الأربعاء 16 تموز , 2025 03:54

التطبيع الناعم: ماذا يفعل وزير خارجية لبنان في اجتماع يضم إسرائيل؟

اجتماع بروكسيل ووزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر ووزير خارجية لبنان يوسف رجي

عُقد مساء الإثنين 14 تموز/ يوليو 2025 في بروكسل الاجتماع الخامس لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مع نظرائهم من دول الجوار الجنوبي، في إطار مبادرة "الجوّار الجنوبي" التي تجمع دولاً من أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط.
تضمن جدول الأعمال مناقشات حول تصاعد الأزمات في غزة، آفاق تعزيز التعاون السياسي - الاقتصادي - الأمني، وآلية متابعة تنفيذ "ميثاق المتوسط". لكن المفاجأة هذه السنة كانت مشاركة كل من وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إضافة إلى وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي للمرة الأولى.

حضور لبناني بعد مقاطعة

الغريب والمثير في هذه الدورة هو انضمام وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، لأول مرة منذ انطلاق الاجتماعات قبل خمس سنوات.
رغم مشاركته، لا توجد حتى الآن دلائل على لقاء ثنائي يجمعه مع ساعر؛ فقد اقتصرت اللقاءات على جلسات ثنائية مع مسؤولين أوروبيين من بلجيكا والأردن، دون الدخول في حوار مشترك مع الجانب الإسرائيلي.

ورغم هذا، لا بد من ملاحظة أن رجي بقي في نفس القاعة مع وزير الخارجية الإسرائيلي، دون اعتراض. وهو ما يثير أسئلة حول أسباب الانفتاح اللبناني المفاجئ على هذه الدورة خاصة وأن مقاطعة لبنان ظلت شبه مطلقة حتى الآن.

تفاجأ كثيرون بموقف الحكومة اللبنانية الذي سمح لأول مرة بحضور الوفد اللبناني إلى اجتماع بروكسل. وترجم الحضور خطوة جديدة في السياسة اللبنانية الخارجية تجاه مبادرات التطبيع، وسط انتقادات داخلية وشعبية واسعة. ويبدو أن "فريق التطبيع" ممثلاً بوزير خارجية لبنان، يرغب في تقديم "عروض الطاعة" و"الانصياع" للغرب.

في هذا السياق، اعتبر مراسل الشؤون الدبلوماسية بالقناة I24 News عميحاي شتاين، أن حضور وزيري خارجية سوريا ولبنان الاجتماع، إلى جانب الوزير ساعر، تمثّل خطوة غير اعتيادية.

وعلى الرغم من تبريرات الخارجية اللبنانية التي أصدرت بياناً دفاعاً عن وزير الخارجية قالت فيه "أن وزير خارجية لبنان لم يجتمع مع وزير الخارجية الإسرائيلي بل حضر جلسة موسعة شارك فيها وزراء الخارجية العرب" وساوت بين المشاركة في الاجتماع مع حضور لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة! إلا أن ذلك لا ينفي خطأ وزير خارجية لبناني جلس مع وزير خارجية إسرائيلي في قاعة واحدة، وما البيان سوى تأكيد على ذلك التجاوز.

مشاركة إسرائيلية وسورية

وصل وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إلى بروكسل للمشاركة الرسمية، بعد دعوة من كيا كالاس، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
بالمقابل، مثلت مشاركة وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني تغيّراً جريئاً في سياسة دمشق؛ فقد أقر ساعر علناً بأنه "يرحب" بحضور نظيره السوري في نفس الاجتماع، قائلاً:

"نرحب بمشاركة الوزير السوري. سنكون معاً في نفس الاجتماع، فلنرَ ماذا سيحدث".

ورغم التوقعات، لم يتم عقد أي لقاء ثنائي علني أو إعلان عن مباحثات رسمية بين ساعر والشيباني، مع تأكيد مكتب ساعر أن مثل هذه اللقاءات غير مخطط لها بشكل رسمي.

ماذا تناول الاجتماع؟

تمحورت الجلسة في نقاشات حول:

- الأزمة في غزة وتعاطي الاتحاد الأوروبي معها، حيث شدّد غدعون ساعر وكالاس على أهمية تسريع دخول المساعدات الإنسانية وقالت الأخيرة إنه "لم يحدث تغيير ملموس" في تدفق المساعدات رغم الاتفاق الأخير مع "إسرائيل".

- خيارات الاتحاد الأوروبي: عرضت كالاس 10 خيارات تشمل تعليق الاتفاقية السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، وإنشاء حظر على تسليح، أو سن عقوبات على شخصيات إسرائيلية دون التوصل إلى قرار حاسم بعد.

ختاماً، يمكن القول إن اجتماع بروكسل يوم 14 تموز/ يوليو 2025 شكّل نقطة تحول رمزية، خاصّة فيما يتعلق بحضور وزري خارجية "إسرائيل" ولبنان تحت سقف قاعة واحدة، مما يثير الجدل حول سقف المشاركة الاستثنائية للبنان، وقد يفتح مجال توسيع المشاركة بين بيروت-تل أبيب وحتى "التعاون" في سياق منهاج التطبيع مع كيان الاحتلال الذي تسير فيه القوات اللبنانية وممثلها في الحكومة اللبنانية يوسف رجي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور