الثلاثاء 11 نيسان , 2023 02:16

نتنياهو يخسر الجمهور!

صورة لنتنياهو على هيئة فرعون في مظاهرة ضد حكومته

شكّلت استطلاعات الرأي التي أجراها الإعلام العبري، والتي كشفت تراجع تأييد الجمهور اليهودي بشكل كبير للحكومة الحالية ورئيسها بنيامين نتنياهو، أزمة جديدة للأخير، تعمّق الانقسامات الداخلية منذ توليه المنصب. وهي تترافق أيضًا مع أزمة أمنية، على غرار السياسية، لم يشهدها الكيان من قبل، اذ تتوحّد الساحات في المواجهة دون أن تمتلك مستوياته القدرة على اتخاذ قرار "حاسم"، والاكتفاء بضربات "موضعية"، ينقسم حولها المستويين السياسي والأمني.

نتنياهو مأزوم أمام الجمهور

كشف خطاب نتنياهو ليل 10/4/2023، مواطن ضعف مهمة. أبرزها الأزمة الداخلية، اذ قذف نتنياهو بمسؤولية الأزمة الأمنية الحالية وتآكل "ردع" المستوى العسكري على الحكومة السابقة التي تناوب على رئاستها نفتالي بينيت ويائير لابيد. واعتبر عضو "الكنيست"، جدعون ساعر، أن "نتنياهو دائمًا يشتت الانتباه ويقوم بإلقاء اللوم على الآخرين".

ذلك بهدف تبرئة نفسه أمام الجمهور الذي لم يعد يثق به، حسب ما أظهرت نتائج استطلاع رأي أجرته "القناة 13" العبرية: "71% من الناخبين اعتبروا أداء نتنياهو غير جيد". كما بيّن الاستطلاع الانخفاض الكبير لعدد المقاعد التي يحصل عليها "حزب الليكود" في حال جرت انتخابات "كنيست" قريبًا، فلا يحصل الحزب الا على 20 مقعد فيما يحصل اليوم في الكنيست الـ 25 على 31 مقعدًا. وقد صنّفت القناة هذا الانخفاض بـ "أول مرّة منذ وقت طويل يتراجع فيه الليكود للمركز الثالث".

يظهر الاستطلاع تقدّم حزبي "معسكر الدولة" بزعامة بيني غانتس، الذي يحصل على 29 مقعدًا ويكون الحزب الأوّل. و"هناك مستقبل" بزعامة يائير لابيد الذي يحصل على 21 مقعدًا. وبالتالي " إذا جرت الانتخابات اليوم للكنيست فالنتيجة ستشكل انقلابًا دراماتيكيًا حيث ستحصل أحزاب الائتلاف على 46 مقعدًا فقط، في حين أنّ المعارضة ستفوز بـ 62 مقعدًا"، وفق "القناة 13".

الخطاب عزّز الأزمة الأمنية

من الناحية الأمنية، قدّر الاستطلاع شعور الأمن لدى المستوطنين، لكنّ 60% منهم قالوا إنهم لا يثقون بالحكومة الحالية في التعامل مع تصاعد المقاومة وعملياتها على مختلف الجبهات. كما اعتبرت أوساط التحليل أنّ تهديد نتنياهو بضرب سوريا، في محاولة لاستعادة صورة حكومته والجيش بعد الصواريخ التي تلقتها الجبهة الداخلية من ساحات متعدّدة، قطاع غزّة، لبنان، سوريا، "كان بمثابة ضرب أضعف طفل في الحي، حيث تهاجم إسرائيل سوريا منذ عقد – آلاف العمليات والنشاطات والهجمات من كل الأنواع، ولم يأت نتنياهو بأي شيء جديد في ذلك".

عزّز خطاب نتنياهو الذي حاول من خلاله "استعراض القوّة" بعد الانتقادات التي تعرّضت لها الضربات الإسرائيلية في لبنان، والتي صنّفت "ردًا" على إطلاق 17 صاروخًا من الجنوب طال المستوطنات في الجليل الأعلى المحتل، التناقض بين الدعاية الكاذبة التي يصدّرها المستوى السياسي الحالي، وبين المستوى الأمني الذي أنكر ما ذكره نتنياهو في خطابه حول "مهاجمة البنية التحتية لحزب الله". اذ ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أنّ "المؤسسة الأمنية تقول إنها لم تهاجم أي بنية تحتية لحزب الله في لبنان، والأهداف التي تمت مهاجمتها في لبنان تابعة لحماس، وقد فوجئ الجيش بتصريحات نتنياهو حول هذا الموضوع".

نتنياهو انحرف عن برنامجه الحكومي

رأت "القناة 12" العبرية، في تحليلها لخطابات نتنياهو الأخيرة بأنها "كانت تتوقع أن يشرح نتنياهو الانحراف الشديد عن الأهداف التي حددها بعد تشكيل الحكومة، مثل التعديلات القضائية التي لم يتحدث عنها إطلاقاً عندما تم تشكيل الحكومة".

فقد زعم قبل توليه المنصب، مواجهة إيران وأحزاب المقاومة في المنطقة، ومعالجة غلاء المعيشة في الكيان والمستوطنات، بالإضافة الى العمل على توسيع اتفاقيات التطبيع مع الدول. فيما "كانت الأشهر الثلاثة الماضية بمثابة احتفال لأعداء إسرائيل، الذين رأوا كيف تبتعد الولايات المتحدة عنها، وكيف يتعرض الاقتصاد لضربة قاتلة، وفقدان جنود الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الثقة في القيادة"، على حدّ قول القناة.

في رأي آخر، قال الكاتب في صحيفة "هآرتس" العبرية، روغل الفر، إنّ "نتنياهو مُتعِب. نحو 30 سنة وهو يتعبنا وينهكنا، وهو الآلة التي لا تتوقف. هذا تعذيب. بشكل خاص لمعارضيه. لقد أصبحنا متعبين من رؤيته ومن سماعه. كم من الطاقة نحتاج كي نجتاز يوم آخر معه. حن أصبحنا متعبين جدا من تغريداته ومن مخاوفه ومن جنونه".

إنّ استطلاع الرّأي وحده لا يعتبر كافيًا لحسم قرار الجمهور اليهودي ومعرفة توجهاته بشكل دقيق، اذ من المفترض انتظار استطلاعات رأي أخرى ومقارنة النتائج طوال فترة زمنية لفهم هذا التغيير الكبير في آراء الجمهور في 3 أشهر فقط، لكنّ ذلك لا ينفي أنّ توجهات المستوطنين تُفهم، بدرجة كبيرة، من المظاهرات المستمرة في شوارع المدن الفلسطينية المحتلّة والتي كان في آخرها رفع صورة نتنياهو على هيئة فرعون.


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور