الإثنين 24 كانون الثاني , 2022 05:43

الرد اليمني: إعادة الامارات إلى "صحرائها الأولى"!

الامارات دويلة غير آمنة

تعد الامارات منذ عقود مضت على أنها من أكثر الدول الآمنة في الشرق الأوسط. فهي وعلى الرغم من دعمها حركات متطرفة لتنفيذ أجندتها، أو تقديم الدعم غير المباشر للانقلابات والحروب، فتدعم طرفاً ضد طرفٍ آخر في عدد من الدول، كانت تسعى بشكل دائم لتحييد أراضيها عن الاستهداف.

يأتي ذلك نتيجة اجتماع عدد من العوامل، تكمن مباشرة في الدولة نفسها، بطبيعتها وهيكليتها وعمقها الاستراتيجي وطبيعتها الجيوبوليتيكية، التي تجعلها لا تتحمل خوض حرب أو ان يخترق مجالها الجوي عدد من الصواريخ الباليستية دفعة واحدة، أو ان يتم إعلانها "دويلة غير آمنة" وفق تصريح المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع.

بنك الأهداف اليمنية في الامارات

كانت الحرب على اليمن من أولى الحروب التي تتورط فيها أبو ظبي بهذا الشكل المفضوح، إن كان بتدخل قواتها المباشر أو بدعم الحركات الانفصالية الجنوبية بالسلاح والمال والغطاء السياسي وتشكيل ألوية تابعة لها، إضافة لاحتلال الجزر وبناء قواعد عسكرية بالتنسيق والتعاون الفعلي مع كيان الاحتلال كجزيرتي ميون وسقطرى...

ونتيجة لهذا التدخل والتصعيد غير المسبوق كان قرار الجيش واللجان الشعبية اليمنية على نفس المستوى والدقة والفعالية. حيث هدد العميد سريع باستهداف المنشآت الحيوية في الامارات متوجهاً للشركات الأجنبية بالقول "ننصح الشركات الأجنبية في دويلة الإمارات بالمغادرة كونهم يستثمرون في دويلة غير آمنة، و طالما أن حكام هذه الدويلة مستمرون في العدوان على بلدنا". وذلك بعد الاستهداف الفعلي لهذه المنشآت خلال عملية "إعصار اليمن" الأولى والثانية حيث استهدفتا قاعدة الظفرة في أبو ظبي ومواقع حيوية في دبي، إضافة لمواقع أخرى في العمق السعودي. وهنا إشارة إلى أبرز الأهداف التي وضعها القوات المسلحة اليمنية ضمن بنك أهدافها:

مصفاة أبو ظبي: وهي من أقدم المصافي التي أنشئت في البلاد وبدأت بالعمل منذ عام 1976 وهي صممت لتكرير 85000 برميل خلال يوم واحد، لتزويد السوق الاماراتي المحلي بما يحتاجه كما توفر المواد الأولية لمصفاة الرويس.

مصفاة الرويس: وتقع على بعد ما يقارب 245 كلم غربي مدينة أبو ظبي، على ساحل الخليج الفارسي. صممت لإنتاج 837000 برميل في اليوم الواحد. وتم افتتاحها عام 1982. كما بلغت كلفة تصميم المجمع الصناعي الخاص بالمصفاة 12 مليار دولار لتكرير 417000 برميل في اليوم والذي تم تشغيله عام 2014.

محطة العمليات وخطوط الأنابيب: تقع على بعد 22 كلم من وسط أبو ظبي، تتولى هذه المحطة توريد المواد النفطية لجميع أنحاء الامارة. كما تحتوي هذه المحطة على 36 صهريج للتخزين ويبلغ حجم سعة الاجمالية فيها 1.3 مليون متر مكعب. حيث يتم نقل المواد النفطية براً بينما يتم تزويد شبكة الأنابيب التي تمتد على طول 1600 كلم في منطقة الظفرة ومطار أبو ظبي الدولي والعين ومدينة زايد والشويهات. كما تعمل هذه الشبكة على استلام وإعادة توريد المواد النفطية إلى مصافي التكرير الأخرى.

كما تمتلك الامارات 125 محطة تكرير للنفط أبرزها: اديار أبو ظبي، جون زينك أو ظبي، الشركة الوطنية للإنشاءات البترولية، شركة أبو ظبي لتكرير النفط، شركة بترول أبو ظبي الوطنية، أدنوك التي تتولى مسؤولية الاستثمار الأكبر لموارد الطاقة في البلاد، وهي قادرة على انتاج 3.5 مليون برميل من النفط يومياً و10.5 مليار قد مكعبة من الغاز. وتجدر الإشارة إلى أنها تضم عمالاً من أكثر من 100 جنسية مختلفة.

في قراءة سريعة لمواقع هذه المنشآت يتبين أن الدولة بأكملها تعتمد بشكل أساسي على مصافي النفط الموجودة جميعها ضمن نطاق أبو ظبي -دون العمل على تفريقها-، مع وجود خطوط الأنابيب التي تتولى توريد النفط إلى كافة أنحاء البلاد. الأمر الذي يجعل استهدافها ضربة قاتلة.

إضافة لذلك فإن اعتماد الدولة على نقل النفط لمسافات طويلة بصهاريج هو مؤشر آخر إلى ان الامارات على ما يبدو لم تجهّز بنيتها التحتية وخططها الدفاعية المدنية لاحتمالية خوض حرب مع أحد. وإلا لكانت عمدت إلى تحصين وتفريق هذه المنشآت وبناء شبكة أنابيب أكثر عمقاً لنقل وتوريد النفط وتطبيق نظام الدفاع السلبي.

توقع بنك الاستثمار بلتون في أواخر عام 2021 في مذكرة بحثية إلى أنه خلال عام 2022 "ستكون الامارات أمام تحسن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية الإماراتية، وتحديداً الإنفاق الخاص، والناتج المحلي الإجمالي غير البترولي، وإيرادات الضرائب والسياحة، إلى تحقيق أعلى معدلات للنمو في الإمارات خلال عام 2022 بدعم من معرض إكسبو". غير ان توقعات بنك بلتون كانت مبنية على افتراض وصول إجمالي عدد الزائرين من أنحاء العالم إلى 10 ملايين زائر للإمارات العربية المتحدة بين الفترة من أكتوبر 2021 حتى مارس 2022". هذا وتحتل الإمارات المرتبة الأولى عربياً والـ 17عالميا في صادرات الخدمات، مسجلة نمواً في قيمة صادرات الدولة من الخدمات يصل إلى 2.3%.

حيث أصبح القطاع السياحي يساهم 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تعادل تقريباً مساهمة القطاع الصناعي في البلاد كما تتجاوز نسبة مساهمة القطاعين العقاري والمالي أيضاً.

هذه البلاد التي اعتمدت بشكل أساسي على "صناعة السياحة والخدمات" لاستيعاب أكبر عدد من الشركات الأجنبية في المنطقة، وأنفقت ما يقارب 100 مليار درهم -ما بين عامي 2007 و2012 أي ما يعادل 27 مليار دولار، خلال 5 سنوات فقط - لتطوير مطاراتها البالغ عددها 10 لاستقبال اعداد كبيرة من السائحين، حيث استقبل مطار أبو ظبي وحده عام 2016 ما يزيد عن 24 مليون مسافر. لن تكون قادرة على تحمل أي هزة أمنية أو عسكرية تجعل من البلاد حقاً "دولة غير آمنة".

الباحث في الشؤون الإقليمية الدكتور طلال عتريسي لفت في حديث مع موقع "الخـنادق" إلى ان "الامارات كانت تعتقد ان الحرب ستكون سريعة ولا تستمر سوى بضعة أسابيع تنتهي بالسيطرة على اليمن. وبالتالي تحمست للقرار السعودي- الأميركي وشاركت في هذه الحرب لكن بعدما تبين أنها قد استمرت لسنوات وبدأ الاستنزاف الفعلي لأطراف العدوان وتفكك التحالف وجدت الامارات أنه لم يعد لديها مصلحة بالاستمرار". مشيراً إلى ان "القلق الاماراتي من الاستهداف يعود لأمرين الأول ان الامارات لا تستطيع ان تقضي على هذا التهديد، أي ان ترد رداً حاسماً يمنع أنصار الله من الرد مجدداً وبالتالي هي ستدفع الثمن".

والثاني أنها "تعيش على حركة الترانزيت والسياحة وعلى الحركة المالية والشركات الأجنبية وليست دولة مستعدة للحرب وهي تعيش في ظل حماية أجنبية وقواعد أجنبية لهذا السبب هي تخاف من أي استهداف والاستهداف الأخير يؤكد هذا الأمر لأنها لم ترد وصمتت وحاولت أن تبرئ نفسها أنها ليست من ارتكب المجازر. كما قامت بوساطات واتصلت بأطراف عدة لتبرئة نفسها وكي لا تدفع هي ثمن هذه المجازر".

ويؤكد عتريسي على ان "الامارات منذ نشأتها وتطور بنيتها سواء الخدماتية أو السياحية أو الاقتصادية هي مبنية على هذا الدور الوظيفي الخدماتي وبالتالي أي ظرف تعيش فيه الامارات يعني انهيار كل هذه المنظومة. وبعد الضربة الأخيرة التي تلقتها حصل نوع من القلق لديها ولدى الأوساط الأجنبية لما لهذا الأمر من تبعات".

هذا الأمر جعل من الأهداف الاماراتية الحساسة ضمن بنك الأهداف اليمني وفيرة للغاية، حتى أصبحت الضربة على إحدى المطارات أو المنشآت الحيوية تساوي ضرب قاعدة عسكرية. وهذا ما أشار إليه الدكتور عتريسي الذي أكد أن الجيش واللجان الشعبية "ليسوا بحاجة لضرب القواعد الأجنبية داخل الامارات، بل ان المواصلة في استهداف المنشآت الإماراتية سينتج عنه تغيير في المعادلات بشكل كلي".

وتجدر الاشارة الى ان مساحة الامارات تبلغ 83.600 كلم مربع، فيما تبلغ مساحة اليمن 555000 كلم مربع، أي ان مساحة الامارات ليست سوى سدس اليمن، وعليها ان تعي بانه ليس من مصلحتها ان "تدوس على ذيل الأسد".   


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور