الخميس 09 كانون الاول , 2021 03:45

هكذا احتلت "داعش" العالم الافتراضي

مثّل العالم الافتراضي، أداةً جديدة للتنظيمات التكفيرية المتطرفة كي تقوم بتحقيق عدة أهداف وأنماط تساعدها في تنفيذ أجندتها الإرهابية، فكراً وتنفيذاً. وليس من المستغرب أن تتضاعف أعداد المواقع المحسوبة لجماعات إرهابية عالمية عدة مرات في فترات قليلة؛ ووفقاً لكتاب "الإرهاب العالمي والاعلام الجديد" لمؤلفيه فيليب سيب ودان جانبك – الخبيرين في الدراسات الإعلامية – فإن عدد الموقع المحسوبة لجماعات الإرهاب العالمي ارتفع من نحو 12 موقعاً إلكترونياً عام 1997 إلى 4350 موقعاً في أوائل عام 2005، ثم 4800 موقع عام 2006، وتجاوز أكثر من 6 آلاف موقع إلكتروني في نهاية عام 2008.

بدايات "القاعدة"

كان تنظيم القاعدة السبّاق في الاعتماد على المواقع الالكترونية. وتعود بداية استخدام شبكة الانترنت كأداة رئيسية للتنظيمات التكفيرية المتطرفة الى العام 1997، حيث عملت من خلالها على تعزيز عمليات التنظيم والحشد والتجنيد، كل ذلك بدأ على يد جماعة الجهاد المصرية، وتطور الامر بمرور الوقت إلى أن تم إنشاء عدد من المواقع المختلفة للجماعات التكفيرية المتطرفة والمنتديات والمدونات، وصولا الى استخدام التقدم النوعي والكيفي الذي حققه تنظيم "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث وظف التقنيات من خلال هذه المواقع والتي ساهمت في ترسيخ صورة ذهنية عن وحشيته.

القاعدة إلكترونيا ما قبل 11 أيلول/سبتمبر

من الملاحظ أن تنظيم القاعدة كان له السبق في الاعتماد على المواقع الالكترونية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وتسهيل القيام بالعمليات التكتيكية، حيث بدأت الجماعات المتطرفة في استخدام الانترنت منذ العام 1996، عن طريق ارسال رسائل الكترونية بهدف انشاء الجماعة التي عرفت فيما بعد بالقاعدة، والتي تأسست في عام 1998. وفي عام 2000 أصدر تنظيم القاعدة موقعه الرسمي الأول الذي أنشأه أحد أعضاء جماعة الجهاد الإسلامي المصرية، واضعاً عليه شعار تنظيم القاعدة بعنوان "معالم الجهاد"، والذي توقف منذ 25 أيلول 2001.

ومطلع العام 2001 بدأ تنظيم القاعدة في الانتقال الى الانترنت والاعتماد عليها بشكل أساسي، فقام بتأسيس أو معسكر تدريبي افتراضي على الانترنت، وهو معسكر البتار، الذي ظهر بتبني يوسف العبيري زعيم القاعدة في الجزيرة العربية، وهو عبارة عن مجلة الكترونية تدريبية، وأصدر منها تنظيم القاعدة 11 عدداً، ولكنها توقفت نظراً لمقتل العبيري الذي كان مسؤولاً عن إدارة الموقع ولم يُعط أحد مفاتيح إدارته.

القاعدة إلكترونيا ما بعد 11 أيلول/سبتمبر

بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 برز اهتمام تنظيم القاعدة بالإنترنت بشكل قوي، فظهرت العديد من المواقع الالكترونية المتطفرة، منتديات الحسبة والبراق والفلوجة ...الخ.

استغل تنظيم القاعدة في تلك الفترة مجموعة تم تجنيدها للقيام بعمليات إرهابية سيبرانية مثل؛ "جهاد جين. وفي عام 2006 ظهر العديد من الأسماء والقيادة "القاعدة" مثل عطية الله وحسين بن محمود.

ومع التوسع في استخدام الانترنت، بدأت تزداد وتنتشر المواقع المتطرفة منذ عام 2009، وزادت عمليات التجنيد، ومن الأمثلة على ذلك نضال مالك حسن". كما عمدت "القاعدة" في تلك الأوقات الى عمل لقاءات إلكترونية مع أيمن الظواهري للإجابة على تساؤلات المهتمين بالتنظيم من معلومات حول التنظيم وفكره ومموليه وغيرها من الأسئلة التي طرحت عليه.

أبرز عمليات الإرهاب السيبراني

وفيما يتعلق بأبرز عمليات الإرهاب السيبراني التي قام بها تنظيم القاعدة، فهي:

جهاد جين

للمرأة الحديدية لتنظيم القاعدة Colleen La Rose) أو Fatima LA Rose) أسماء عدة؛ فقد اعتنقت "كولين لا روز" الإسلام، وتم تجنيدها في تنظيم القاعدة عن طريق الانترنت، وكانت المهمة الموكلة لها قتل الفنان السويدي LarsVilksالذي كان قد نحت تمثالاً مسيئاً لنبي الإسلامي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن تم القبض عليها في عام 2009.

نضال مالك حسن

أما نضال مالك حسن، فهو طبيب نفسي أميركي من أصول فلسطينية، التحق بالجيش الأميركي عام 1997، بدأ ارتباطه بالقاعدة على يد الشيخ أنور العولقي، وكان قاعدياً بالتوجه لا بالانتماء، ولم يعط العولقي اهتماماً بداية لنضال وأسئلته والتي منها شرعية قتل الجنود الأمريكان، لكن مع الوقت ارتبط نضال بالقاعدة ارتباطاً وثيقاً، ومع ذلك لم تعط الولايات المتحدة اهتماماً ولم تنتبه لأهمية هذه المعلومات عن نشاطه في الفضاء السيبراني، حتى فاجأ نضال الجميع بمن فيهم معلمه العولقي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2009، حيث كان يعالج جنوداً عائدين من العراق وأفغانستان نفسياً في فورت هود بولاية تكساس وقام بهجوم عليهم، مما أسفر عن مقتل 13 فرداً وإصابة 31 آخرين.

المقال القادم: داعش وشبكات التواصل الاجتماعي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: نسيب شمس




روزنامة المحور