كان هروب الشاه محمد رضا بهلوي من إيران في الـ 16 من كانون الثاني / يناير من العام 1979، بمثابة تتويج أول لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، بعد أكثر من عقد لبدئها. وقد أشار هذا الحدث إلى انهيار الحكم الملكي وآخره البهلوي، الذي امتد لآلاف من السنين، وأذّن لبدء عصر الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام روح الله الموسوي الخميني.
لذلك لم يكن هروب الشاه مجرد فعل مادي للفرار من البلاد؛ بل كان نهاية عصر الاستبداد المدعوم من قوى الاستكبار العالمي، وإيذاناً ببدء حكم السيادة الدينية الشعبية.
ففي العام 1978، اكتسبت الثورة الإسلامية زخماً كبيراً عبر المظاهرات الشعبية المليونية والإضرابات والاعتصامات، التي واجهها نظام الشاه بتصاعد العنف الذي أدى الى ارتقاء مئات الشهداء. وبرز الامام الخميني، المنفي في فرنسا، باعتباره قائد الثورة. وقد لاقت دعواته لتشكيل حكومة إسلامية صدى لدى ملايين الإيرانيين الذين سعوا إلى إيجاد بديل لنظام الشاه. وحاول الشاه، الذي أصبح معزولاً على نحو متزايد، إجراء بعد التغييرات الشكلية لمحاولة استرضاء الشعب، ولكن كل هذه التدابير كانت فاشلة ومتأخرة للغاية.
وبحلول كانون الثاني / يناير 1979، كان الوضع قد وصل إلى نقطة الذروة. فقد اجتاحت الاحتجاجات البلاد، مما أدى إلى شل الحكومة وتآكل سيطرة الشاه. وإدراكًا منه أن موقفه غير قابل للاستمرار، هرب الشاه من إيران، ظاهريًا تحت ذريعة تلقي العلاج الطبي، لكن فعلياً بسبب خوفه من شعبه وانتظاراً ربما لمساعدة غربية من أمريكا والمملكة المتحدة تعيده الى عرشه _كما حصل بعد عملية اسقاط حكم رئيس الوزراء محمد مصدق في انقلاب سنة 1953.
وفي تفاصيل حادثة الهروب في 16/01/1979، غادر الشاه هو وزوجته فرح بهلوي إيران إلى مصر، إيذانًا بنهاية حكمه. ومهد هروبه الطريق لعودة الامام الخميني في الأول من فبراير/شباط 1979، وتأسيس الجمهورية الإسلامية.
وفي المنفى، واجه الشاه رحلة ذليلة، متنقلاً بين عدة دول، بما في ذلك مصر والمغرب وجزر الباهاماس والمكسيك (ومن سخرية القدر لم تستقبله الولايات المتحدة الأمريكية على أراضيها كما فعلت دائماً مع أتباعها وعملائها). وفي نهاية المطاف وجد ملجأ في مصر خلال حكم أنور السادات، حيث توفي بالسرطان في يوليو/تموز 1980.