الجمعة 25 شباط , 2022 12:17

مراكز أبحاث صناعة القرار في الكيان المؤقت

أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية

انطلاقاً من مفهوم الأمن القومي في الكيان الإسرائيلي المؤقت، يبرز سؤال مركزي ذو دلالات مهمة للغاية، وله تأثير قوي في سياسة الأمن القومي، وهو: من الذي يقرأ الواقع ويفسره؟ وما هي المؤسسة، أو المؤسسات، التي تُكّلفها الدولة قراءة الواقع وتفسيره؟

طورت المؤسسة العسكرية منذ إنشائها، هيئات داخل الجيش تساعدها في قراءة الواقع وصنع القرارات. وقد أعدّت هذه الهيئات كفاءات في مجال القدرة على الإعداد والتحليل، وتقديم مقترحات ومشاريع قرارات وبدائل متعددة منها. واحتكرت منذ إنشائها هذه المهمة لنفسها، وهو ما منحها قوة كبيرة في التأثير في عملية صنع القرار. كما أن المؤسسة العسكرية لا تقرأ الجانب العسكري للواقع وحده، وإنما تقرأ الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية أيضاً. وذلك وفق منطلقاتها ومنظورها وأولوياتها وفهمها للأمن القومي والمصلحة الإسرائيلية؛ الفهم الذي يولي أهمية للجوانب العسكرية.

قسم الأبحاث في "أمان"

قسم الأبحاث في جهاز "أمان" ليس أهم مؤسسة في جيش الكيان فحسب، بل في "إسرائيل" قاطبة، فهو لا يزال يحتكر قراءة الواقع وتفسيره، تماماً مثلما يحتكر جهاز أمان المعلومات المتعلقة بالأمن القومي. ومن الصعب أن تنافس مؤسسة أخرى هذا الجهاز وقسم الأبحاث التابع له؛ فهو يتفوّق عليها جميعاً بنسبة مرتفعة للغاية من حيث الميزانية وعدد الباحثين فيه ونوعيتهم، والمعلومات الاستخباراتية التي في حيازته، وشمولية الموضوعات التي يعالجها والمناطق التي يتابعها.

كان يعمل في قسم الأبحاث التابع لـ"أمان" 600 شخص في عام 2003، منهم 200 باحث متفرغ، بينهم 120 باحثاً متخصصاً في مجالات البحث العسكري والاستخبارات، و80 باحثاً منهم متفرغون للبحث في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، أمّا الباقون فيعملون في جمع المعلومات وتوثيقها. وهو القسم الوحيد الذي يُجري أبحاثاً عن جميع دول الشرق الأوسط، وكذلك عن علاقات هذه الدول البينية وعلاقاتها بالدول الكبرى. وينشر القسم مجموعة مختلفة من النشرات الداخلية لعدد محدد من متّخذي القرارات في القيادتين العسكرية والسياسية، أهمها:

-تقرير فوري عن معلومات استخبارية وصلت لتوّها ولها أهمية عملانية، وتوزع المعلومات الاستخبارية "مادة خام" كما وردت، مع بعض التعليقات عليها من كبار الباحثين.

-تقرير يومي عن المستجدات مع تحليل لها.

-التقرير السنوي، وهو الأكثر أهمية في "إسرائيل"، ويصدر تحت عنوان "تقييم الاستخبارات القومي السنوي". ويُعرض هذا التقرير عند صدوره على هيئة الأركان العامة للجيش والحكومة ولجنة الخارجية والأمن في الكنيست.

كما يقدم رئيس "أمان" تقريراً استخبارياً عسكرياً في الاجتماع الأسبوعي لهيئة الأركان العامة للجيش، وكذلك إلى رئيس الحكومة ووزير الحرب ولجنة الوزراء لشؤون الأمن، والحكومة ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست. مكّن ذلك كله رئيس "أمان" من أن يكون له شأن مهم في التأثير في عملية صنع قرارات الأمن القومي.

أقسام أبحاث للموساد والشاباك والخارجية

توجد في جهازي "الموساد" و"الشاباك"، وكذلك في وزارة الخارجية، "أقسام أبحاث". وعلى الرغم من التطوّر الذي حصل في بعضها، ظل إمكان منافستها لقسم الأبحاث في "أمان" ضعيفاً للغاية؛ إذ أقيمت في جهاز "الموساد" وحدة بحث صغيرة تختص بالأبحاث العسكرية والاستراتيجية، يعمل فيها ما يربو على عشرة باحثين، كان غالبيتهم قد عمل في السابق في قسم الأبحاث التابع لـ"أمان". بيد أن وحدة البحث هذه، التي لم يزدد عدد الباحثين فيها، لا تحصل على "مواد خام" استخبارية كالتي يحصل عليها "قسم الأبحاث" في الاستخبارات العسكرية.

بعد فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في توقع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987، قام جهاز "الشاباك" بتأسيس قسم للأبحاث ضم ثلاثة فروع: الأول يختص بالوضع الفلسطيني السياسي، والثاني بالعمل العسكري الفلسطيني، والثالث بالعرب الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. واستقطب الباحثين من "خريجي" قسم الأبحاث "أمان" ومن الجامعيين.

كما أنشأ مركز للأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الاسرائيلية، لكن هذا المركز لم يحتل أهمية مقارنة بمراكز الأبحاث الأخرى، لا من حيث انتاجه ولا من حيث تأثيره في عملية صنع قرارات الكيان المؤقت.       


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور