تُشكّل معركة طوفان الأقصى تتويجًا نوعيًا لمسار المقاومة الفلسطينية الممتد منذ ثورة 1936، وما تلاها من حروب ومواجهات ضد المشروع الصهيوني، وهي ليست حدثًا منفصلًا، بل حلقة مفصلية في سلسلة من التراكمات النضالية والعسكرية والتنظيمية، تم فيها تجاوز حدود الدفاع إلى مرحلة المبادرة الاستراتيجية والهجوم المباغت.
لقد كشفت التجربة التاريخية أن الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على التفوق العسكري، والدعم الدولي، وتشتت الموقف العربي، واختراق الجغرافيا الفلسطينية، إلا أن معركة طوفان الأقصى فاجأت المنظومة الصهيونية بتفوق نوعي للمقاومة.
تهدف هذه الدراسة المرفقة أدناه، إلى إجراء مقارنة منهجية تحليلية بين أبرز الحروب والمعارك التي خاضتها فلسطين وبعض الدول العربية في مواجهة الكيان الإسرائيلي، وذلك من خلال جملة من المعايير: الخسائر، الجغرافيا، التأييد الشعبي، السرديات، اندفاع المقاومة، الالتزام القتالي لدى الطرفين، تماسك قوى المقاومة، الإنجازات الإسرائيلية، التسليح، المعنويات، الديموغرافيا، والدعم الدولي. وتسعى الدراسة إلى تحديد أنماط التغير في ميزان القوة والتأييد، وتحليل التحولات في الخطاب والسردية، كما تبيّن الدراسة كيف أن معركة طوفان الأقصى هي ذروة طبيعية لمسار نضالي طويل، وتتويجًا نوعيًا للمقاومة منذ 1936 بناءً على التراكمات النضالية والعسكرية والتنظيمية بما فيها من خسائر ونجاحات.
وتُظهر المقارنة التاريخية والاستراتيجية للحروب والمعارك الفلسطينية–الإسرائيلية أن المقاومة لم تكن مجرد ردّ فعل ظرفي، بل مسارًا تحرريًا طويل النفس، يتعزز عبر الوعي الشعبي، وتطور الوسائل، وتماسك الصف، وتكامل الجبهات.
ورغم اختلال ميزان القوى المادي، فإن عوامل القوة غير التقليدية – كالروح المعنوية، والسردية الأخلاقية، والارتباط بالأرض، ووحدة الهدف – أثبتت أنها قادرة على شلّ إرادة العدو، وكسر هيبته، وتقويض رهاناته على الزمن والتطبيع.
معركة طوفان الأقصى هي ذروة طبيعية لمسار نضالي طويل، راكمت فيه المقاومة قدراتها من خلال الخبرة التاريخية، والاستفادة من إخفاقات الماضي، والتعلم من المعارك المتعاقبة. والمعركة ما زالت مفتوحة، والمرحلة القادمة – بكل تحدياتها – تُبشّر بمزيد من التحولات الكيفية في أداء المقاومة ومكانتها الإقليمية والدولية، بينما يدخل المشروع الصهيوني في أزمة وجود تتجاوز الجانب العسكري إلى العمق السياسي والاجتماعي.
لتحميل الدراسة من هنا