الجمعة 01 نيسان , 2022 05:43

النهوض بالدولة واقتصادها: حزب الله يطرح خطوات جوهرية

الاقتصاد اللبناني

قرّر حزب الله، تحت شعاره الانتخابي "باقون نحمي ونبني"، متابعة ما قد بدأه في الدورة النيابية عام 2018 ضمن إطار النّهوض بالدولة بعد أن أدرك المؤشرات الخطيرة التي تمسّ أمن واستقرار المجتمع جرّاء تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية وبالتالي المعيشية.

ولأن السبب الرئيسي الذي أدى الى تعاقب هذه الأزمات، يكمن في سوء إدارة الدولة واعتمادها السياسات البنيوية غير المناسبة، يطرح حزب الله رؤيته – بالخطوات العملية - التي تساهم على المدى الطويل من خلال التطبيق الصحيح والجدّي في تحقيق النهوض.

أولاً، الاعتماد على الموارد الداخلية  

أهم قطاع يعود بالموارد المالية الى خزينة الدولة هو القطاع الزراعي، وقد أُفرغ هذا القطاع في السنوات الماضية لأسباب عديدة من قيمة انتاجه الفعلي. الا أن كتلة الوفاء للمقاومة عملت خلال فترة 2018 – 2021 في متابعتها للملفات مع الوزارات المعنية (وزارة الزراعة، الداخلية، الطاقة) على دعم المزارعين والتخفيف من أعبائهم، حيث تابعت الكتلة موضوع حفر الآبار الجوفية وترخيصها، وإنجاز شبكات مياه الشفة خاصة في المناطق البقاعية ومشاريع جر مياه عين الزرقاء الى الخزانات في الهرمل، كما العمل على أقنية الرّي.

بالإضافة الى طرح الأمين العام السيد حسن نصر الله لمشروع "الجهاد الزراعي" الذي يعتمد على التأمين الذاتي للمواد الأساسية الغذائية بما يغنيه عن تكاليف الاستيراد من الخارج والذي ينعكس تخفيضاً على سلسلة من تكاليف الإنتاج والأسعار. وقد بادرت جميعة جهاد البناء الى تقديم الشتول للمزارعين أو أصحاب الأراضي ومن يرغب، كما نظّمت الدورات التدريبية حول الزراعة وأسسها.

يأتي دعم القطاع الصناعي أيضاً من بين الخطوات التي تساعد في كسب مزيد من الإيرادات، وقد دعمت الكتلة منح وزارة الصناعة للتراخيص الصناعية للمؤسسات والمصانع وسعت الى فتح مكتبين للشركات الترابية في منطقة الهرمل.  

ويشدّد نواب كتلة الوفاء للمقاومة في برنامجهم الانتخابي 2022 على تعزيز هاذين القطاعين عبر التشريعات والقوانين، والاهتمام بالسياحة "كمورد مالي داعم للاقتصاد اللبناني"، والاستفادة من القدرات البشرية و"الثروة الشبابية".

ومن ناحية العمل الوزاري، قدّم وزير الاشغال العامة علي حمية النموذج الكفوء في حُسن إدارة الوزارة وتعزيز قدرتها على تحصيل إيراداتها التي تصبّ في خزينة الدولة دون المسّ بجيوب الناس. حيث سعى الى تفعيل المرافئ العامة ومنها المطار، ليتبيّن أن الدولة يمكنها تحصيل حوالي 250 و300 مليون دولار سنوياً.

ويدعو الوزير حالياً الى ضرورة تفعيل النقل العام، عبر الاستفادة من الإمكانيات المتوافرة حيث هناك عدد من الباصات المتوقفة عن العمل (نحو 45) بسبب الإهمال وعدم متابعة صيانتها، ما سيخفّف تكاليف النقل على المواطن مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية.

ثانياً، وقف الهدر والفساد

إن جذور الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان تنبع من سوء الإدارة والهدر الذي نهش مؤسسات الدولة طيلة العقود الماضية وبات الفساد "سياسة" معتمدة في الإدارات العامة. فلا يكفي إدخال الأموال الى خزينة الدولة بل يتجاوز ذلك  نحو وضع الخطط الصحيحة في الإنفاق ضمن المشاريع التنموية أو تحسين المؤسسات.   

وقد دخل حزب الله معركة الفساد رغم معرفته بأنها "صعبة وطويلة وتحتاج الى الوقت والصبر والصمود" (حسب ما وصف السيد نصر الله عم 2018) واستطاع النجاح في كشف الهدر والمخالفات في العقود ضمن الملفات المالية والإنمائية، وقدّم في كلّ منها الإخبار الى الجهات المعنية، وقد وفّر في معركته على الخزينة ملايين الدولارات. وأوضح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قائلاً "نريد أن نواصل العمل في عملية الإصلاح... حزب الله لا يمكنه أن يقاتل الفاسدين في بلدنا، لكن يمكنه أن يضيق عليهم ويضبطهم ويعاقبهم".

ثالثا، التوجه شرقاً مع حفظ التوازن و العلاقة مع الغرب

قدّمت روسيا، الصين، وإيران وغيرها من الدول عروضاً مهمة للبنان، طالت أغلب القطاعات الحيوية وخاصة القطاع الكهربائي الذي يعاني فيه البلد من مشاكل حرمت المواطن من ساعات التغذية وتركته رهينة المولدات. لكن بعض الأطراف السياسية – التي تضرّرت مصالحها وأجنداتها الخاصة – ظنّت أن "التوجّه شرقا" يعني تخريب العلاقات مع الدول الغربية أو "تغيير الهوية" فيما لا يلغي هذا الطرح الحفاظ على العلاقات مع الغرب أو مع الدول الخليجية. وقد دعا السيد نصر الله في أكثر من مناسبة كل القوى السياسية للاستفادة من علاقاتهم الخارجية كافة واستثمارها بما يحسّن الأوضاع ويدخل المشاريع الإنمائية.  

في النتيجة، قدّم حزب الله هذه الخطوات الجوهرية لكنه في نهاية المطاف لا يمكنه تحمّلها وحده اذ إن "الجميع" شريك أساسي في النهوض العام، فمتى يتخذ – بالإجماع – قرار التطبيق الجديّ؟ 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور