الجمعة 02 كانون الاول , 2022 03:49

الدول الاوروبية تدفع مليار دولار يومياً لبوتين!

حرب الطاقة بين روسيا والدول الاوروبية

تتوجه الدول الأوروبية بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة باستغلال الحرب في أوكرانيا، وانعكاساتها، لجني مزيد من الأرباح. وفيما بدأت تطفو الخلافات بين الجانبين، حول وضع استراتيجية لتحديد سقف أسعار النفط الروسي، تلقي الدول الأوروبية اللوم على واشنطن لعدم قدرتها على إيجاد حل "لانتزاع سلاح الطاقة" من يد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويرى السياسي الأمريكي دون ريتر أن "الطاقة هي سلاح روسيا الرئيسي في حربها ضد أوكرانيا، والسبب في ذلك هو أن موارد الطاقة؛ النفط والغاز والفحم، هي التي تسدد التكاليف المالية التي ينبغي توفيرها بالنسبة للأفراد، والصواريخ، والمدفعية، والدبابات، والذخيرة، والطائرات المسيرة التي تمطر الدمار على أوكرانيا". ويقول ريتر إنه "من المؤلم أن أوروبا هي التي تدفع هذه الأموال، وتموّل في نفسها، أطول حرباً ضدها.

ويضيف السياسي الأمريكي دون ريتر، الحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أنه رغم نجاح أوروبا في خفض وارداتها من الطاقة من روسيا، أسفرت الندرة العالمية، وركود الطاقة في الولايات المتحدة، وقيود الإنتاج التي فرضتها مجموع أوبك بلاس عن ارتفاع كبير للغاية في الأسعار. وفي حقيقة الأمر، ما زالت إيرادات روسيا من الطاقة من الدول الأوروبية مماثلة تقريباً لما كانت عليه قبل الحرب. فأوروبا تدفع نحو مليار دولار يومياً لنظام بوتين رغم حصولها على قدر أقل من الطاقة مقابل ما تدفعه.

ويقول ريتر، الذي كان عضواً في لجان الطاقة والتجارة والعلوم والتكنولوجيا، التابعة لمجلس النواب الأمريكي، طوال 14 عاماً، إن هذه مفارقة لا يمكن أن تطاق في الوقت الحالي بالنسبة لأوروبا، وبالنسبة للولايات المتحدة على المدى الأطول. ويتوقع أن تبلغ صادرات الطاقة الروسية في عام 2022، 338 مليار دولار، وهو أعلى بكثير عما كان في عام 2021 قبل غزو أوكرانيا.

فحرب روسيا في أوكرانيا، على الأقل مالياً، مربحة تماماً. وبوسع الولايات المتحدة توسيع نطاق إنتاجها بسهولة والبدء في أن تحل محل الطاقة الروسية، ليس فقط في أوروبا، ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الهند، وإندونيسيا، وغيرهما، ولكن زيادة الإنتاج تمنعها الأهمية المعلقة على مواجهة تغير المناخ في السياسة الأمريكية.

ويوضح ريتر أن الهند وغيرها من الدول في "الجنوب العالمي" التزمت الحياد بالنسبة لحرب بوتين، ليس لأنها لا تتعاطف مع الشعب الأوكراني، لكن لأنها تعتمد على النفط والغاز الروسي لإدارة عجلة اقتصادياتها. وإذا كانت الولايات المتحدة ليست مستعدة لتلبية احتياجات هذه الدول، فلا بد أن تبحث عن مكان آخر، والذي يعني بالضرورة روسيا. والمهم هنا هو أن هناك حاجة ماسة لأن تعمل واشنطن على تجريد موسكو من سلاح الطاقة القوي بتوسيع نطاق إنتاجها، وبالتالي إعادة تسليح نفسها.

ويؤكد ريتر أن التجريد الأحادي لسلاح الطاقة فكرة سيئة في أي وقت من الأوقات، ولكن خاصة في حالة الحرب مع عدو غني في مجال الطاقة. وللأسف هذا تحديداً ما يحدث. لقد جردت أوروبا نفسها من هذا السلاح أولا، ثم تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه الآن. من ناحية أخرى، وعدت الدول الأوروبية والولايات المتحدة في قمة المناخ الأخيرة COP27، بتقديم تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب فيهما للدول الأكثر فقرا حتى لا تنتج الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تقديم تعويضات عن الأضرار السابقة التي يزعم أنها ناجمة عن الوقود الأحفوري.

ويقول ريتر إن "رد فعل إدارة بايدن فيما يتعلق بالطاقة إزاء سفك الدماء في أوكرانيا يتمثل في تجاهل القضية. فليس هناك حديث عن استخدام الطاقة في أي مكان في الإدارة الأمريكية. والجماعات الموالية لأوكرانيا التي تود إثارة هذه القضية لن تفعل ذلك خوفا من أي رد فعل سياسي داخلي أمريكي".

وبينما تموّل روسيا حربها في أوكرانيا بإنتاج وبيع كميات كبيرة من النفط والغاز، والفحم، تلغي إدارة بايدن خطوط الأنابيب، وتحد من العقود الجديدة، وتستخدم لوائح وزارة الداخلية ووكالة حماية البيئة المبالغ فيها لزيادة التكاليف وتقييد إمدادات النفط والغاز. وتستخدم القواعد الاجتماعية البيئية لوقف الاستثمارات في البنية الأساسية للنفط والغاز.

ويشير ريتر إلى أن سياسات إدارة بايدن أسفرت عن إنتاج الولايات المتحدة كمية نفط أقل بمليون برميل عما كانت عليه مستويات الإنتاج قبل الجائحة، وقبل بايدن. وكل ذلك يحدث بغرض إمكانية نجاح الاتفاق الأخضر الجديد الذي يؤيده بايدن، بغض النظر عن التكاليف بالنسبة للمستهلكين والمخاطر التي يمكن أن يواجهها الاقتصاد والأمن القومي الأمريكي.

وبحسب المجلة، فإن الولايات المتحدة تمتلك احتياطيات الطاقة والقدرة التكنولوجية لتوسيع نطاق الإنتاج والبدء في أن توفر بديلا للطاقة الروسية في جميع أنحاء العالم. وتحاول إدارة بايدن الدفاع عن أوكرانيا في مواجهة روسيا، لكن سياساتها الخاصة بالمناخ تقوض ذلك الدعم. ويتساءل ريتر قائلاً: "متى ستدرك الإدارة الأميركية أن الحملة الخيالية ضد تغير المناخ تكلف فقدان آلاف الأرواح الأوكرانية ودمار دولة؟".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور