الإثنين 30 أيار , 2022 03:05

مسيرة كهذه لا تحقق أهداف الكيان المؤقت!

المستوطنون عند حائط البراق

في العام الماضي، خلال مسيرة الأعلام التهويدية، شكّلت صواريخ كتائب القسّام التي أطلقت بإشارة مباشرة من قائد الأركان "محمد الضيف" نحو القدس المحتلة عنصر مباغتة للكيان المؤقت، حيث أنه لم يتوقع تنفيذ التهديد بهذه الجرأة  في قصف مستوطنات القدس، في حين كانت التقديرات الاسرائيلية تشير نحو مستوطنات غلاف غزّة، ما حفظ توقيت المعركة والتحكّم به وبنوعية الهجوم في قبضة المقاومة الفلسطينية بعيداً عن الاستدراج الاسرائيلي.

مسيرة تحتاج كل هذا الاستنفار العسكري: لا تحقق أهداف الكيان

مسيرة الأعلام هذا العام جاءت مختلفة، فعلى الرغم من أن جميع مستويات الاحتلال أجمعت على تمرير المسيرة في مسارها المخطط له الا أنها لم تمرّ الا بالتحشيد و"الحراسة" العسكرية الكبيرة. فقد استنفر جيش الاحتلال عناصره التي نزلت لمؤازرة الشرطة في جميع أنحاء القدس المحتلّة (أكثر من 3000 عنصر، استقدام 3 كتائب تابعة لحرس الحدود من صفوف الاحتياط) وقد حوّل الاحتلال القدس الى ثكنة عسكرية لتمرير المسيرة.

المسيرة لم تمر دون رفع حالة التأهب القصوى في كامل الكيان (الدرجة الرابعة والأخيرة قبل الحرب) على وقع تهديدات المقاومة وجهوزيتها العسكرية، فقد عمل الكيان على نشر بطاريات القبة الحديدية في كل المناطق (لا سيما الداخل المحتل) وفي غلاف غزة الذي تم اخلاء عدد من مستوطناته صباح أمس الاحد، وإغلاق عدد من الطرق المؤدية إلى الحدود تخوفًا من اطلاق صواريخ مضادة للدروع " كورنيت". أما في سماء القطاع فكانت طائراته  على أنواعها التي لا تزال بعد انتهاء المسيرة تحوم على علو منخفض.

من ناحية ثانية، اضطر الاحتلال الى تقليل مدّة الاقتحام المسائي للمسجد الأقصى وعدم تجاوز الخطوط الحمر المتعارف عليها  ضمناً، في حين أن مخطط اليمين المتطرّف كان الاقتحام الكبير للمسجد الأقصى وانتهاك قبّة الصخرة. وهذا التراجع "الطفيف" للاحتلال كان بفعل المقاومة الشعبية والتصدي الكبير لأهل القدس والضفة الغربية الذين هبّوا نصرة للأقصى من مختلف المناطق.

في النتيجة، تحوّلت مسيرة الأعلام – التي كانت تجري قبل معركة "سيف القدس" كأي حدث يهودي روتيني – الى صورة دعائية يعود بها رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بنيت الى جمهوره المنتقد لأدائه وولايته الهشّة. لكنها لم تدم طويلاً، فالقراءة الأولية في المشهد الذي جرى يوم الأحد 29 أيار / مايو تخلُص الى أن مسيرة تحتاج كل هذا الاستنفار العسكري لا يمكن لها أن تثبت سيطرة الكيان على القدس، حيث قالت صحيفة "يـديـعـوت أحـرونـوت" العبرية أنه "يجب أن نتوقف عن الكذب لأن مسيرة الأعلام أثبتت أن القدس ليست موحدة ولا يوجد سيادة إسرائيلية عليها. وقد تمت بفضل حماية الشرطة ولا يوجد يهودي واحد يجرؤ أن يسير بها لوحده".

المقاومة معنية بردٍ يراكم المعادلات

ربما هذا  الحديث لم يقنع كثيراً جمهور المقاومة في غزّة الذي اختلطت لديه مشاعر الاستفزاز ومشاعر "النخوة" لنصرة القدس بعد مشاهدته "الحشد اليهودي"، لكن أوساط التحليل الفلسطينية تجمع أن المقاومة ليست معنية بالرد المتسّرع او ذي التأثير على المستوى القريب فقط،  بل برد مدروس يحقق المعادلات على المستوى البعيد. وفي هذا الإطار يشرح الأكاديمي والمحاضر الجامعي الفلسطيني الدكتور أحمد العويطي في حديثه لموقع "الخنادق" أن " هناك أصواتاً خرجت علينا تشكك في قدرات المقاومة في التصدي لما حدث اليوم من انتهاكات من قبل قطعان المستوطنين في باحات المسجد الأقصى، لابد  هنا من وقفه جادة وسريعة من أجل معالجة ومواجهة هذه الظاهرة التي تحدث قبل وبعد كل عدوان يتعرض له الشعب الفلسطيني والمجتمع الغزي على وجه الخصوص، وهذا ما سمعناه ولمسناه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص، فهذه ظاهرة خطيرة، وهذا الأمر يحدث من  قبل بعض الأشخاص والجهات التي ممكن أن تكون موجهة من قبل جهات مشبوهة فهذه مصيبة، وأيضا ممكن أن يكون الشق الثاني من هؤلاء  الأفراد يتناقلون الأخبار والمعلومات عن جهل وعدم دراية وهدفهم هو حب الظهور فقط، المقاومة في الميدان لها تقديراتها التي تكون بناءً على معلومات خاصة بها فهي الأمينة على  قضيتنا وأقصانا الحبيب فالمعركة طويلة مع الاحتلال وتحتاج لتقدير جيد بعيد  عن العواطف وردة الفعل غير المحسوبة وهذا ما تسعى إلية المقاومة، فيمكن معالجة هذه الظاهرة في التوعية الدورية للجمهور عبر ندوات ولقاءات جماهيرية شعبية ونخبوية أيضا، وفي الشق الثاني لابد من ملاحقة مروجي الشائعات التي تهدف إلى خلق نوع من عدم الثقة عند المجتمع الغزي فهم مساندون للاحتلال في جرائمه بحق مدينة القدس والمسجد والأقصى المبارك، فلابد من البحث عنهم وانزال العقوبة المناسبة بحقهم ، حماية الجبهة الداخلية ووعيها لايقل شأنا ومكانة عن عمل رجال المقاومة المكفولة دولياً وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية في الميدان ومواجهتهم للإحتلال المجرم".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور