الخميس 10 تشرين ثاني , 2022 03:46

برنامج بن غفير في الحكومة: الوجه الحقيقي لإسرائيل

اليميني المتطرّف ايتمار بن غفير

في حكومة كيان الاحتلال المقبلة، سيتسلّم اليمين المتطرّف المناصب المهمة والتي تحدّد سياسات هذا الكيان داخل فلسطين المحتلّة وفقاً لنتائج انتخابات "الكنيست" الـ 25 التي منحت شخصيات متطرفة أهمها رئيس حزب "عوتسما يهوديت" ايتمار بن غفير، حضوراً سياسياً كبيراً ضمن تحالف أحزاب "الصهيونية الدينية" الذي حصل على 14 مقعداً. ويطالب بن غفير بحقيبة وازنة هي الأمن الداخلي!

فما هو برنامج وسياسة ايتمار بن غفير في الحكومة؟  

ترتكز سياسة عمل بن غفير سواء في الانتخابات أو في الأيام الطبيعية على التحريض ضد الشعب الفلسطيني والعرب وإطلاق الشعارات العنصرية، فعشية الانتخابات خلال خطاب مع جمهوره زعم بن غفير "التعامل بقسوة مع أولئك" الذين وصفهم بـ " غير الموالين لإسرائيل"، وسط هتافات الجمهور بـ "الموت للإرهابيين"، وهي نسخة أكثر تطرفاً من الشعار الأساسي التي اعتادت مسيرات اليمين المتطرّف وجماعات "الهيكل" ترديده، "الموت للعرب".

كذلك قال في خطاباته عشية الانتخابات، أنه يخطط " لطرد العرب" من فلسطين المحتلّة التي ادعى أنها أرض لليهود، زاعماً أنه إذا وصل الى الكابينت الوزاري فسيعمل "من دون ملاحظات سياسية".

تهديد الهوية الإسلامية والعربية للمسجد الأقصى

يقع تهويد المسجد الأقصى كما بسط السيطرة الإسرائيلية على القدس المحتلّة كاملة بزعم أنها "عاصمة إسرائيل" على رأس برنامج بن غفير الذي صرّح عشية الانتخابات أيضاً أنه "يجب أن تكون إدارة بيت المقدس وفق القوانين الإسرائيلية والديانة اليهودية، بيت المقدس هي لليهود حصراً وعلى القوميات الأخرى الخروج منها، أنا سأنفذ هذا المهام بأي ثمن ولن أتفاوض مع أحد حول هذا، بيت المقدس هي حصراً لليهود".

وقدم بن غفير الى الحياة السياسية من خلفية منظمات إرهابية متطرفة، أهمها "باخ" – التي حُلّت وصنّفت إرهابية عالمياً، ومن منظمة "لاهافا" التي نظّمت المسيرات اليهودية في أيار / مايو العام الماضي في أحياء القدس واقتحمت المسجد الأقصى. وكان بن غفير المسؤول الرئيسي عن الأحداث في حي الشيخ جراح والتي أدت الى اندلاع معركة "سيف القدس" وعدوان الاحتلال على قطاع غزّة.

شرعنة جرائم الجيش

ذكر الصحفي اليهودي جدعون ليفي أنه "من بين عشرة جنود صوّت اثنان لصالح ايتمار بن غفير"، معتبراً أن "ميزة نجاح بن غفير في الانتخابات هي إبراز الحقيقة على السطح... كل ما كنا نشك فيه دائماً فيما يتعلق بالسلوك الوحشي والهمجي أحياناً لجنود الجيش وضباط حرس الحدود والشرطة الزرقاء، حصل الآن على تأكيد انتخابي، فنسبة تصويت الجنود لبن غفير هي من أعلى النسب... كل من في رأسه عقل، ويرى تصرفات الجنود في الضفة الغربية، يفاجأ فقط بأن عوتسما يهوديت لم تحصل على 100% من أصواتهم".

وتابع "بن غفير يوعظهم بأن يكونوا جنود قساة "نازيين" ويشكرونه في صندوق الاقتراع. إنهم لا يحتاجون إلى شرعنة، فهم لا يجدون أي حرج من جرائمهم"، لافتاً الى أن " هذه الانتخابات يجب أن تضع حداً للتصوير الخاطئ عن الجيش بأنه جيش أخلاقي، فعندما يصوت الجنود والقادة بأعداد كبيرة لحزب يعتبر في أوروبا نازياً جديداً، فإنهم يحددون صورة الجيش".

التطبيع: العرب في خدمة اليهود

إن درجة العنصرية التي وصل إليها اليمين المتطرّف تجعل من بن غفير يعبّر علناً، وعلى مسمع حكّام الأنظمة العربية المطبّعة أو أولئك الذين تجمعهم علاقات "دافئة" مع الاحتلال، أنه "سنحاول توسيع دائرة اتفاقيات ابراهام لكي تشمل دول عربية أخرى، هذه العلاقات يجب أن تخدم الشعب اليهودي. لا يقبل أي اتفاق خارج إطار مبادئنا، على حكام العرب القبول بسيادة الإسرائيليين المطلقة على هذه الأرض".

وفي السياق نفسه صرّح سابقاً  زعيم حزب "شاس"، أرييه درعي: "إن الحكام العرب في التوراة هم مثل حمار موسى الذي يجب أن يركب ويصل إلى وجهته. ويجب تقديم علف عالي الجودة وسروج باهظة الثمن لركوب هذه الحيوانات".

تثبت تجارب الدول المطبّعة أن العلاقات مع الاحتلال لم تكن الا سعياً نحو مصالحه فقط متجاهلاً الدولة الأخرى. فمصر التي ربطها بالاحتلال اتفاق "كامب دايفيد" منذ العام 1978 لم يتحسن اقتصادها طوال 44 عاماً! اذ يستمر مشهد السقوط الحر للجنيه أمام الدولار الأمريكي ووصل الى أدنى مستوياته منذ 20 عاماً في حزيران / يونيو الماضي، الى جانب أزمات اجتماعية ومعيشية.

الاستيطان

اعتمد تحالف "الصهيونية الدينية" في برنامجه الانتخابي شعار "استيطان وسيادة"، وهذا يفسّر إصرار بن غفير على حقيبة الأمن الداخلي في الحكومة المقبلة إذ شرحت صحيفة "هآرتس" العبرية أن "الوزارة الأكثر أهمية في هذا السياق، هي وزارة الأمن، لأن وزير الأمن هو العامل الحاسم في المواضيع التي تتعلق بسياسة الاستيطان والضم في الضفة الغربية، وهو الجهة التي تصادق على عقد مجلس التخطيط الأعلى؛ الجسم المسؤول عن منح رخص البناء في المستوطنات"، لافتةً الى أن حزب "الصهيونية الدينية" سيعمل على عقد مجلس التخطيط الأعلى بشكل متواصل".

وأضافت الصحيفة أن "وزارة المواصلات أيضا في مرمى الهدف، حيث أنه في فترة سموتريتش (زعيم الصهيونية الدينية بتسلإيل سموتريش) كوزير للمواصلات، استغلت بشكل غير مسبوق في تطوير البنى التحتية للمستوطنات في الضفة، خاصة من ناحية تخطيط الشوارع... وقد ركزت حملة سموتريتش الانتخابية، على العمل على عودة الاستثمارات في خطط إقامة البنى التحتية وشق وتوسيع الشوارع للمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، موضحةً أن حملة "الليكود" تطرقت أيضا لهذا الأمر".

بالإضافة الى ذلك، أوضحت الصحيفة أن اليمين المتطرّف سيطالب بوزارة الإسكان والبناء، "فهي المسؤولة عن مناقصات البناء في المستوطنات الكبيرة، وحقيبة الداخلية التي تعطي السيطرة على ميزانيات المجالس الإقليمية"، ومن بين أهداف الأحزاب اليمينة وقف البناء والزراعة للفلسطينيين في مناطق "ج" (الضفة الغربية المحتلّة)، وشرعنة البؤر الاستيطانية.

وتابعت الصحيفة، أن "الصهيونية الدينية" ستدفع قدما بقانون يسمى "نسيج الحياة"، الذي يضع جدولا زمنيا لتسوية البؤر الاستيطانية خلال فترة 4 سنوات، وفي هذه الأثناء سيتم ربط المستوطنات بالبنى التحتية وشبكة الكهرباء.

الوجه الحقيقي لإسرائيل وسياساتها

على الرغم من تحذير المسؤولين والمعلقين في الاحتلال وانتقادهم لسياسات بن غفير، اذ ادعى رئيس الكيان إسحاق هرتسوغ أن "العالم كله قلق من إيتمار بن غفير"، لكنها عملياً تمثّل الوجه الحقيقي وغير المقنّع ببعض العبارات الديبلوماسية – كما يفعل مسؤولو اليسار والوسط – لكيان الاحتلال وممارساته الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية وفي المنطقة على حدّ سواء.


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور