الجمعة 01 تموز , 2022 05:15

بلومبرغ: فكرة ناتو شرق أوسطي لا قيمة لها

الشرق الأوسط

قد يكون تشكيل حلف على غرار "الناتو" في الشرق الأوسط "لمواجهة ايران" ورقة الترضية الأمريكية للكيان المؤقت مقابل توقيع اتفاق نووي بعد عودة المفاوضات في الدوحة، وهو ما سيُطرح مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارته للمنطقة منتصف الشهر الجاري.

فيما ترى الوكالة الدولية "بلومبرغ"، أن هذه الفكرة لا قيمة لها وغير منطقية بسبب التباين في استراتيجيات التعامل مع إيران بين "إسرائيل والدول المطبّعة "فمن جهة تقيم قطر وعمان علاقات جيدة مع إيران، فيما تحتفظ الكويت بعلاقات حذرة معها، وبالنسبة للرياض وأبو ظبي فإنهما تبحثان اليوم عن تعايش وليس مواجهة مع طهران...أما مصر فكانت أول دولة تنسحب من مشروع التحالف الأمني".

المقال المترجم:

إن فكرة تشكيل تحالف أمني في منطقة الشرق الأوسط ضد أعداء مشتركين، صادمة.  وقد عاد الحديث بها قبل زيارة الرئيس جو بايدن المزمعة إلى جدة الشهر المقبل، وسط تقارير عن توثيق التعاون الأمني ​​بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربية ضد التهديد الإيراني.

في مقابلة مع CNBC الأسبوع الماضي، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إنه سيدعم تشكيل نسخة شرق أوسطية من حلف شمال الأطلسي. محذراً "يجب أن يكون بيان المهمة واضحًا جدًا جدًا. وإلا فإنه يربك الجميع". الإسرائيليون حريصون على مثل هذا التحالف، ومن المرجح أن توافق إدارة بايدن - أقلها لحماية الرئيس من الانتقادات في الكونجرس لكونه أكثر تساهلاً مع طهران.

إذا كانت الحجة الداعية إلى إنشاء حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط تبدو منطقية تمامًا، فإن الحقائق السياسية والعسكرية للمنطقة تجعلها مثيرة للدهشة تمامًا. لقد كافحت الدول التي ستشكل مثل هذا التحالف لتحديد أهداف أمنية مشتركة، بغض النظر عن الخصوم المشتركين. معظم الدول المشاركة لديها جيوش مجهّزة لحماية أنظمتها من التحديات الداخلية، وليس الأعداء الخارجيين. قد يكونون بارعين في ضرب نشطاء الديمقراطية العزّل، لكن لديهم سجل ضعيف في الصراعات الحركية.

هذه العوامل كانت كافية لإفشال المحاولات السابقة لبناء تحالفات عسكرية في المنطقة. حيث كانت هناك محاولتان قبل سبعة أعوام لم تخرجا عن طور التفكير، ففي عام 2015 أعلنت الجامعة العربية عن خطة لإنشاء قوة مشتركة لمواجهة الإرهاب. وفي عام 2017، اقترحت المملكة العربية السعودية تحالف أمني للشرق الأوسط أو MESA، وحصل على دعم كامل من الرئيس دونالد ترامب. (كان يطلق عليه حتما "الناتو العربي").

لقد حدث تطوران مهمان منذ تلك الإخفاقات. أولاً، قامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية وتتجه نحو ترتيبات مماثلة مع دول أخرى، مما يعني أن جيش الدفاع الإسرائيلي سيكون على الأرجح جزءًا من أي تحالف جديد. ثانياً، الخطر الذي تمثله إيران أوضح وأقوى من أي وقت مضى.

تبدو إيران على حافة امتلاك قدرات نووية بعدما راكمت كميات من اليورانيوم المخصب الذي يمكنها لعبور مرحلة الاستخدام المدني. وترى إدارة بايدن أن التهديد النووي الإيراني يمكن احتواؤه من خلال إحياء الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، والمشكلة أن إحياء الاتفاقية يعني رفع العقوبات عنها مما سيمكنها من بناء قواتها التقليدية وضخ أموال لشبكاتها من المتطرفين والإرهابيين في المنطقة.

ربما يكون هذا سبباً كافياً لدفع دول المنطقة نحو التفكير جديا بتحالف يوقف التهديد الإيراني. ورغم التعاون الوثيق المتزايد بين إسرائيل ودول عربية في المجال الأمني إلا أن هناك تباينا حول إيران والإستراتيجيات المختلفة للتعامل معها. كل هذا يعكر فكرة تحديد مهمة "واضحة جدا جدا" التي تحدث عنها الملك عبد الله. فمن جهة تقيم قطر وعمان علاقات جيدة مع إيران، فيما تحتفظ الكويت بعلاقات حذرة معها، وبالنسبة للرياض وأبو ظبي اللتان خاضتا حربا غير ناجحة مع وكلاء إيران في اليمن، فهما تبحثان اليوم عن تعايش وليس مواجهة مع طهران.

بالنسبة للبحرين الصغيرة فإنها تتبع السعودية في القضايا الأمنية والشؤون الخارجية. أما اليمن فهو في وسط حرب بين الحكومة المعترف بها دوليا والحركة الحوثية التي تدعمها إيران. ولدى دول الخليج جسد مشابه للمقترح هو "درع الجزيرة" ولديه قوة من 40.000 جندي ومسلح جيدا، وهذا بفضل أموال النفط من الدول المشاركة فيه. ما يفتقر إليه درع الجزيرة هو التجربة القتالية. وبهذه المثابة فلن يقوي الدرع أعصاب أي تحالف معاد لطهران ولن ينشر الخوف في إيران.

طالما حذر الملك عبد الله من التهديد الإيراني المتزايد، إلا أن جيشه الصغير لا يمكنه إلا لعب دور بسيط في أي حلف ضد إيران، تماما كدوره في الحرب ضد الحوثيين في اليمن. وتوجد الجيوش القوية في شمال أفريقيا، وعادة ما تتعامل مع إيران بنوع من التردد نظرا لبعدها عنها. ولدى مصر أكبر جيش في العالم العربي وكانت أول دولة تنسحب من مشروع التحالف الأمني للشرق الأوسط الفاشل. كل هذا يعني أن مهمة ردع إيران ستقع على عاتق كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وبالتالي فأي فكرة لناتو شرق أوسطي لا قيمة لها. 


المصدر: وكالة بلومبيرغ،




روزنامة المحور