الجمعة 19 تشرين ثاني , 2021 05:34

الإهمال الطبي: جريمة ضد الإنسانية!

سياسة الاهمال الطبي بحق الاسرى الفلسطينيين

 استشهد منذ يومين الأسير سامي العمور البالغ من العمر 39 عامًا، والمحكوم منذ عام 2008 بـ 19 عاماً وسط حرمانه من الزيارات العائلية، وكان الشهيد يُعاني من مشكلة خُلقية في القلب تفاقمت جرّاء سياسة الإهمال الطبي والمماطلة في متابعة وضعه الصحيّ، وظروف الاعتقال القاسية التي تعرض لها على مدار سنوات في السجون، ويأتي نبأ  الاستشهاد في وقت ينهض فيه الشارع الفلسطيني وفصائل المقاومة للمطالبة بحقوق الاسرى وإبراز معاناتهم وفي وقت يجري فيه التفاوض بالوساطة بين حركة حماس وكيان الاحتلال لإتمام صفقة تبادل تنهي جزءاً كبيراً من معاناتهم وتحرّر أكثر من ألف أسير وأسيرة.

ويبلغ عدد الاسرى والأسيرات المرضى في سجون الاحتلال حوالي 700، منهم 170 حالة مرضية صعبة وخطيرة، و24 مريضاً بالسرطان، و17 أسير يقيمون بشكل دائم فيما يسمى مستشفى الرملة، ويعد الشلل والاعاقة الحركية ومشاكل القلب والكبد الوبائي والفشل الكلوي بالإضافة الى السرطان بمختلف أنواعه وحجم انتشاره في الجسد، وكذلك مشاكل الغدة الدرقية والسكري والضغط، ومشكلات المعدة والأسنان، والعظام والعيون من أهم وأخطر الحالات الصحية التي يعاني منها الاسرى الفلسطينيون.  

الإهمال الطبي في السجن والعيادات

يمعن الاحتلال باتباع سياسة "الإهمال الطبي" المتعمّدة بحق هؤلاء الاسرى وسط أبشع الجرائم والتنكيلات وأساليب التعذيب الجسدي والنفسي وانتهاك لكافة حقوقهم ولأدنى ظروف الحياة الإنسانية في الاعتقال، مما يؤدي أيضاً الى تفاقم حالاتهم المرضية وتدهور صحتهم أكثر، كما ويعاني الأسرى من الإصابات التي تعرضوا لها أثناء لحظات الاعتقال أو خلال التحقيق أو نتيجة لتعرضهم لقمع الوحدات الخاصة لمصلحة السجون.

وتترك مصلحة السجون  الأسرى المرضى دون توفير الأدوية ودون معالجة الجروح والاصابات في وقت اللازم، وتماطل أو تتأخر او حتى لا تقوم ابدا بالفحوصات الطبية اللازمة، وعند وجود عوارض ومضاعفات تظهر على الأسرى يتعمّد الاحتلال عدم نقلهم الى المستشفيات لتلقي العلاج.

فيما تنقل مصلحة السجون الأسرى المرضى من الحالات الصعبة الى ما يسمى "عيادة سجن الرملة"، حيث يعانون هناك أيضاً من هذه السياسة الوحشية، فلا يقدم لهم العلاج ولا يتم تشخيص الحالات المرضية ويكتفوا بتقديم المسكنات مما يفاقم وضعهم. كما ان العيادات الموجودة في سجون الاحتلال تفتقر لوجود طاقم طبي متخصص ومهني لمتابعة الحالات المرضية خاصة المستعصية منها، وهناك تباطؤ في تعيين مواعيد المراجعات الدورية الطبية والصحية، ويفتقر سجن الدامون المخصص للأسيرات لوجود طبيبة نسائية تشرف على فحوصات دورية للنساء.

تداعيات الإهمال الطبي

وصل عدد الاسرى الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي الى 227، وإن أثر هذه السياسة يمتد ليطال الأسرى المحررين بعد خروجهم، حيث سقط العديد من الشهداء بعد تحررهم من الأسر نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرضوا له أثناء فترة الاعتقال، لتفاقم الأمراض التي أصابتهم أثناء الاعتقال وعدم معالجتهم في حينها.

مخالفات لكل القوانين، اين المجتمع الدولي!

تعد سياسة الإهمال الطبي التي تنتهجها سلطات الاحتلال من أخطر الجرائم على الصعيد الدولي، ويُعد هذا التعذيب جريمة حرب وفقًا للمادة (8) من ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998، وجريمة ضد الإنسانية وفقًا للمادة (7) من الميثاق ذاته، بالإضافة الى ان القانون الدولي الإنساني يكفل حق الأسيرات والأسرى المعاملة الإنسانية في المعتقل وفي العيش بظروف خالية من المخاطر، بحسب نص المادة (85)، كما ان المادة 24 من اتفاقية جنيف كفلت القواعد النموذجية لمعاملة السجناء الأسرى والأسيرات وتلقيهم العلاج طبي مناسب لوضعهم الصحي.

أمام كل هذه القوانين والاتفاقيات الدولية التي تدعي حفظ حقوق الاسرى أين مساءلة وملاحقة كيان الاحتلال الاسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية على ما يرتكبه يومياً من إجراءات وحشية مخالفة للطبيعة البشرية بحق الأسرى الفلسطينيين!


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور