الأربعاء 07 أيار , 2025 12:06

وقف ترامب للضربات على اليمن يثير التوتر في إسرائيل

نتنياهو وترامب وحاملات طائرات أمريكية

يكشف هذا المقال الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، أن مسؤولين إسرائيليين يعتبرون إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ لهم بوقف الضربات ضد اليمن، هو قرار لا علاقة له بإسرائيل، بمعنى أنه لا يتعلق بجبهة الاسناد اليمنية لقطاع غزة، لناحية استهداف الكيان المؤقت وفرض الحصار عليه. وأشار المقال بأن هذه الخطوة المفاجئة تؤكد على وجود احتكاك أعمق بين أمريكا وإسرائيل بشأن إيران وصفقة الأسرى والعلاقة مع تركيا وزيارة ترامب المرتقبة التي تم استثناء الكيان منها.

النص المترجم:

قال مسؤولون إسرائيليون إن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير المتوقع بوقف الضربات الأميركية ضد الحوثيين لا علاقة له بإسرائيل. فمن وجهة نظر ترامب، طالما توقف الحوثيون عن استهداف السفن الأميركية، فإن الولايات المتحدة تعتبر نفسها راضية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن أحداً في إسرائيل لن يقر بذلك رسمياً على الأرجح، فإن هذه الخطوة تُعدّ جزءاً من التوتر المتزايد في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية. وقبل زيارة ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط، من المقرر أن يزور وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر البيت الأبيض يوم الأربعاء، في محاولة لحل الخلافات والتنسيق مع المسؤولين الأميركيين.

في الوقت ذاته، أفادت عائلات بعض الرهائن الذين تحدثوا مع مسؤولين أميركيين بأن واشنطن تضغط بقوة من أجل التوصل إلى صفقة تبادل رهائن مع حماس. وتبذل الولايات المتحدة ضغوطاً شديدة على قطر، التي تتهمها إسرائيل بإفشال المقترح المصري.

لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح. إدارة ترامب حريصة على التوصل إلى اتفاق خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، رغم أن ذلك يبدو مستبعداً في ظل تمسك حركة حماس بوقف شامل لإطلاق النار، مقابل إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تحقيق "نصر كامل" على التنظيم.

وفي خطاب ألقاه مساء الثلاثاء، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستوقف على الفور الضربات الجوية ضد الحوثيين، مدعياً أنهم "لا يريدون القتال"، وأن إدارته "ستثق بكلمتهم" بعدم مهاجمة السفن. وأوضح أن القرار جاء بعد موافقة الحوثيين على التوقف عن تعطيل خطوط الملاحة الحيوية في الشرق الأوسط.

وقال: "ليس هناك صفقة. كل ما في الأمر أنهم قالوا: من فضلكم، لا تقصفونا بعد الآن، ولن نهاجم سفنكم. إنهم لا يريدون أن يُقصفوا مجدداً". ولم يذكر إسرائيل في تصريحه. وأضاف: "كنت أتوقع ذلك نوعاً ما، لكن لا توجد اتفاقية".

وقد رحّب السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام ببيان ترامب، ونشر على منصة "إكس" رسالة موجهة إلى إسرائيل قال فيها: "إلى أصدقائي في إسرائيل، افعلوا ما يلزم لحماية أجوائكم وشعبكم". وحذر غراهام من أن الحوثيين قد يُعرّضون إيران للخطر إذا واصلوا الهجمات على إسرائيل، ودعا إلى ردّ حازم قائلاً: "من دون إيران، لم يكن الحوثيون ليتمكنوا من استهداف أميركا أو طرق التجارة العالمية أو إسرائيل. ولن يتطلب الأمر الكثير لوقف إيران عن تصدير النفط".

لكن الحوثيين نفوا أنهم وافقوا على وقف استهداف السفن الأميركية. وقال عضو في مجلسهم السياسي لوكالة "بلومبيرغ": "العمليات في البحر الأحمر وضد إسرائيل لن تتوقف حتى ينتهي العدوان على غزة".

وقد فوجئت إسرائيل بتصريحات ترامب، إذ لم يتم إبلاغها مسبقاً بإعلانه، كما لم يتضح لها ماذا تعني تصريحاته بالنسبة لاستعداد الحوثيين لوقف إطلاق النار. وقالت مصادر مطلعة إن إسرائيل لن ترد إذا أوقف الحوثيون الهجمات، لكن التقدير السائد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بقدرات صاروخية.

ووفقاً لشبكة "سي إن إن"، فإن بيان ترامب جاء عقب "نشاط دبلوماسي محموم" بين الولايات المتحدة وسلطنة عُمان والحوثيين. وقالت مصادر إن التفاهم الذي تم التوصل إليه يهدف إلى "بناء زخم" لاستئناف المفاوضات حول اتفاق نووي جديد مع إيران. وحتى الآن، لا يزال موعد الجولة الرابعة المحتملة من المحادثات بين واشنطن وطهران غير معروف.

كما صرّح ترامب يوم الثلاثاء بأنه سيُدلي بـ"إعلان مهم" في الأيام القليلة المقبلة، قبيل جولته في الشرق الأوسط الأسبوع المقبل — وهي جولة لن تشمل التوقف في إسرائيل. ولم يوضح طبيعة الإعلان المرتقب، واكتفى بوصفه بأنه "إيجابي للغاية". وبعد فترة وجيزة، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً قد يُشير إلى ما هو قادم: "سيتم الإعلان خلال الأيام القادمة عن مساعدة مهمة لغزة — وستكون أنباء سارة للغاية".

ومن المقرر أن يزور ترامب كلاً من السعودية وقطر والإمارات بين 13 و16 أيار / مايو. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، لا توجد مؤشرات على أن زيارته ستشمل إسرائيل، رغم أن احتمال توقف مفاجئ لم يُستبعد كلياً. وتزداد خلف الكواليس حالة الإحباط في إسرائيل من هذا الاستبعاد — وهو ما يعيد إلى الأذهان الجولة الأولى للرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الشرق الأوسط، التي شملت زيارات إلى القاهرة وإسطنبول، لكنها تجاهلت القدس.

وقد زادت التوترات بين إسرائيل والولايات المتحدة أيضاً بعد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" زعم أن مستشار الأمن القومي مايك والتز قد أُقيل جزئياً بسبب اتصالات مكثفة أجراها مع نتنياهو بشأن ضربة محتملة لإيران — وهي اتصالات تتعارض مع جهود ترامب للتفاوض على اتفاق نووي جديد، كما تصطدم بمواقف أكثر تحفظاً داخل الإدارة. وقد نفى مكتب نتنياهو هذه المزاعم، مؤكداً أن رئيس الوزراء التقى بالفعل والتز، لكن دون أن يكون الملف الإيراني على جدول الأعمال.

ومع ذلك، لم ينفِ مكتب نتنياهو أن شخصاً مقرّباً منه كان على تواصل مع والتز. فبالإضافة إلى زيارات نتنياهو إلى واشنطن في شهري شباط / فبراير ونيسان / أبريل، سافر الوزير رون ديرمر — وهو مستشار موثوق — أيضاً إلى الولايات المتحدة والتقى بمسؤولين رفيعي المستوى. وقد عززت هذه التحركات الانطباع بأن إسرائيل تدفع ترامب نحو عمل عسكري ضد إيران. ومن المتوقع أن يلتقي ديرمر هذا الأسبوع بكبار مستشاري ترامب، بمن فيهم ستيف ويتكوف، قبيل الجولة الإقليمية للرئيس.

معسكران متنافسان داخل إدارة ترامب

توجد حالياً كتلتان رئيسيتان داخل إدارة الرئيس ترامب. تضم الأولى ما يُعرف بـ"الجمهوريين الكلاسيكيين"، مثل مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو، الذين يؤمنون بأن على الولايات المتحدة أن تُظهر قوتها العالمية، بما في ذلك الانخراط العسكري في أوكرانيا والصين وإيران. في المقابل، هناك معسكر "أميركا أولاً" — وهو تيار انعزالي يدعو إلى تركيز واشنطن على الشؤون الداخلية ورفض دور "شرطي العالم".

ويقود هذا التيار الثاني نائب الرئيس جاي دي فانس ونجل الرئيس، دونالد ترامب جونيور. وبينما يحتفظ المعسكر المتشدد بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، فإن كتلة "أميركا أولاً" تفتقر إلى صلة استراتيجية بها، رغم أن بعض أعضائها قد يحملون تعاطفاً دينياً معها. وفي خضم هذا الصراع الداخلي الأميركي، يُنظر إلى إسرائيل على أنها تدفع باتجاه خيار عسكري ضد إيران، وهو ما قد يورّط الولايات المتحدة في صراع تسعى إلى تجنبه.

وقد أكد هذا القلق صحيفة نيويورك تايمز في تقرير حديث، أفادت فيه بأن ترامب أوقف خطة أميركية–إسرائيلية مشتركة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.

ورغم التنسيق المستمر بين واشنطن والقدس، لا تزال التوترات قائمة، مدفوعةً بالمحادثات النووية مع إيران، والانسحاب الأمريكي من سوريا، وتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا. وقد وجّهت إقالة المستشار المؤيد لإسرائيل، والتز، وصعود نفوذ نائب الرئيس فانس، ضربةً سياسيةً لإسرائيل. والجدير بالذكر أن فانس صرّح قبل الانتخابات بأن الحرب مع إيران ستكون ضد المصالح الأمريكية.


المصدر: يديعوت أحرونوت

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور