السبت 28 أيار , 2022 01:04

هآرتس: مسيرة الأعلام قد تشعل فوضى جديدة

مسيرة الأعلام

يتخوف كيان الاحتلال من ان تؤدي مسيرة الاعلام التي ينوي تنظيمها إلى تصعيد ومواجهات مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهو ما تؤكده أوساط عسكرية إسرائيلية. صحيفة هآرتس من جهتها أشارت في مقال لها إلى انه قد "ساد ما بين بينيت وقيادة الجيش الإسرائيلي توتر معين في الأسابيع الأخيرة. وتراكم لدى رئيس الحكومة غضب بدرجة ما على سلوك هيئة الأركان العامة".

النص المترجم:

لقد حدث أكثر من مرة أن تبددت التنبؤات التشاؤمية، الأمر الذي أسعد الجميع، ولكن قبيل الأحد القادم، ثمة عوامل عاصفة مكتملة آخذة في التراكم. مسيرة الأعلام التي سيجريها أتباع "الصهيونية الدينية" في شرقي القدس، والذي صادق المستوى السياسي على مسارها، قد تشعل أعمال فوضى جديدة، في العاصمة وفي الضفة الغربية. يشكك الجيش الإسرائيلي في انجرار قيادة حماس في القطاع إلى هذه الزوبعة، ولكن يكفي بما من شأنه أن يحدث في القدس للعودة وإشعال المنطقة، بعد عدة أسابيع ظهر فيها انحسار معين للعنف.

قبل عام التقى "يوم القدس" وشهر رمضان. وأضيف للجو الذي كان مشحوناً أصلاً صاعق جديد على شكل مسيرة الأعلام. رئيس الحكومة حينئذ، بنيامين نتنياهو الذي كان قريباً من نهاية وظيفته، صادق للمشتركين على السير عبر باب العامود والحي الإسلامي، ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة. جهود الشرطة لتغيير مسار المسيرة لم تجد نفعاً: أطلقت حماس ستة صواريخ من القطاع إلى منطقة القدس، وانطلقت عملية "حارس الأسوار"، مُخلفة وراءها أضراراً شديدة في نسيج الحياة ما بين اليهود والعرب في حدود الخط الأخضر.

وريث نتنياهو نفتالي بينيت، تصرف بصورة مختلفة قليلاً. نشر بيان المصادقة على المسار منذ حوالي أسبوعين قبل "يوم القدس"، على أن يكون في هذه الفترة الزمنية ما يكفي لتحرير الغضب الفلسطيني، ومن جانب آخر تمكين الجهود المصرية من تهدئة حماس. تم توثيق طائرة تستخدمها المخابرات المصرية هذا الأسبوع أكثر من مرة في المواقع التي تتابع حركة الطائرات وهي تهبط في مطار بن غوريون.

تبرير بينيت الأساسي هو السيطرة الحكومية: من عشرات السنين سارت المسيرة بهذه الصورة، وليس هناك سبب لتغيير مسارها، كما أن رمضان انقضى، والتوتر والعنف هدآ قليلاً. في الوقت نفسه، يخطط لكي تستعد شرطة إسرائيل بالدرجة القصوى، وبأن تنشر 3 آلاف شرطي (بقيادة قائد اللواء المفتش دورون ترجمان).

قد يبدأ التوتر حول تمترس شبان مسلمين في الحرم صباح الأحد. وهنالك أيضاً مسيرة مخططة في اللد والتي من شأنها أن تمر قريباً من أحياء عربية وتثير هناك عدم ارتياح إلى درجة الخوف من التأثير على علاقات "راعم" مع الائتلاف.

في ضوء سابقة العام الماضي، شخص الفلسطينيون نقطة يمكن فيها الضغط على "إسرائيل" وربما الحصول على إنجاز مثل تراجع المسيرة. ما زال في الخلفية مشاعر قاسية في "المناطق" -الضفة الغربية- حول مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين. وأعمال الشغب التي أثارتها شرطة القدس أثناء المسيرة، اعتبرت إهانة مؤلمة. هذا الأسبوع، نشرت تحقيقات لوكالة "أسوشييتد برس" وشبكة "سي.ان.ان" التي ألقت مسؤولية موتها على إسرائيل.

زعماء منظمات في المنطقة من بينهم حسن نصر الله من "حزب الله"، وإسماعيل هنية، سبق وهددوا باستخدام العنف إذا اقتربت المسيرة في القدس من الأقصى. إسرائيل تهدئ وتقول إن المسار بعيد عن الحرم وليس هنالك نية كهذه. السؤال: هل سيكون هذا كافياً؟ بينيت الذي يهدد ائتلافه بالانهيار تحته، يخضع لضغوط شديدة من جانب الوزيرة آييلت شكيد وأعضاء كنيست آخرين من قائمته "يمينا"، لاتخاذ مظاهر قوة استعراضية وطنية. من غير المؤكد أن شركاء بينيت الكبار في الحكومة – يئير لبيد، وبيني غانتس، وافيغدور ليبرمان – يشخصون درجة الخطر الكامنة في اللحظة الحالية. وإذا اتخذت توازنات وكوابح أقل مما اتخذت السنة الماضية، فسيكون لذلك تداعيات أمنية بعيدة المدى.

وكما يحرص نتنياهو وميري ريغف وباقي أعضاء جيشه الحقيقي على تقديم البراهين أسبوعياً، فلا سبب للاشتياق إلى أيام الحكم السابق. ولكن كان لرئيس الحكومة السابق بشكل عام أفضلية واحدة واضحة تماماً: الحذر الأمني، الذي ارتكز على تجربة تراكمت بالدم منذ أيام أحداث نفق حائط المبكى وقضية مشعل.

ساد ما بين بينيت وقيادة الجيش الإسرائيلي توتر معين في الأسابيع الأخيرة. وتراكم لدى رئيس الحكومة غضب بدرجة ما على سلوك هيئة الأركان العامة. بدا للعديدين أن الجيش عشق بأن مفهوم "حارس الأسوار" كان نجاحاً كبيراً، ولهذا تبدو حماس منذ ذلك الحين خائفة. وبناء على ذلك، فمن المستبعد أن يكون لقيادة حماس في غزة ضلع في موجة الإرهاب الحالية، التي اندلعت في منتصف آذار. فعلياً، اندلعت الموجة من الميدان، وصعدت من أسفل إلى أعلى. ولكن لعدد لا بأس به في الجهاز السياسي والأمني بما في ذلك "الشاباك"، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يقلل من دور حماس. حماس تحاول أن تصب الزيت على الشعلة في الضفة وفي حدود الخط الأخضر. رئيس قيادتها في الخارج، صالح العاروري، يعمل على ذلك بشكل خاص.

مع ذلك، يبدو أن هناك نجاحاً للجهود الإسرائيلية: تركيا التي استضافت العاروري في السنوات الأخيرة، وهي الآن تحاول الاقتراب من إسرائيل، تعطي إشارات أن المفضل له المكوث في عنوانه البديل داخل لبنان. إسرائيل أيضاً تضغط على السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لوقف المدفوعات لعائلات المخربين الذين قتلوا في أحداث الشهور الأخيرة. ليس واضحاً فيما إذا كان هذا سينجح.

توقع رئيس الحكومة مبادرة هجومية أكثر من جانب الجيش الإسرائيلي، في جنين وربما في غزة. قبل موجة الإرهاب، لم يهمل الجيش فقط إغلاق منطقة التماس (بموافقة كل الحكومات الأخيرة) بل تجنب طوال شهور عديدة القيام بعمليات اعتقال في منطقة جنين. في الأسابيع الأخيرة، زادت هذه العمليات، والتي ووجهت بمقاومة فلسطينية مسلحة في كل مرة دخلت فيها قوات إلى المنطقة. من المرجح أنه ستتواصل هذه العمليات وقد تتعاظم. إلى جانب ذلك، سيقتضي الأمر تغييرات في الصورة التي يواجه فيها جهاز الأمن الفلسطينيين. قبل أسابيع، نشر هنا بأن لا يوجد مكان في ساحات الشرطة التي يحتفظ بها بالمركبات التي تم التحفظ عليها، نظراً لأنها شاركت في تهريب ماكثين غير قانونيين عبر خط التماس. وثمة مشكلة مشابهة في غرف الاعتقال، وقد تم إطلاق سراح مئات المشاركين في أعمال العنف داخل الحرم بعد وقت قصير من اعتقالهم، ببساطة نظراً لأن السجون ممتلئة تماماً.


المصدر: هآرتس

الكاتب: عاموس هرئيل




روزنامة المحور