الثلاثاء 28 كانون الاول , 2021 05:11

استجرار الغاز المصري: شروط أميركية تعجيزية!

أشار رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، في الأيام الماضية، الى ضرورة العودة الى انعقاد جلسات المجلس الوزاري من أجل اتخاذ القرارات في بعض الاستحقاقات في البلد قبل نهاية العام الحالي، ومن ضمنها "توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتصديق خطة استجرار الكهرباء من الأردن، والموافقة على عقد استيراد الغاز الطبيعي من مصر"، الا ان استجرار الغاز المصري من أجل توليد الطاقة الكهربائية ليس بالقرار اللبناني، إذ انه "يحتاج الى جديّة الضوء الأخضر الأمريكي" التي كانت السفيرة الأمريكية دوروثي شيا قد زعمت إعطاءه، حيث قال وزير البترول المصري قبل ايام "نحن بانتظار بعض الإجراءات السياسية".

اذاً المشكلة بشأن الغاز لا تزال عالقة عند ضمان حصول القاهرة على "إذن" بإعفائها من تداعيات "قانون قيصر" الذي تفرضه واشنطن على سوريا في إطار إطباق حصارها على دمشق المستمر منذ سنوات، فمصر لم تتلقى "ضمانات أميركية" للسير جدياً بالخطوات العملية لتنفيذ المشروع.

الشروط الأمريكية: تعجيز لبنان وسوريا!

تشترط الولايات المتحدة خطوات قاسية جداً سياسية وتقنية تعجيزية على لبنان وسوريا، كان "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" قد رفعها الأسبوع الماضي في تقريره لإدارة البيت الأبيض، شارك بصياغته عدد من الباحثين المعنيين بالملف اللبناني، وتتمثّل الشروط بالآتي:

_ مطالبة الحكومة اللبنانية بسن إصلاحات شاملة في قطاع الطاقة تماشيًا مع توصيات مؤتمر سيدر 2018.

_ التحديد بشكل مسبق لكمية الطاقة التي تدخل سوريا والكمية التي تصل إلى لبنان وتحت أي شروط إن وجدت.

_ إنشاء قواعد جديدة غير تابعة للدولة السورية تمر منها الكهرباء أو الغاز عند إمداد سوريا بهما كدفع مقابل عبور الطاقة عبر أراضيها.

_ توسيع عملية الربط الكهربائي بين الأردن والعراق والمساعدة في تسهيلها لأن إنتاج الكهرباء في الأردن لن يكون كافيًا.

_ طلب تنازلات واضحة من الدولة السورية مقابل نقل الكهرباء والغاز عبر الأراضي السورية.

_ الحد من نطاق الإعفاءات من العقوبات المتعلقة بالمشروع لصالح تراخيص العقوبات أو الإعفاءات والتي يمكن تشغيلها وإيقافها بما يتماشى مع تطورات السياسة.

_ تشجيع المجتمع الدولي على تسهيل التمويل والبيع إلى لبنان لمحطة إعادة تحويل الغاز إلى غاز على الساحل اللبناني الشمالي حتى تتمكن ناقلات الغاز الطبيعي المسال من تفريغه لاستخدامه في محطة توليد كهرباء دير عمار بحيث يمكن أن يمتد الخيار إلى محطات طاقة أخرى إذا كانت مجهزة لاستخدام الغاز كوقود شرط ألا تفيد الطاقة المولدة حزب الله وحلفائه السياسيين.

_ جعل البنك الدولي يجري دراسة جدوى حول التسليم السريع لموارد الطاقة المتجددة إلى لبنان وجعل الولايات المتحدة وحلفائها استكشاف حيثية تمويل هذا المشروع، في وقت لم يحسم البنك الدولي بدوره قراره بالتمويل بعد، ولم يقرّ الآلية وانه اشترط على لبنان مجموعة خطوات قد تكون تعجيزية في المرحلة الراهنة ولا قدرة للسلطة اللبنانية على فعلها خصوصاً قبل الانتخابات النيابية (كرفع تعرفة الكهرباء وتعيين الهيئة الناظمة...).

وفي النتيجة العملية، فان كلّ هذه الشروط واشتراط التنازلات من دمشق، تكذّب بها واشنطن نفسها بنفسها، وتؤكد على مواقفها المتناقضة والمتبدّلة، وتعلن أنها غير مستعدة – ولم تكن يوماً – لأي مبادرة تجاه لبنان لتحسين ظروفه بل تبقى الراعي الأول لمفاقمة الأزمات في البلد والمنطقة.

وان كان استجرار الغاز المصري الى لبنان يستدعي تدخلات الولايات المتحدة وشروطها لمجرّد زيادة عدد ساعات التغذية بالطاقة الكهربائية (في الحد الأقصى من 4 الى 6 ساعات)، فان للحكومة بدائل كثيرة مطروحة سابقاً وأهمها العرض الإيراني الذي أعاد وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان اقتراحه في تشرين الأول الماضي، حيث ان العرض يؤمن تغطية الكهرباء في البلد بشكل كامل وبأقل كلفة مادية، ودون أي كلفة سياسية.  

وكان وزراء الطاقة في الدول الأربعة: لبنان، سوريا، الأردن، ومصر، قد اجتمعوا في العاصمة عمان في أيلول الماضي للاتفاق حول آليات ضخ الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان، عبر الأردن وسوريا، لمساعدته على تعزيز إنتاجه من الكهرباء، وتخفيف أزمة طاقة، بعد ان سارعت السفيرة شيا الى لقاء رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في محاولة لتحقيق "انجاز" تخادع به الشعب اللبناني عقب إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استقدام سفن المشتقات النفطية من الجمهورية الإيرانية لكسر الحصار الأمريكي والتخفيف من معاناة اللبنانيين الذين افتقدوا مادتي المازوت والوقود لفترة طويلة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور