السبت 26 حزيران , 2021 01:44

السيد نصر الله: طريق خلاص لبنان

حل الازمة يولد من داخل لبنان

تحدث الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بالأمس، خلال كلمة تلفزيونية عن ‏آخر التطورات المحلية، وكانت غنية بالمواقف والرسائل المهمة في مختلف الاتجاهات، مع تركيز على الأطراف الداخلية. فلبنان يعيش مرحلةً حساسةً ودقيقة جداً على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، تتطلب معالجات سياسية سريعة، تمنع الانهيار الكامل والنهائي والتوجه نحو الفوضى، وتقدم المعالجات للشعب الذي تعرض لخديعة الاستقرار الاقتصادي، والوضع المالي المستقر منذ التسعينيات.  

وقبل البدء بمعالجة المواضيع السياسية، توجه السيد حسن نصر الله بخطاب تعزية ومواساة، للسيد عماد حويلي الذي فقد عائلته بأكملها منذ أيام، بعد تعرضهم لحادث سير على أوتوستراد الجنوب بيروت. موجهاً للسيد حويلي وعائلته عبارات وجدانية تساعدهم على التحلي بالصبر والسكينة.

أما الرسائل والمواقف التي توجه بها السيد نصر الله:

أولاً: التنديد باستيلاء الولايات المتحدة الامريكية وحجبها، عشرات المواقع الإلكترونية التابعة لوسائل إعلامية في المنطقة، التي كان لها دور كبير في تقديم الدعم للفلسطينيين في معركة "سيف ‏القدس" الأخيرة. بالإضافة إلى موقف هذه الوسائل المناهض لكيان الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأمريكية في المنطقة، وكل المشاريع الفتنة والإرهاب. مؤكداً أن هذا التصرف يؤكد لجميع شعوب العالم، أن أمريكا تدّعي احترامها للحريات وحق إبداء الرأي. كما يساعد في فضح خلفيات سلوكها المتناقض مع ادعاءاتها، تسامحها مع وسائل إعلامية تابعة لأنظمة دكتاتورية، أو وسائل أخرى تروج للفكر الإرهابي دون أن تقوم واشنطن لأي جهد بالمنع والحظر.

ثانياً: الكشف عن ترويج أمريكي مستمر، لدعاية تبرر هدف دعمها للجيش اللبناني، بأنه لمواجهة حزب الله. محذراً السيد نصر الله بأن هذه الدعاية الأمريكية هدفها إيقاع الفتنة بين اللبنانيين. مؤكداً أن هذا السلوك المعتمد دائماً عند أمريكا، وليس مقتصراً على تحريض الجيش على المقاومة، بل بطريقة غير مباشرة يهدف إلى تحريض البيئة الحاضنة للمقاومة ضد الجيش.

ورد السيد نصر الله على هذه المساعي الأمريكية، بالتأكيد على التزام حزب الله في الماضي كما الحاضر والمستقبل، بتوجيه الدعوة لجميع البلدان لدعم وتقوية الجيش اللبناني، وتطوير قدراته على كافة المستويات، حتى لو كان الدعم من أمريكا نفسها. ليكون قادراً على حماية لبنان من كل أشكال المخاطر، خصوصاً ضد اعتداءات كيان الاحتلال الإسرائيلي.

وذكّر السيد نصر الله بمساعي الحزب سابقاً، لتقديم الدعم العسكري بواسطة الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي لم تتم بسبب الضغوطات السياسية.

وأعاد السيد نصر الله التأكيد على أهمية دعم القوى الأمنية والجيش اللبناني تحديداً، لأنهم من نواة الشعب اللبناني بكل أطيافه، كما أنهم يشكلون ضمانة بوجه أي محاولات تقسيمية في لبنان، خصوصاً بعد حصول إشارات توحي بهكذا خطة في بلدان المنطقة.

وربما يكون السيد نصر الله قد قصد بذلك الدور التركي في التقسيم والمدعوم أمريكياً. حيث تعمد إلى تتريك إدلب في سوريا، وتستبيح السيادة العراقية في إقليم كردستان، مؤسسةً قواعد عسكرية تابعة لها مباشرة في البلدين، دون حصول أي اعتراض دولي على ذلك.

بالإضافة إلى أن قوات قسد في سوريا، تسعى أيضاً بدعم أمريكا، لتحويل منطقة الشمال السوري، إلى منطقة مستقلة عن الدولة السورية.

مع الإشارة إلى أن هذا المخطط إن تنفذ، سيقسم سوريا والعراق إلى ثلاثة مناطق جغرافية لكل بلد.

ثالثًا: أما في الملف الحكومي، والذي شكل القسم الأكبر من خطاب السيد نصر الله. فتم التطرق إليه من عدة جوانب:

1_ لا مسؤولية لحزب الله عن أي تعطيل في الملف الحكومي، مع التأكيد على أن التشكيل لا يرتبط مطلقاً، بمحادثات البرنامج النووي الإيراني في "فيينا"، التي لم يطرح فيها بعد أي موضوع آخر حتى الآن. والتأكيد أيضاً على ان تعطيل التأليف، غير مرتبط إطلاقاً بالمحادثات الإيرانية السعودية، التي ترتكز حول الوضع اليمني، الذي يشكل مأزق السعودية الكبير الذي تحاول الخروج منه.

وأعاد السيد نصر الله التأكيد، أن إيران كانت ومازالت وستبقى، ترفض بشكل مطلق أي ربط لملفات المنطقة، بالمفاوضات المتعلقة ببرنامجها النووي. بعكس أمريكا حليفة البعض في لبنان، والتي تحاول ربط ملف الصواريخ الباليستية وملفات المنطقة، لكنها تلقى رفضاً إيرانياً حاسماً.

ومجدداً السيد نصر الله التأكيد أيضاً، بأن إيران لا تفاوض بالنيابة عن أي طرف، من قوى وشعوب ودول المنطقة، بالتزامن مع استعدادها الدائم لتقديم المساعدة لهم.

2_ التذكير بمواقف حزب الله السابقة، والرافضة لأي شكل من أشكال تعطيل المؤسسات الدستورية خصوصاً الحكومة. من رفض استقالة حكومة الحريري عقب تحركات 17 تشرين، مروراً بالاضطرار للموافقة على حكومة الرئيس حسان دياب (التي لم تجمع كافة الأطراف اللبنانية)، ثم الى رفض استقالة حكومة الرئيس دياب.

3_ التذكير والتأكيد بدعم ومساندة حزب الله، لمبادرة الرئيس نبيه بري التي تهدف الى تذليل العقبات، من امام الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، من أجل الإسراع بالتشكيل.

4_ دحض كل الأقاويل التي تحدثت، عن سعي لتكريس مبدأ المثالثة بدلاً عن المناصفة (رأي التيار الوطني الحر). نافياً من خلال الأرقام أن "الثلاث ثمانات" تصب في إطار المثالثة الطائفية. ومذكراً باستقلالية الحلفاء سابقاً داخل مجلس الوزراء، في التصويت ومناقشة المواضيع وإبداء الآراء.

كما كان لافتاً إعادة تذكير السيد نصر الله، بموقف الأطراف الشيعية الموحد، حول رفض أي طرح لمبدأ المثالثة في كل الفترات وحتى في المستقبل. داعياً الأطراف كافة إلى عدم طرح هكذا هواجس غير حقيقية، لا تتسبب سوى في توتير الأجواء الداخلية.

5_ توجيه التحية والشكر لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على دعوته وثقته بالسيد نصر الله لكي يكون حكماً في مفاوضات التأليف. مستغرباً الهجوم الطائفي الذي شنته بعض القوى على النائب باسيل، ومضيئاً على مشكلة النقل الناقص والفهم الخاطئ عند الكثير من السياسيين، كما جرى مع باسيل بادعائهم انه قد فوض السيد نصر الله بتحصيل حقوق المسيحيين.

6_ إعلان القبول بمساعدة التيار على تذليل العقبات، ومساندتهم في مفاوضات التشكيل. مع نفي صفة "الحكم" عن مسعى حزب الله، لاعتبارات عدة. ما يظهر أن حزب الله يريد أن يقوم بأدوار تقريبية مساعدة فقط، دون الدخول في بازار المناكفات السياسية المعروفة، في تحميل أي طرف مسؤولية تعطيل التشكيل. 

7_ التأكيد على أن مسعى الحزب هو تشكيل حكومة بأسرع وقت، ومرضي عنها من قبل جميع الأطراف، لكي تقوم بمعالجة مشاكل اللبنانيين المعيشية.

رابعاً: التأكيد على أهمية معالجة مشكلة نقص مادة البنزين والمشتقات النفطية، التي يشكل حلها أولوية قصوى لمنع حصول المشاكل والفوضى.

كما لفت أن خطوة الرئيس حسان دياب الأخيرة، ستساعد بالتأكيد على تقليص المشكلة في الوقت الحالي، بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة.

وأعلن بأن الحزب قد أتم كل التجهيزات اللوجستية اللازمة، لإحضار البنزين والمشتقات من إيران، بانتظار اللحظة التي تتوقف فيه الدولة عن أداء هذه المسؤولية. وأشار السيد نصرالله إلى موضوع في غاية الأهمية، يساهم أيضاً في تقليص المشكلة، و هو إنشاء مصافي تكرير للنفط في منطقتي طرابلس و الزهراني، عبر شركة من الدول الشرقية تتولى إنجاز المشروع خلال 6 أشهر، وتتولى إدارة عمل المصافي دون تكليف الدولة أي أعباء مادية. ما يؤمن حاجات لبنان من المشتقات النفطية بكلفة مادية متدنية جداً من جهة، و يتيح له استثمار ذلك في التصدير من جهة أخرى.

موجهاً الدعوة لكل المعترضين على إحضار البنزين من إيران خوفاً من العقوبات الأمريكية، بإحضار البنزين من الدول الحليفة لهم ولو على صعيد المناكفة السياسية الداخلية.

أما بالنسبة لمن شكك بإمكانية إيران على تصدير البنزين، فقد ذكرهم بالدعم الإيراني لفنزويلا السابق والحالي على تأمين هذه المادة، إضافة لتوريد قطع لمصافي التكرير لديها، بعد أن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حصاراً عليها منذ سنوات. وواصفاً المشككين بالقدرة الإيرانية بأنهم "جهلة".

موجهاً دعوةً للقوى السياسية لتأليف لجنة حوار تناقش موضوع رفع الدعم، بطريقة تخفف آثاره السلبية على المواطنين. كاشفاً عن وجود أفكار لدى الحزب حول هذا الموضوع، كما أن اللجنة تستطيع الاستفادة من تجارب عدة دول على هذا الصعيد.

خامساً: توجيه الشكر للعراق شعباً وحكومة، لأنهم على الرغم من ظروفهم الاقتصادية الصعبة، قرروا التعاون مع لبنان بموضوع تصدير المليون طن نفط.

كما توجه بالشكر أيضاً لقيادة كتائب حزب الله في العراق، التي ‏اعلنت مؤخراً أنها ستكون جزءا من المعادلة الإقليمية، التي تهدف لحماية مدينة القدس المحتلة وبيت المقدس والمسجد الاقصى المبارك.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور