الخميس 24 حزيران , 2021 08:23

السلطة الفلسطينية خنجر في خاصرة المقاومة

التنسيق الأمني

نزار بنات، شهيد جديد يضاف إلى لائحة طويلة قتلتهم السلطة الفلسطينية تحت التعذيب في المعتقل، فيما تنتظر الكثير من الشخصيات دورها على لائحة الانتظار، فالشعب الفلسطيني لم يعهد من هذه السلطة إلا التنكيل والتعذيب.

وفي التفاصيل انه في تمام الساعة 03:30 فجرا قامت قوة أمنية مشتركة باقتحام منزل نزار في بلدة دورا قضاء الخليل في الضفة الغربية حيث ضربه 25 عسكريا بشكل وحشي ثم تم اعتقاله عاريا وأخذه إلى جهة مجهولة قبل اعلان خبر وفاته حسب ما أفادت عائلته.

حركة حماس أدانت عملية الاغتيال بشدة واعتبرت في بيان لها ان "هذه الجريمة المدبّرة والمنظمة، تعكس نوايا وسلوك السلطة وأجهزتها الأمنية تجاه أبناء شعبنا، والنشطاء المعارضين وخصومها السياسيين" ودعت كل الفصائل والمؤسسات والشعب الفلسطيني إلى: "الوقوف عند مسؤولياتهم، واتخاذ قرارات وطنية جريئة ومسؤولة تجاه المسؤولين والضالعين في هذه الجريمة البشعة، والعمل على حماية أبناء شعبنا من قمع وتغوّل وإجرام السلطة وأجهزتها، وتغيير هذا الواقع الخطير الذي تفرضه في الضفة".

من جهتها قالت حركة الجهاد الإسلامي "الخزي لكل من اعتدى على المناضل الوطني وأعطى الأوامر باعتقاله وضربه بوحشية".

وكانت السلطة الفلسطينية قد اعتقلت نزار مرات عديدة كما لاحقت عائلته بسبب قيامه بكشف ملفات الفساد التي تتورط بها رؤوس كبيرة خاصة صفقة اللقاحات منتهية الصلاحية.  

أبرز تصريحات نزار بنات

يُعرف نزار بمواقفه الوطنية المناهضة للسلطة الفلسطينية والإسرائيلية الذي لم يفرق بينهما في كثير من تصريحاته.

وكان نزار قد قال في إحدى المقاطع المصورة ان "إيران في 1979 حين نجحت ثورة الخميني كانت الدولة الوحيدة من دول العالم التي وضعت بند ثابت في موازنتها، في موازنة خبز المواطن الإيراني، بند دعم الثورة الفلسطينية ولم تدخل في تركيبتنا الأيديولوجية لفكرة المقاومة. خذ سلاح صير زلمة وحارب".

وتابع ان: "قصة الشهيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني لم تبدأ في الأمس، المهندس له عمليات تفجيرية في الكويت ضد السفارة الفرنسية والأميركية عام 1983، وفي نفس السنة الرجال الأشداء في حزب الله فجروا مبنى المارينز موقعين رقما ضخما، هذه الرجال تعرف كيف تخطط وكيف تنفذ".

وتوجه إلى كل أنصار الحركات والفصائل الفلسطينية بالقول مذكرا إياهم " بالحاج فؤاد الشوبكي والكابتن العكاوي وسفينة السلاح الذي أرسلها الحاج سليماني لحركة فتح أثناء انتفاضة الأقصى" قائلا "وبالوقت الذي شنت فيه الأنظمة العربية حصارا حتى على ياسر عرفات ما عدا سوريا لم تفرط بفلسطين وقدمت واجباتها جميعًا".

جذور التنسيق الأمني

عام 1993 أرسل الرئيس ياسر عرفات رسالة إلى رئيس وزراء الاحتلال إسحاق رابين تعهد فيها على "ملاحقة أعمال العنف والإرهابيين" من قبل منظمة التحرير وكان ذلك قبل توقيع اتفاق أوسلو الذي عاد وقسم مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة إلى 3 مناطق (أ) التي تخضع لسيطرة السلطة بشكل كامل فيما تخضع المنطقتين (ب و ج) للسيطرة المشتركة في الصلاحيات المدنية والأمنية بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال.

واتفاق أوسلو الذي لم يتطرق بشكل مفصل إلى آلية هذا التنسيق اعطى سلطة الاحتلال مسؤولية الحفاظ على أمن الأراضي المحتلة عام 1967 "لإسرائيل الحق في الدفاع عن هذه الأرض ضد أي عدوان خارجي، وحق العمل الأمني فيها في أي وقت تشاء".

عام 1994 ومع اتفاق غزة وأريحا ازدادت هذه المسألة خطورة بعد مساومة الاحتلال "السلطة الفلسطينية" على توسيع سيطرتها الجغرافية بمستوى الأداء الأمني والقدرة على "ضبط الأوضاع".

عام 1995 وضعت اتفاقية طابا توضيحا لخطة التنسيق الأمني بذكرها ان "السلطة مسؤولة عن منع الإرهاب والإرهابيين واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم... وضرورة امتناع السلطة عن ملاحقة العملاء المرتبطين بإسرائيل حتى لو أنهوا خدمتهم أو تم كشفهم... والتنسيق يجري عبر لجنة فلسطينية-إسرائيلية مشتركة".

وتطبيقا لبنود الاتفاقيات المعقودة تجري العمليات العسكرية والأمنية مع التشديد على "ضرورة إبلاغ مكاتب التنسيق المعتمدة في حال وجود نشاط مخطط أو غير مخطط له من أحد الجانبين يؤثر في المسؤولية الأمنية للجانب الآخر ويتم ضمن مكاتب التنسيق اللوائية DCOS".   

وعلى الرغم من الانعطافات التي مر بها هذا التنسيق مثل "هبة الأنفاق" عام 1996، وتلويح محمود عباس بالانسحاب منه -كورقة ضغط لا أكثر- إلا أن السلطة الفلسطينية تبقى مكبلة الأيدي لا تملك حتى قرار التقيد به أو التخلف عن تطبيقه.

وترجم هذا التنسيق مع إنشاء أجهزة مشتركة جديدة منها "الأمن الوقائي والمخابرات العامة والاستخبارات..." هدفها "التنسيق لنبذ العنف".

يقوم هذا التنسيق على تبادل المعلومات واتخاذ الإجراءات على الأرض لمكافحة "العنف" عن طريق التواصل والاتصال. وهو لا يقتصر على المهمات الأمنية المشتركة في المجال الجغرافي المتفق عليه بل يمتد ليصل إلى قيام السلطة برفع تقارير دورية عن تحركات المقاومين والمراقبة الدقيقة للوضع المالي للأشخاص المقربين من الفصائل الفلسطينية إضافة لضبط الإحداثيات العسكرية وأماكن تواجد الصواريخ ومخازن الأسلحة والإبلاغ عن المقاومين ومعلوماتهم الشخصية بالتفصيل.

ولعل من أسوأ ما نتج عن هذا التنسيق هو السيطرة على كل مفاصل الدولة من مؤسسات ووزارات و"تجنيد" شخصيات أمنية لخدمة الاحتلال يطلق عليها اسم "مندوب"، واللافت انها لا تتقاضى أجرا عند تقديم المعلومات بل انها تقدمها مقابل مبالغ زهيدة قد تصل إلى ثمن "بطاقات شحن وتشريج هاتف خليوي".

وللمفارقة ان المحاكم الفلسطينية تتضمن نصوصا قانونية تدين "الخيانة العظمى" و"العمالة للعدو" وتحاكم المتورطين، إلا ان السلطة الفلسطينية تبادل المعلومات وتنسق أمنيا "بعمالة موصوفة" وتساهم في اعتقال او قتل الفلسطينيين وتضيق الخناق عليهم، فمقابل المعلومات التي تقدمها السلطة المذكورة عليها ان تمتنع عن مهاجمة المستوطنين بالوقت الذي تعمل فيه شرطة الاحتلال على الوصول إلى الخلايا العسكرية التابعة لفصائل الفلسطينية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور