الأربعاء 20 نيسان , 2022 02:10

أوكرانيا واليمن وليبيا.. ازدواجية المعايير

أوكرانيا

تتعرض أوكرانيا لعملية عسكرية روسية موجهة ضد نظام الحكم في كييف، لكن بعيدا عن الخوض بالأسباب التي تسوقها روسيا أو يسوقها الغرب، يبقى أن المتضرر الأكبر من هذه العملية هم المدنيون، لكن هل يمكن مقارنة الضرر الذي وقع على المدنيين في أوكرانيا بالضرر الذي وقع على المدنيين في اليمن أو ليبيا أو سوريا؟

لا يمكن على الإطلاق مقارنة الأضرار التي لحقت بالمدنيين الأوكران بما لحق بنظرائهم في اليمن على سبيل المثال، والتي أعلنتها الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ عدة أعوام، أو سوريا وليبيا.. رغم ذلك فإن الغرب حشد طاقاته وسخر إمكاناته الدبلوماسية والعسكرية والإعلامية لنصرة أوكرانيا بعد أقل من أسبوع على بدء الحرب بينما ترك ملايين المدنيين بالبلاد العربية والأفريقية يواجهون مصيراً مأساويا.

لقائل أن يقول إن الغرب يملك الحق بأن يحرك دبلوماسيته وآلته الإعلامية والعسكرية لحماية مصالحه التي تهددها روسيا بينما الدول العربية والافريقية مثل إقليم تيجراي لا تمس مصالحه، وعلى الرغم ما بهذا المنطق من براغماتية تخرجه عن النسق الأخلاقي فإننا اذا ما سلمنا به لا بد أن نقول أن الغرب ليس المالك للمؤسسات الدولية التي يحركها لأجل مصالحه هي الأخرى وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية وأجهزة الأمم المتحدة.

مجتمع دولي واحد ومعايير مزدوجة

بينما تحركت المحكمة الجنائية الدولية وأجهزة الادعاء العام (النيابة العامة) في بعض دول أوروبا لفتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا بعد عدة أيام نراها تغمض عينيها عن مأسي الشعوب العربية والأفريقية كاليمن وسوريا وليبيا وإقليم تيجراي والتي تمتد مآسيهم لسنوات وقد تطول لسنوات أخرى، وذلك رغم الجهود المضنية التي بُذلَت لأجل تحقيق العدالة لهذه الشعوب وتخفيف معاناتها بعض الشئ.

ففي سنة 2018 تأسست مجموعة العمل الدولية لأجل السلام في ليبيا وكانت أولى أهدافها تفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة للشعب الليبي لكن مذكرات اعتقالها لم تصل الا الى محمود الورفلي أحد رجال خليفة حفتر والذي تم قتله على يد رجال حفتر، وامتنعت الجنائية الدولية عن تناول حفتر نفسه بسياق مستغرب، كما نشطت مجموعة العمل الدولية لأجل السلام في ليبيا بشكل لافت للنظر في المجتمع الدولي لدرجة دفعت رئيس الوزراء الليبي الأسبق عمر الحاسي ومعه عدد من أساتذة القانون الدولي والعلوم السياسية، وكذلك أعضاء في البرلمان الأوروبي لترشيح محمود رفعت مؤسس المجموعة لجائزة نوبل للسلام لجهوده بإيصال المساعدات للمدنيين بالمدن المحاصرة وكذلك جهوده الدولية.

وفي العام التالي 2019 تأسست مجموعة العمل الإنساني لأجل اليمن بهدف تفعيل دور المجتمع الدولي لاحلال السلام وملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في هذا البلد، وايصال المساعدات الإنسانية للمدنيين اليمنيين، وكسابقتها حققت هذه المجموعة حضوراً لافتا، دفع عضو البرلمان الأوروبي عن المانيا وقتها كلاوس بوكنر ومعه برلمانيون آخرون لترشيح مؤسس المجموعة ورئيسها محمود رفعت لجائزة نوبل للسلام وذلك لجهوده لاحلال السلام في اليمن وسعيه لإيصال المساعدات الإنسانية خاصة الطعام والدواء للمدنيين المحاصرين.

وقد يلخص كامل المشهد حصول رئيس وزراء أثيوبيا آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام وقد أعلنت لجنة الجائزة منحه إياها في أكتوبر 2020 لنشره الديموقراطية بينما كان قد ألغى الانتخابات ونصّب نفسه امبراطورا قبلها بشهر في سبتمبر 2020 ، ومنذ ذلك الحين تحاصر قواته إقليم تيجراي وارتكبت به مجازر جماعية وسلسلة طويلة من الجرائم ضد الإنسانية والتي يغمض المجتمع الدولي عينه عنها كما يغمض عينه عن مآسي الشعوب العربية في ليبيا وسوريا واليمن، هذا البلد الجريح الذي ينزف منذ اكثر من 7 سنوات وارتكبت فيه أبشع الفظائع والجرائم التي ترقى الى مستوى جرائم حرب، دون ان يحرك المجتمع الدولي او المحكمة الجنائية ساكنا لمحاسبة امراء آل سعود، وأولهم ولي العهد محمد بن سلمان الرجل السعودي الأول المسؤول عن إراقة دماء اليمنيين وارتكابه المجازر والفظائع الدامية في هذا البلد.


الكاتب: وسيم الشرعبي




روزنامة المحور