الإثنين 04 تشرين أول , 2021 03:59

أين ستتدخل واشنطن في العراق بعد الانتخابات؟

تدخل أمريكي في الشؤون الداخلية للعراق

تنظر واشنطن لنتائج الاستحقاق النيابي في العراق، في العاشر من الشهر الحالي، كحدث مفصلي سيحمل معه بعض التغيرات في الداخل العراقي وفي المنطقة، وتستبق للتخطيط بشأن تدخلاتها السياسية والامنية في البلاد بما يتناسب ومصالحها والمحافظة على نفوذها السياسي على الرغم من قرارها بسحب قواتها، وعلى اعتبار الساحة العراقية أرضاً لصراعها المزعوم مع "النفوذ الإيراني".  

وتحت عنوان: "عراق هش، لا يائس: كيف تقوض هشاشة العراق الاستقرار الإقليمي"، أجرى معهد دراسة الحرب (ISW) سلسلة من ورش العمل مع خبراء داخليين وخارجيين في ربيع عام 2021 دراسة قدّمت المؤشرات التي يمكن أن تساعد صانعي السياسة في الولايات المتحدة على توقع التأثيرات وفهم تداعيات الأحداث الكبرى بشكل أفضل عند وقوعها، وخلصت الدراسة الى ان تقديم توصيات للولايات المتحدّة.

أولاً: في الحال والواقع العراقي الراهن

وجد معهد دراسة الحرب (ISW) في الورقة الجديدة أن الدوافع الداخلية في العراق ستعزز الوضع السياسي الفاسد الراهن، مما يوفر استمرارية قصيرة الأجل دون معالجة مشاكل الدولة العميقة الجذور.  

واعتبرت أن معظم النخب السياسية في العراق، ولا سيما مجموعة قادة الفصائل السياسية الشيعة والأكراد الذين تقاسموا السلطة منذ عام 2006، قد امتلكوا النظام السياسي القائم على الغنائم. سوف يحافظون على استثمارهم المربح ويتجنبون كل صراع أو حرب أهلية طالما أنهم يحتفظون بنصيبهم من الغنائم.

وتوقعت الورقة أنه لن يؤدي استمرار الحكم بعد الانتخابات البرلمانية لعام 2021 إلى تحسين نوعية حياة الشعب العراقي، ولكنه قد يزيد من استقرار الدولة على المدى القريب إلى المتوسط المدى ويخلق مجالًا لتطوير نظام جديد. ومع ذلك، فإن الوضع السياسي والاقتصادي الواقع في العراق لا يمكن تحمله في نهاية المطاف.

 ثانياً: التأثير الإقليمي و"الخطر الإيراني"

اعتبرت الورقة إن استقرار العراق، من نواح كثيرة، خارج عن سيطرته. فمن المرجح أن تطغى ديناميكياتها الداخلية الصعبة على ديناميكيات إقليمية أكبر وأكثر تهديدًا. حيث تلعب كل من إيران والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى و"إسرائيل" وتركيا صراعاتها على الأراضي العراقية، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار العراق والشرق الأوسط الكبير. من بين هذه الصراعات (حسب ما تشير الورقة)، تعتبر تلك التي تتعلق بإيران هي الأكثر خطورة على العراق والمنطقة. يجب أن تعمل الولايات المتحدة على إدارة أو قمع النزاعات الخارجية الأكثر سلبية، وبالتالي إفساح المجال أمام النظام المحلي العراقي ليتطور إلى نظام أقوى وأقل فسادًا وأكثر تمثيلاً.

وأكدت الورقة أنه على الولايات المتحدة (بمواجهة خطوات إيران في العراق) أن تواصل السعي من أجل عراق أقوى وأكثر ديمقراطية واستقلالًا يمكنه توفير حاجزاً إقليمياً للتخفيف من حدة النزاعات المستقبلية.

ثالثاً: توصيات ورقة معهد دراسات الحرب

حددت الورقة 4 أولويات للسياسة الأمريكية في العراق وطالبت صانع القرار الأمريكي بأن يوازنها بدقة. وأكدت على:

_ الاستمرار في تقديم المساعدة والتدريب والمشورة الأمريكية لكل مستوى من مستويات قوات الأمن العراقية. لا تزال مهمة مكافحة "داعش" المستمرة تعتمد على دعم المخابرات والمراقبة والاستطلاع الأمريكية (ISR) لقوات الأمن العراقية. سيحافظ الدعم الأمريكي على الهزيمة الدائمة "لداعش" ويمنع عودة ظهور هذا التهديد بينما يساعد في بناء جيش عراقي أكثر احترافًا. في غضون ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تقدم مشورة هادفة وصغيرة الحجم وتدريب لقوات الأمن المسؤولة عن حماية كبار المسؤولين في الحكومة العراقية. يمكن لهذا الدعم أن يمكّن هؤلاء المسؤولين من اتخاذ الخيارات الصعبة الضرورية لتأمين مستقبل العراق مع حماية أنفسهم من التهديدات الخارجية والمحلية.

_ ردع وعرقلة التدخل الإيراني في العراق قدر الإمكان. حيث أنه من المحتمل أن ينظر النظام الإيراني إلى مفاوضاته النووية مع الولايات المتحدة على أنها منفصلة عن الهجمات بالوكالة في العراق، الهدف الأساسي من تلك الحملة هو طرد القوات الأمريكية من العراق بدلاً من تشكيل المفاوضات الأمريكية الإيرانية. لذلك يجب أن تكون الولايات المتحدة أقل قلقًا من أن مفاوضاتها ستخرج عن مسارها بسبب ردود الولايات المتحدة على الأنشطة والهجمات الإيرانية الخبيثة في العراق. يُعد الرد على هجمات الوكلاء الإيرانية التي تهدد القوات الأمريكية والمنشآت داخل العراق عنصرًا ضروريًا لإعادة إرساء الردع ضد إيران وشبكة الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها. يجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تستدعي أنشطة إيران السياسية والاقتصادية الضارة في العراق، بما في ذلك التهريب وشراء الأصوات وتهديد النشطاء.

_ استخدام التعاون الدبلوماسي والأمني مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة الإقليميين لتثبيت الأنشطة المزعزعة للاستقرار داخل العراق. لدى تركيا و"إسرائيل" والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى القدرة على زعزعة استقرار العراق بشكل كبير من خلال ردودهم على الأنشطة الإيرانية هناك. يجب على الولايات المتحدة العمل مع هؤلاء الشركاء لخلق نهج إقليمي مشترك للعراق يدير بشكل أفضل التهديد الذي يشكله ترسيخ إيران في الدولة.

_ دعم مطالب حركة الاحتجاج الشعبية في العراق وجهود المجتمع المدني طويلة المدى لوضع الأساس لنظام عراقي أكثر تمثيلاً. من المرجح أن يكون للمشاريع الأمريكية التي تضع شروطاً للمشاركة المدنية طويلة الأمد التأثير الإيجابي الأكبر على مستقبل العراق. على المدى القريب، يعني ذلك تشجيع مشاركة الناخبين وشفافية الانتخابات واستدعاء الجهات التي تهدد أي منهما. يجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تنظر في دعم جهود المجتمع المدني مثل الحكومة الطلابية، أو فصول التربية المدنية، أو نوادي المناظرة التي تُعرّف الجيل القادم من العراقيين بالعناصر الأساسية للديمقراطية العلمانية والتشاركية. يمكن لمثل هذه البرامج أن تساعد في مواجهة البرامج الخبيثة التي تدعمها إيران والتي تعمل على تلقين الشباب المستضعفين أيديولوجيات متطرفة وزعزعة استقرار الدولة العراقية.

وخلصت الورقة أنه يجب على صانعي القرار الأمريكيين التعامل مع مشكلة العراق ليس فقط من أجل توقع واستباق الأحداث السياسية والأمنية الهامة للأشهر الثمانية عشر القادمة، ولكن أيضًا من خلال نهج حكومي كامل يهدف إلى وضع شروط لعراق أكثر استقرارًا. النظام في العقود القادمة. هذه النتيجة وحدها جديرة بالاستثمارات الأمريكية والعراقية التي استمرت 18 عامًا.


المصدر: معهد دراسة الحرب (ISW)

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور