الخميس 25 آب , 2022 04:26

الخنجر اليمني في خاصرة إسرائيل!

البحر الأحمر

في تصريح له خلال مؤتمر رؤساء أقسام المعارف، في 18 آب/ أغسطس الجاري، كشف رئيس أركان الجيش الاحتلال، أفيف كوخافي، عن أن الجيش استهدف "دولة ثالثة"، وذلك توازياً مع الهجمات التي نفذها على قطاع غزة. بينما أكدت قناة 14 العبرية ان الدولة المستهدفة هي اليمن".

لم يكن هذا الاستهداف مستغرباً. فاليمن، يتصدر قائمة "التهديدات" الأمنية الاستراتيجية لكيان الاحتلال، خاصة بعد الفترة التي تلت ثورة 21 أيلول/ سبتمبر عام 2014 التي انتهت باستلام حركة أنصار الله إدارة الدولة في صنعاء، وسنوات الحرب التي كشفت عن حجم القدرات العسكرية التي يعملون على تطويرها في تلك البقعة الجغرافية، التي تعتبر حصن الأمن الاقتصادي الإسرائيلي، بل الدولي أيضاً، حيث تقدر قيمة النشاط فيه بنحو 700 مليار دولار في السنة، وفق قناةN12  العبرية.

عام 1948، وبعد أشهر على إعلان قيام "إسرائيل"، قامت الأخيرة، باحتلال قرية أم الرشراش الأردنية، وأنشأت على أنقاضها ميناء إيلات المجاور لميناء العقبة الأردني -بوابة البحر الأحمر من الشمال- كأولى الخطوات التي عززت بها سيطرتها على ذلك الممر البحري. فيما كانت إحدى أهم المكاسب التي حرصت على جنيها، خلال الحرب الأولى التي خاضتها بمواجهة مصر عام 1956، هو ضمان حرية الملاحة لها في مضائق تيران على بوابة البحر الأحمر، ثم أنشأت، تباعاً، قواعد متعددة في تلك المنطقة، أولها في إرتيريا والسودان وجزيرة دهلك في البحر الأحمر وغيرها، للأهمية الضرورية والملحة التي تشكلها تلك المنطقة بالنسبة للأمن الاقتصادي الإسرائيلي.

لماذا تتخوّف إسرائيل من ضربة يمنية؟

أخيراً، زعمت قناة I24 news نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية أنها "لا تستبعد إمكانية حصول مواجهة عسكرية بين حزب الله وإسرائيل خلال الفترة المقبل...الخطر الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل يكمن في اليمن وأن إمكانية استهداف إسرائيل من قبل أنصار الله بات أمراً واقعياً وبتنسيق بين الحوثيين وحزب الله". معتبرة ان "حزب الله يقوم بخداع إسرائيل من خلال تسليط الأضواء على الجبهة الشمالية، ولكن إسرائيل تأخذ بعين الاعتبار إمكانية فتح جبهة من الجنوب عن طريق المسيرات الحوثية".

يملك اليمن أسبابه الموجبة والشرعية لاستهداف المصالح الاقتصادية الإسرائيلية، ولو تزامن ذلك مع استحقاقات أخرى، كملف الترسيم البحري بين لبنان وكيان الاحتلال. ولعل استفادة الحزب من هذه الضربة، سيكون كاستفادة روسيا من ضربة أرامكو السعودية خلال عملية كسر الحصار الثانية في 20 آذار/ مارس الماضي، وما سببه ذلك من ارتفاع إضافي في أسعار النفط توازياً مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، رغم انه لا تنسيق رصد بين الجهتين، ولا تعاون عسكري أو استخباراتي، طيلة سنوات الحرب السبع.

لإسرائيل تواجد عسكري وأمني رفيع المستوى، في عدد من المناطق اليمنية، كجزيرة سقطرى وجزيرة بريم وخميس مشيط. ولا يقتصر نشاطها على متابعة مجريات الأحداث، بل تورطت فعلياً بإدارة العمليات العسكرية والاستخباراتية الميدانية على عدد من الجبهات، ووصلت إلى حد تواجد القوات الفعلي على الأرض. وهو الأمر الذي دفع رئيس حكومة صنعاء عبد العزيز بن حبتور، لإعلان الموقف صراحة في 18 تموز/ يوليو الماضي، بأن "اليمن يملك الكلمة الفصل في بوابة مضيق باب المندب للحفاظ على هوية البحر الأحمر العربية، بوجه المؤامرة الأميركية لتحويله بحيرة صهيونية".

ومع التسليم بأن اليمن بات يمتلك القدرة العسكرية للتأثير على حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي تحدث عنه قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، في 10 شباط/ فبراير عام 2017، بأن اليمن بات يمتلك صواريخاً تصل إلى ما "بعد بعد الرياض"، كاشفاً عن البدء بتصنيع الطائرات المسيرة. فإنه وبظل حرمانه من موارده النفطية ولن يمضي اليمن مرة أخرى بشروط الهدنة الهشة، حسب تصريح رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام، فإن التصعيد القادم لن يكون ضمن السياق الذي عرف خلال سنوات الحرب الماضية. ذلك، لمعرفة صنعاء، ان هذه اللحظة التي يحتاج فيها الغرب لنفط فلسطين المنهوب الذي ستورده إسرائيل إليه، فرصة يجب استثمارها، ستعيد ترتيب المشهد في المنطقة، قطعاً.  

مراسل الدفاع في i24NEWS، جوناثان ريغيف، أشار إلى ان "وجود الحوثيين في تلك المنطقة، يعني أن كل سفينة تبحر من إسرائيل أو إلى إسرائيل تبحر في الأساس مباشرة تحت أعين الحوثيين...إنهم لا يزالون قادرين على استهداف مصالح البلاد داخل البحر الأحمر". والأيام ستثبت ذلك حقاً!


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور