الجمعة 09 تموز , 2021 09:41

هآرتس: إسرائيل لم تعد قادرة على التأثير على الاتفاق النووي

الاتفاق النووي

يصرّح المسؤولون الأمريكيون في الآونة الأخيرة أن الاتفاق النووي قد وصل الى خواتيمه، بانتظار استلام السيد إبراهيم رئيسي لمنصب رئاسة الجمهورية الإسلامية مطلع آب المقبل. في ظل هذه الأحاديث، تقف "إسرائيل" أمام حجر اسمنتي كعائق أمام محاولاتها الحثيثة في التأثير على مسار الاتفاق النووي.

في هذا الإطار، كتب المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، يهونتان ليس، مقالًا تحت عنوان "مسؤول إسرائيلي يعترف: لم نعد قادرين على التأثير في صوغ الاتفاق النووي"، يشير فيه إلى أن آمال الكيان حيال الاتفاق الحالي قد تبددت، وانه يتطلع إلى السنوات التسعة القادمة في محاولة للتأثير على وضع اتفاق جديد أكثر صرامة من الاتفاق الحالي.

وخلص المقال الى تقديرات أمريكية-إسرائيلية بعدم التوقيع على الاتفاق في حال تأخر عدة أسابيع إضافية، أي حتى نهاية ولاية الرئيس الشيخ حسن روحاني.

النص المترجم:

عقد رئيس الحكومة نفتالي بينت أمس جلسة نقاش خاصة بالمحادثات النووية شارك فيها وزراء وكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية. "ليس لإسرائيل اليوم قدرة على التأثير في بنود الاتفاق النووي الذي يجري بحثه في ڤيينا"، هذا ما يقوله مسؤول رفيع المستوى مطّلع على الاتصالات التي تجريها إسرائيل مع الولايات المتحدة وروسيا والدول العظمى بشأن المشاركة في الاتفاق الآخذ في التشكل مع إيران. ويضيف المسؤول "هناك احتمالان فقط في المحادثات النووية: إما العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي، وإما عدم العودة، ليس هناك خيار آخر".

إسرائيل استخدمت في الأشهر الأخيرة عدة جبهات في محاولة لزيادة الضغط على إيران، مع افتراض عودة الأطراف إلى الاتفاق النووي الأصلي. كما تحاول جهات دبلوماسية وأمنية إقناع الولايات المتحدة بأن تواصل، وبقدر المستطاع، فرض عقوبات على إيران لا تشكل جزءاً من الاتفاق. هذه العقوبات فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الاتفاق في سنة 2018.

مع عدم وجود قدرة على التأثير في صوغ الاتفاق الآخذ في التشكل، تكثف إسرائيل جهودها للتأثير في مضمون الاتفاق اللاحق الذي من المفترض أن يوقَّع بعد 9 سنوات. بحسب الاتفاق الأصلي، القيود على المشروع النووي الإيراني ستنتهي صلاحيتها في سنة 2030، وتسعى الإدارة الأميركية حينذاك لوضع قيود صارمة أكثر وُصفت بأنها ستكون أقوى وأطول Longer and Stronger. وقال مصدر إسرائيلي عن ذلك "بلّغنا الأميركيون بأنهم يعملون على بلورة اتفاق لاحق سيكون أكثر صرامة وتشدداً حيال الإيرانيين ويمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلى إلغاء العقوبات." وأضاف المصدر "نعمل معهم كي نفهم كيف سيصلون بالتحديد إلى مثل هذا الاتفاق، ونوضح لهم كيف نرى نحن الأمور، وننقل إليهم معلومات استخباراتية تشرح لهم أننا سنضطر إلى التحرك بأنفسنا إذا لم يتحركوا. ويوجد في الولايات المتحدة فهم عميق لموقفنا هذا".

تعمل إسرائيل هذه المرة على بلورة موافقة جميع الدول المشاركة في الاتفاق المقبل، تعلن في إطاره مسبقاً استعدادها للاستقالة منه وفرض عقوبات شديدة على إيران إذا خرقت التفاهمات - بصورة تشبه السلوك الذي انتهجته إدارة ترامب وحدها قبل 3 سنوات.

في المقابل، تحاول شخصيات إسرائيلية إقناع الولايات المتحدة بإضافة تهديد خيار هجوم عسكري على إيران إذا استمرت في تطوير مشاريع نووية، على أمل أن تردع هذه المواقف المتشددة إيران وتشكل رافعة ضغوط لوقف هذه المشاريع. مع ذلك، يقدّر مصدر سياسي أن فرص إعلان إدارة بايدن هجوماً محتملاً على إيران إذا خرقت الأخيرة الشروط ليست كبيرة. وأوضح قائلاً "في سلّم أولوياتهم لا يريد الأميركيون الآن خلق احتمال مواجهة عسكرية."

خطوة أُخرى ذُكرت في إسرائيل في الفترة الأخيرة لم تُطرح بعد على طاولة النقاشات: حتى الآن لم تطالب إسرائيل رسمياً بتحسين قدرتها العسكرية "مقابل" توقيع الاتفاق مجدداً، لكن في المحادثات التي جرت بين رئيس الدولة ريفلين وبايدن الأسبوع الماضي طُرح مطلب تحسين الوسائل في ساحات متعددة، وعلى رأسها في مواجهة "حماس" وتنظيمات أُخرى.

بين العقبات المهمة التي طُرحت في المحادثات النووية في الأسابيع الأخيرة المعلومات المتراكمة القائلة إن إيران راكمت في الأعوام الأخيرة، من خلال انتهاكها الاتفاق، معلومات عملانية مهمة استطاعت بواسطتها تطوير قدراتها النووية بصورة لم تكن موجودة لديها عند توقيع الاتفاقات الأصلية. هذا ما قاله مصدر مطّلع على الاتصالات.

وبعكس الصراع العلني والحازم الذي خاضه نتنياهو ضد الاتفاق في أيام الرئيس باراك أوباما، تعتقد شخصيات إسرائيلية أن الضرر من سلوك مشابه حيال الإدارة الحالية سيكون أكبر من الفائدة. وقال مصدر سياسي "ليس لدى إسرائيل اليوم ما تهدد به الأميركيين. والضرر الذي سيلحق بإسرائيل جرّاء مواجهة كهذه في مجالات حساسة أُخرى هي بحاجة إليها سيكون أكبر بكثير. بعكس أوباما الذي كان يُعتبر متطرفاً نسبياً ويمكن استخدام الضغوط عليه بواسطة الكونغرس بسبب موازين القوى فيه آنذاك، فإن بايدن رجل وسطي متعاطف مع إسرائيل، وأقل تأثراً بانتقادات التيارات المتطرفة في الحزب الديمقراطي".

يوم الثلاثاء الماضي وفي بداية اجتماعه بالرئيس ريفلين لم ينكر بايدن نيته توقيع الاتفاق النووي، لكنه تعهد السعي كي لا يستخدم نظام الملالي في إيران الاتفاق لمواصلة الدفع قدماً بتسلّحه. وقال "لن تملك إيران سلاحاً نووياً خلال ولايتي. التزاماتي حيال إسرائيل صلبة كالحديد، وتتضمن دعماً لا هوادة فيه لحقّها في الدفاع عن نفسها".

تبدُّل الحكم في إسرائيل لم يؤدّ إلى تغيّر جوهري في موقفها الرسمي وفي محاولاتها العلنية لإحباط توقيع اتفاق نووي من جديد. رئيس الحكومة نفتالي بينت تبنى في الجولة الحالية للمحادثات نهجاً أكثر اعتدالاً نسبياً من نهج نتنياهو. وفي الليلة التي حصل فيها على الثقة أوضحت مصادر مقربة من بينت أن "سياسته ستكون استمراراً للخط الذي انتهجه نتنياهو في الموضوع النووي الإيراني".

لدى الإدارة الأميركية انطباع أن الخط الإسرائيلي بقي على ما هو عليه. رئيس الأركان الذي عينته حكومة نتنياهو أفيف كوخافي يواصل مهماته في حكومة بينت، وأجرى جولة لقاءات أمنية قبل أسبوعين في الولايات المتحدة، تناولت المسألة الإيرانية من بين أمور أُخرى. وخلال زيارة الرئيس ريفلين إلى الولايات المتحدة سمع ثناء على سلوك كوخافي خلال اجتماعاته هناك. كذلك نظراً إلى أن وزير الدفاع الحالي بني غانتس كان وزيراً للدفاع في الحكومة السابقة، فقد اعتبرت الولايات المتحدة ذلك استمراراً للسياسة التي انتُهجت في الماضي. ولغانتس علاقات وثيقة بنظيره الأميركي لويد أوستين، وكان أجرى هو أيضاً جولة اجتماعات مهمة عشية نيل الحكومة الجديدة الثقة.

يتخوفون في إسرائيل من توقيع الاتفاق، ويتخوفون أكثر من احتمال عدم خرق إيران الاتفاق هذه المرة والتزامها بشروطه. وقال مصدر مطّلع على الاتصالات "بقيت 9 أعوام قبل رفع كل القيود. وإذا لم يخرق الإيرانيون الاتفاق، ففي سنة 2030 سيوازي وقت القفزة إلى سلاح نووي الصفر تقريباً، وسيحصلون على سلاح نووي رسمي وشرعي".

هناك خلافات في الرأي في إسرائيل بشأن ما إذا كانت إيران ستوقّع الاتفاق مجدداً. إلى جانب تقديرات تقول إن إيران ستنتظر استلام الرئيس المحافظ الجديد إبراهيم رئيسي منصبه، وهو الذي يُعتبر من المعارضين البارزين للاتفاق، للسماح له بتوقيع وثيقة الاتفاق ومنحه أول إنجاز سياسي. بينما هناك تقدير آخر سائد في الولايات المتحدة وفي إسرائيل أنه إذا لم يوقَّع الاتفاق حتى نهاية ولاية حسن روحاني، أي خلال عدة أسابيع، فإنه لن يوقَّع مجدداً.


المصدر: صحيفة هآرتس

الكاتب: يهونتان ليس




روزنامة المحور