الأربعاء 24 آذار , 2021 04:03

السعودية تعترف باستخدام الغذاء سلاحاً في الحرب على اليمن

محمد عبد السلام و فيصل بن فرحان

يومٌ بعد آخر، تتضح نوايا العدوان السعودي الأميركي على اليمن؛ ست سنوات تامة، أظهرت فشلًا ذريعًا للأهداف والغايات، غرقت فيها السعودية ببحر الخسائر، وانقلبت فيها الطاولة رأسًا على عقب. جولات وصولات من المفاوضات والمراوغات، تجاوبت معها قيادة صنعاء كمبادرة حسن نية، لم تفلح فيها الرياض وشريكتها واشنطن في الضغط على "أنصار الله" واجبارهم على الاستسلام.

وساطات ومبادرات على مدى السنوات الأخيرة الماضية ازدادت مع ازدياد التفوق العسكري اليمني، كان آخرها "مبادرة" أطلقها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لإنهاء الحرب في اليمن، حيث أشار خلال مؤتمر صحفي بالرياض الاثنين الفائت، الى أن "المبادرة" السعودية تدعو لوقف شامل لإطلاق النار في اليمن تحت مراقبة الأمم المتحدة، والسماح باستيراد الوقود والغذاء من ميناء الحديدة، وفي هذا البند اعتراف رسمي من السعودية بانها تستخدم سلاح الغذاء والدواء والحصار للضغط على اليمنيين.

غموض وشكوك وراء التوقيت والغايات تحيط بـِ"مبادرة" بن فرحان، والتي قال انها حملت بنودًا جديدة تتعلق بالجانب الإنساني في اليمن لتسويقها امام الرأي العام، وفي محاولة لإغراء الجانب اليمني في صنعاء واجباره على الاستسلام، خصوصًا بعد اقتناع قوى العدوان بقدرة اليمنيين على مواجهة الحصار العسكري، ووصولهم إلى العمق السعودي من خلال منظومة فعّالة من الصواريخ بعيدة المدى، إلى جانب الطائرات المسيّرة المفخّخة، التي باتت تستهدف أهم المنشآت الحيوية خصوصًا النفطية، وكان آخرها استهداف منشآت أرامكو النفطية في الرياض، بستّ طائرات مسيّرة الأسبوع الماضي، بحسب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع.

المبادرة الأخيرة التي تلقتها القيادة اليمنية في صنعاء بموقف القوي المنتصر، تظهر في البيّن أنها محاولة للهروب من الضغوطات الجمّة التي باتت تتعرض لها السعودية، أمام الارتكابات اللاإنسانية بحق الشعب اليمني، وتسعى بذلك لترك عبء المعارك في اليمن لحكومة هادي، لا سيما أنه قبيل المبادرة بساعات أفاد مصدر عسكري بانسحاب القوات السودانية المشاركة ضمن دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية من مدينة عدن بجنوب اليمن، بحسب ما ذكر المصدر لموقع "روسيا اليوم"، مضيفًا أن "هناك أنباء تتحدث عن تقليص القوات السعودية المتواجدة في عدن".

ورغم اقتناع السعوديين أن حكومة صنعاء سترفض مثل هكذا مبادرات على غرار سابقاتها، فربما تكمن أبرز أهدافهم من هذه المبادرة في تبرئة الرياض أمام المجتمع الدولي، وإلقائها الحجة أمام الجميع أنها هي من تسعى للحل، خصوصًا بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، موجهاً انتقادات كبيرة ولاذعة للسعودية تجاه حرب اليمن، واضعًا نصب أعينه مراجعة قضية الدعم العسكري الأمريكي  للسعودية في هذا العدوان.

أما ميدانيًا، وفي ضوء المعركة المندلعة في محافظة مأرب، فتهدف المبادرة السعودية من طرف واحد إلى وقف الهجوم على المدينة الاستراتيجية، والتي تعد المركز الرئيس للنفوذ السعودي في اليمن، وتدرك المملكة جيّدًا أن خسارة المعركة في تلك المحافظة ستكون مؤشرًا كبيرًا على خسارة الحرب بشكل كامل لصالح الجيش واللجان الشعبية، لا سيما بما تحمله المدينة في استراتيجيتها من ثقل سياسي ومعنوي في معادلة الحرب لصالح حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي والمدعوم من الرياض.

المبادرة التي لا ترى فيها القيادة في صنعاء أدنى الأسباب للخضوع والاستسلام، خصوصًا بعد سنوات القتال والصمود الأسطوري الذي قلب الموازين لصالح اليمنيين، وامتلكوا فيها زمام المبادرة، ردّت عليها القيادات اليمنية في صنعاء كما المحاولات السابقة، وأكّدت أن لا مساومة على حقوق الشعب اليمني الإنسانية، ولا تفاوض من دون وقف شامل للحرب ورفع الحصار عن اليمن. وفي هذا السياق أبدى رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام استغرابه من الأسلوب السعودي، وأشار إلى أن هكذا مبادرات لا توصل إلى أي حل، حيث لا جدّية لدى السعودي وحلفائها، وأن من يقدم المبادرة هو طرف أساسي في العدوان، إذ لا يحتاج إلى إذنٍ لرفع الحصار ووقف شامل للحرب.


وتشمل المبادرة السعودية حسب وزير الخارجية السعودي وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة بالإضافة إلى نقاط عدة أهمها:

- البدء بمشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.

-السماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحديدة.

- إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة.

- إعادة فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات الإقليمية والدولية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور