الثلاثاء 27 تموز , 2021 12:44

هل تضيّق روسيا "هامش عمل" إسرائيل في سوريا؟

الدفاعات السورية
إن الإسرائيليين قد أدركوا الآن أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سوريا من خلال تزويد دمشق بمعدات دفاع جوية حديثة، وأن هناك قرارًا بتدمير الصواريخ التي تُطلق على الأراضي السورية، وأن هذا المتغيّر المستجد أُضيف الى واقع أن الطيران الإسرائيلي لم يعد، منذ وقت طويل، قادراً على تنفيذ عملياته من داخل المجال الجوي السوري.

لم يمرّ الإعلان الروسي المباشر عن إسقاط الصواريخ، الناتجة عن الاعتداءات الإسرائيلية على مناطق سورية متعدّدة، مرور الكرام في المستويين العسكري والسياسي الإسرائيلي. التطوّر الجديد بالنسبة للقيادات الإسرائيلية يعني الكثير، ويحمل بين طياته إشارات مقلقة تتعلق بـ"حرية" الحركة والاستهداف على الساحة السورية.

قراءة المعطيات الناتجة عن الإصرار الروسي على تبنّي عملية الإعلان عن إسقاط الصواريخ الإسرائيلية عبر وزارة الدفاع الروسية تارة ومركز المصالحة في حميميم تارة أخرى، وتالياً استعراض الإعلام الروسي الأسلحة والمنظومات التي ساهمت في العملية، زاد من قناعة القيادة الإسرائيلية بأن ثمّة متغيّرات جوهرية قد تطال "هامش نطاق عملهم" في سوريا.

ووفقاً لما رشَحَ من معطيات، فإنّ الفهم الإسرائيلي لما جرى لم يحِد عن عنوانين أساسيين، يربط الأول هذه التطورات بنتائج اللقاء الأخير الذي جمَع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن، ونظرتهما المشتركة حيال الجزئية المتعلّقة بضرورة تقليص الضربات العسكرية الإسرائيلية في سوريا. فيما يقفز العنوان الثاني إلى الحديث عن مساعٍ روسية للتسويق لمنظوماتها الصاروخية من خلال تنفيذ عمليات مشابهة لإسقاط الصواريخ الإسرائيلية، بحسب ما رأى العميد المتقاعد رام شمويلي في حديث لقناة 12 News. وهذا ما يمكن اعتباره "استنتاجاً بمثابة الهروب الى الأمام".

في حقيقة الأمر، فإن الإسرائيليين قد أدركوا الآن أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سوريا من خلال تزويد دمشق بمعدات دفاع جوية حديثة، وأن هناك قرارًا بتدمير الصواريخ التي تُطلق على الأراضي السورية، وأن هذا المتغيّر المستجد أُضيف الى واقع أن الطيران الإسرائيلي لم يعد، منذ وقت طويل، قادراً على تنفيذ عملياته من داخل المجال الجوي السوري، بل يستعيض عن ذلك بتنفيذ الهجمات على سوريا من فوق لبنان وبعض دول الجوار.

بعد رحيل رئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، وقبله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فإنّ المستوى السياسي في تل أبيب يقارن اليوم بين موقف ترامب، الذي يقولون إنه كان مؤيدًا بشكل علني للأعمال العسكرية الإسرائيلية في سوريا، والتي يعتبرون أنها كانت بمثابة رادع أدّى إلى غض موسكو الطرف عن الضربات الجوية هناك، وموقف الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الذي تقول التقارير الإعلامية العبرية إن إدارته لا ترحّب بالغارات الإسرائيلية المستمرة في سوريا، ما يضع الروس في موقف أقوى لوضع حدّ للهجمات الإسرائيلية في سوريا.

في هذا السياق، يشير الكاتب الأميركي سيث فرانتزمان، في مقال له في صحيفة "جيروزاليم بوست"، إلى تبدّل وجهة النظر الأميركية من الغارات الإسرائيلية على سوريا، بعدما كانت تعتقد أنّ استراتيجية "المعركة بين الحروب" الإسرائيلية مهمة بالنسبة إلى السياسة الأميركية، لافتاً إلى التلويح الروسي بإمكانية إغلاق الأجواء السورية أمام الطائرات الإسرائيلية التي كثفت غاراتها في الفترة الأخيرة في شمال سوريا ووسطها.

القلق الإسرئيلي من التطورات الهامّة على الساحة السورية، هو بالطبع غير منفصل عن سياق تنامي قدرات فصائل وحركات المقاومة في سوريا خصوصاً، وفي العراق أيضاً، حيث تتشارك هذه الفصائل الأهداف نفسها. يقف الإسرائيليون اليوم أمام واقع متغيّر، حيث تتوالى الإشارات على حجم التحديات المنتظرة. فالجيش السوري يعزّز قدراته بمنظومة صواريخ "بوك – إم 2" الروسية المتنقّلة متوسّطة المدى، القادرة على اعتراض الطائرات والصواريخ المجنّحة، وهذا ما يضع "سياسة الغارات" المُتّبعة إسرائيليًا في سوريا من ضمن استراتيجية "المعارك بين الحروب"، أمام تحدٍّ كبير يقترب من الفشل. في حين تُراكِم إيران وفصائل المقاومة عوامل القوة، انطلاقاً من استراتيجية "تشابك الساحات"، بل وحدتها.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور