حظر الأسلحة رداً على مواقفها الأخيرة، وتستمر بدعم ما يقوّض أمن عدد من الدول، وعلى رأسها إيران واليمن، كإحدى ملامح تناقضات المشهد المبني على البراغماتية السياسية.

وتظهر القراءة الأولية للاستراتيجية، التشدد الواضح على نهج "المحافظين الجدد" في الحزب الديموقراطي، في محاولة لبسط الهيمنة الأميركية، وبناء شبكة مختلفة من التحالفات. منها بطبيعة الحال، دول منطقة الشرق الأوسط.

 وفيما افتتحت المقدمة بعبارة "في جميع أنحاء العالم، الحاجة إلى القيادة الأميركية كبيرة كما كانت في أي وقت مضى"، عرّجت الاستراتيجية على بعض المسارات التي ستتخذها الإدارة خلال العامين المتبقين، -في حال فاز الديموقراطيون في الانتخابات النصفية المزمع عقدها في 8 تشرين الأول/ نوفمبر القادم-، وبحسب زعمها فهي:

-ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز الشراكات مع الدول التي تحترم قواعد النظام الدولي (أي أنها تدور في الفلك الأميركي)، مع ضرورة تمكينها من الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية. ويذكر في هذا الإطار، ان الكونغرس الأميركي، يدرس حالياً -بعد ان اتخذت قرارات سابقة ايضاً- حظر بيع الأسلحة للرياض، على خلفية قرار منظمة أوبك+ الأخير، الذي يتعلق بخفض انتاج النفط مليوني برميل يومياً.

-لن تسمح الإدارة الأميركية لأي من القوى الأجنبية والإقليمية بتعريض حرية الملاحة عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط للخطر. وسمّت بالتحديد، باب المندب ومضيق هرمز، وقالت انها لن تتسامح مع "الجهود التي تبذلها أي دولة للسيطرة على دولة أخرى -أو المنطقة- من خلال الحشود العسكرية أو التوغلات أو التهديدات". اذ ان واشنطن باتت تلمس فعلياً، جدية حكومة الإنقاذ في صنعاء، في قلب الطاولة اذا لم يتم رفع الحصار والموافقة على الشروط الأخيرة المتعلقة بصرف المرتبات. ويطرح هنا سؤال: بأي يد ستضرب واشنطن، اذا عاد التصعيد ليحكم المرحلة المقبلة في اليمن؟ ان كانت السعودية "منبوذة أميركياً" والامارات قلقة على بنيتها التحتية ومرافئها أكثر من أي وقت مضى؟

-ستسعى واشنطن على خفض التوترات وخفض التصعيد وإنهاء الصراعات حيثما أمكن ذلك بالدبلوماسية.

-ستعمل واشنطن على تعزيز التكامل الإقليمي من خلال بناء روابط سياسية واقتصادية وأمنية بين شركاء الولايات المتحدة وفيما بينهم، ومن ذلك هياكل الدفاع الجوي والبحري المتكاملة، مع احترام سيادة كل دولة وخياراتها المستقلة.

-ستعمل الولايات المتحدة دائما على تعزيز حقوق الإنسان والقيم المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة.

الدخول إلى إيران من بوابة "المجتمع المدني"

بالنسبة لإيران، فقد خصصت الاستراتيجية مساحة لأجل التذكير بأنها "تتصدى لجهود إيران النووية" وقالت: "تدرك هذه الاستراتيجية... أن إيران تتدخل إيران في الشؤون الداخلية للجيران، وتنشر الصواريخ والطائرات بدون طيار من خلال الوكلاء، وتتآمر لإلحاق الأذى بالأمريكيين، بمن فيهم المسؤولون السابقون، وتعمل على تطوير برنامج نووي".

وأشارت إلى أن الإدارة قد عملت على "التحسين الردع تجاه إيران، وتهدئة النزاعات الإقليمية، وتعميق التكامل بين مجموعة متنوعة من الشركاء في المنطقة، وتعزيز استقرار الطاقة". كما أنه ستدعم قيام "حكم ديمقراطي يستجيب لاحتياجات المواطنين ويدافع عن حقوق الإنسان ويتصدى للفساد، والحماية من التدخل الخارجي أو الإكراه، بما في ذلك الصين أو روسيا أو إيران. من خلال تنشيط وتمثيل مؤسسات البلدان الأمريكية، وبالشراكة مع المجتمع المدني والحكومات الأخرى". وهو ما يعد إقرار أميركي بإذكاء التظاهرات وأعمال الشغب في طهران. في حين أكدت الاستراتيجية على ضرورة اعتماد الحل الدبلوماسي لمواجهة "أنشطة إيران النووية المزعزعة للاستقرار"، مؤكدة ان الإدارة ستبقى "البقاء في وضعية الوقوف والاستعداد لاستخدام وسائل أخرى في حال فشلت الدبلوماسية... لن يتم التسامح مع تهديدات إيران ضد الأفراد الأمريكيين وكذلك الأمريكيين الحاليين والسابقين...وأثناء قيامنا بذلك، سنقف دائمًا إلى جانب الشعب الإيراني.


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور