الأحد 19 شباط , 2023 02:17

العلاقات السعودية السورية على نار حامية

مقعد الجمهورية العربية السورية في جامعة الدول العربية

منذ العام 2021، بدأت ملامح عودة العلاقات السورية السعودية تتكشف على الصعيدين الأمني والعسكري، عندما تحدثت صحيفة الغارديان البريطانية عن لقاء عُقد في دمشق بين رئيس مكتب الأمن القومي اللواء علي مملوك، ورئيس الاستخبارات السعودية اللواء خالد الحميدان، إذ بحث الطرفان القضايا العالقة وسبل التوصل إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. وبعد عدة أشهر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، جرى في القاهرة لقاء جمع بين مدير إدارة الاستخبارات العامة السورية اللواء حسام لوقا ورئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان خلال المنتدى العربي الاستخباراتي، كما جرى حديث عن زيارة لوقا إلى السعودية وقيل إنها توجت بالنجاح، فاسحة المجال للبدء بالعلاقات السياسية بين البلدين. ومن المترقب أن يصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق خلال أيام.

هل أثرت الخلافات السعودية الأمريكية في الموقف السعودي من سوريا؟

في السياسة، أثر الفراشة يعمّ كل شيء، يعني أن أي تغير يطرأ في أشد العلاقات وثاقة، سيؤثر على علاقات أخرى، ثمة انعطافة في السياسة الخارجية السعودية منذ وصول بايدن الذي توعّد بعزلها إلى السلطة، ربما ليست تحولات جوهرية لكنها غيرت في طبيعة الاصطفافات لديها. بدأت الرياض بالتقرب من موسكو وبكين الداعمتان لسوريا في مجلس الأمن، وروسيا موجودة الأراضي السورية.

أحد مشاكل الرياض مع واشنطن هي دخول الأخيرة بمفاوضات مع طهران حول برنامجها النووي من دون أن يكون ثمة دور للمملكة أو رأي في الاتفاق، وبالتالي تحتاج السعودية إلى قناة مفتوحة لتجاوز مخاوفها الأمنية، بالإضافة إلى أنه لا مجال لاستبعاد إيران عن أي ترتيبات أمنية في المنطقة، يؤكد هذا التوجه سلسلة لقاءات بوساطة عراقية تجددت في قمة بغداد 2، حيث بدت فيها المفاوضات إيجابية ومرنة، خاصة أن السعودية بعد زيارة الرئيس الصيني، تحاول تكريس نفسها لاعبًا إقليميًا تحتاج معه إلى التفاوض مع إيران بشأن العديد من الملفات في المنطقة، على رأسها الخروج من المستنقع اليمني. كما أنّ ما يبدو من سياسة بن سلمان الخارجية، هو محاولته تحقيق توازن في علاقاته مع الصين وروسيا والولايات المتحدة، يحتاج معها إلى تنظيم الاشتباك مع إيران.

لم تعد السعودية متحمسة لإسقاط النظام في سوريا

منذ أصبح وليًا للعهد عام 2017، كانت لافتة انعطافاته السياسية عما كان عليه المشهد السياسي في المملكة، وعلى الرغم من بطء وتيرة عودة العلاقات مع سوريا، إلا أنه كان واضحًا في النأي بالنفس عن المواقف السابقة للمملكة إزاء دمشق، خاصة بعد فشل المشروع السعودي في اليمن والعراق، وبعدما فشلت كل المساعي العربية بقيادة السعودية وقطر لإسقاط النظام السوري. كما أن رؤية 2030 يحتاج معها بن سلمان إلى الاستقرار السياسي والعسكري في المنطقة.

كل ذلك  بالإضافة إلى العداء السعودي مع تركيا، ومحاولة الحدّ من التدخلات الإقليمية لأنقرة التي تحتلّ جزءً من السورية، وبالتالي تقتضي المصلحة الأمنية التعاون الاستخباري والعسكري، لتتمكن السعودية من لعب دور "الرياض المؤثرة في الإقليم".

بن فرحان من ميونيخ: إجماع عربي لعودة سوريا والكويت ترفض

أشار وزير الخارجية السعودي قبيل زيارته المرتقبة إلى سوريا إلى أنّ هناك إجماعاً، ليس في دول الخليج فقط، بل في العالم العربي أيضاً، على أن الوضع في سوريا يجب ألا يستمر هكذا. وأضاف: "علينا أن نعيد النظر بطريقة تعالج الأزمة، وتعيد اللاجئين. وهناك معاناة كبيرة بسبب الزلزال الذي ضرب سوريا"، لافتاً إلى أنّ "معالجة أزمة اللاجئين وكارثة الزلزال لا بد أن تتمّ في حوار مع دمشق". ويأتي ذلك في وقتٍ تشارك السعودية في عمليات الإغاثة ولكن بشكل خجول، وجاءت في وقت متأخر، في إثر الزلزال الكارثي الذي ضرب سوريا، متسبباً بأضرار مادية وبشرية كبيرة، في عدة محافظات.

إلا أن الكويت جددت رفضها إعادة التواصل مع النظام السوري، على الرغم من الزلزال. إذ صرّح وزير الخارجية الكويتي سالم العبدالله في مقابلة في المؤتمر نفسه، إن بلاده ليس لديها خطط لتحذو حذو الدول العربية الأخرى في إعادة التواصل مع رئيس النظام السوري بشار الأسد.

سوريا منفتحة على عمقها العربي لكن ما هو الثمن؟

سوريا التي تتلخص سياستها الخارجية بالانفتاح على عمقها العربي وتجاهل الماضي، هي منفتحة أيضًا على إعادة الثقة مع أشقائها العرب إذا أعلن هؤلاء موقفًا واضحًا يؤكد على وحدة الاراضي السورية وأمنها. وقد أدى البيان الصادر عن لجنة المتابعة والتشاور السياسي السعودية المصرية التي عُقدت في الرياض في 12 كانون الثاني/يناير الحالي، والذي جاء رداً على التهديدات التركية باجتياح الأراضي السورية، دوراً إيجابياً في إطار مساعي التقارب. وأثناء انعقاد القمة العربية في الجزائر دعا الوزير السعودي أن بلاده تدعم كل الجهود لإيجاد حل سياسي في سوريا مؤكداً حرص المملكة على أمن سوريا واستقرارها. وبالتالي فإن عودة سوريا إلى الحضن العربي هو من مصلحة دمشق خاصة في ظل ما تعانيه من أوضاع اقتصادية صعبة بسبب الاجراءات الاقتصادية الأمريكية وسرقة الأمريكيين لمواردها النفطية، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها بسبب استفراد الكيان المؤقت بها. إلا أن تأخر تطبيع العلاقات حتى هذا الوقت، يطرح سؤال ما هو الشيء الذي تفاوض عليه السعودية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية؟


الكاتب: زينب عقيل



وسوم مرتبطة

دول ومناطق


روزنامة المحور