الأحد 31 تشرين أول , 2021 04:56

لماذا ينمو الدين العام السعودي بشكل متسارع؟

الديون السعودية

ثمة من كان يعتقد داخل المملكة ان القطاع النفطي الذي تعتمد عليه السعودية بشكل أساسي في اقتصادها قادر على صنع المعجزات، حيث عمدت إلى المبالغة في الانفاق بشكل بات يؤثر مباشرة على استقرارها المالي ويزيد من عجز ميزانيتها السنوية. ولعل الحرب على اليمن والتي دفعت الرياض القسم الأكبر من فاتورتها التي بلغ فيها الانفاق العسكري خلال عام 2015 حوالي 80 مليار دولار، ساهمت بشكل كبير في زيادة العام.

مؤخرا، قامت الرياض خلال برنامج الصكوك المحلية بإصدار 8.5 مليار ريال خلال شهر تشرين أول، على صكين حيث بلغت قيمة الأول 3.905 مليارات ريال أي ما يقارب 1.04 مليار دولار تستحق الدفع في نهاية عام 2029، والشريحة الأخرى تبلغ قيمتها 4.595 مليار ريال أي حوالي 1.23 مليار دولار تستحق الدفع عام 2033.

عدد من الظروف أدت إلى ارتفاع الدين السعودي بنحو 2.4% خلال عدة أشهر فقط من هذا العام. من أهم هذه الأسباب كان الفساد المتفشي ضمن العائلة المالكة والطبقة المسيطرة على رأس المال السعودي والمتكفلة بإدارة كبريات الشركات التجارية والصناعية في المملكة إضافة لعمليات الاختلاس وتبييض الأموال التي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة. كما لعب انخفاض سعر برميل النفط في تعقيد بعض المسائل المالية التي كانت ترتكز بشكل أساسي على العائدات النفطية لإتمامها.

انعكس هذا العجز مباشرة على المواطن السعودي الذي لطالما دفع فواتير إخفاقات الطبقة الحاكمة حيث ارتفع المؤشر الخاص بالأسعار الاستهلاكية إلى 5.3% عما كان عليه العام الفائت. بالمقابل فقد سجل الدين العام زيادة خلال الأشهر القليلة الماضية من هذا العام 922.8 مليار ريال أي ما يقارب 264.1 مليار دولار.

ومقارنة بعام 2020 فقد سجل الدين العام ارتفاعاً بنحو 12.6%، فبحسب وزارة المالية السعودية فإن حجم الدين الداخلي قد بلغ نحو 535.3 مليار ريال أي 58% من حجم الدين العام، فيما بلغ الدين الخارجي 387.5 مليار ريال أي ما يعادل 42% منه.

يدفع المواطن السعودي ثمن تخبط ورفاهية الامراء وما يقابلها من غياب لسياسية المراقبة والمحاسبة وحضور قوي للاختلاس والانتقائية والفساد ومبالغة في الصرف وتشويه في الأولويات حيث أشارت صحيفة تلغراف البريطانية ان "صندوق الثروة السعودي اشترى حصة شركة سياراتMcLaren  بـ 550 مليون جنيه إسترليني، على الرغم من ان هذه الشركة قد تراجعت مبيعاتها بحوالي 60% تكبدت خلالها خسارة تبلغ 312 مليون جنيه إسترليني ما ينم عن التهور وغياب العقلية الاقتصادية.

مع كل هذه الديون التي تنمو بشكل مطرد وسريع وتورط بن سلمان بمزيد من الحروب خلال السنوات الماضية من سوريا إلى العراق واليمن، يستمر ولي العهد الذي يتفرد بالقرار مع غياب أي رقابة شعبية، في المبالغة في تصوراته وعرض مشاريعه التي لا يتطلع من وراءها إلا الى كسب رضا الولايات المتحدة والنظر إلى السعودية على انها الدولة الأكثر انفتاحا وتقدما في المنطقة، خاصة في مشروع "شرق أوسط أخضر" وخطة 2030.

هذا الأمر دعا الصحف الإسرائيلية إلى الاستهزاء بهذه المشاريع، حيث قالت صحيفة هآرتس في مقال لها انه "يبدو أن لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فائضاً كبيراً من الأفكار حول كيف ينفق أموال المملكة. فبعد مبادرته "السعودية 2030" التي تشمل إقامة مدينة المستقبل "نيوم" بتكلفة تبلغ 500 مليار دولار، خرج بمبادرة جديدة باسم "الشرق الأوسط الأخضر"، التي تقتضي أن يستثمر فيها مبلغ 700 مليار دولار".

مخاطر فشل خطة 2030 التي يعدها محمد بن سلمان بهدف تنويع مصادر الدخل تزيد مع ازدياد ارتفاع قيمة الدين مع غياب التخطيط والدراسات الاقتصادية المجدية. فقد نقل عدد من المطلعين ان بن سلمان قد أهدر ما يزيد عن 3.5 مليار دولار عائدة لأموال الشعب السعودي كاستثمار خارجي دون فوائد مجدية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور