الثلاثاء 12 تموز , 2022 03:10

"الوعد الصادق": تحرير الأسرى يتوّج زمن الانتصارات

توّج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "زمن الانتصارات" الذي دخله الشعب اللبناني ومن خلفه المقاومة بعد تحرير جنوب لبنان عام 2000 بوعد تحرير جميع الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية، حين قال من مدينة بنت جبيل الجنوبية في 26 أيار / مايو أن "الشيخ عبد الكريم عبيد وأبو علي الديراني وسمير القنطار، وكل أسير في السجون الإسرائيلية سيعود إليكم قريباً إن شاء الله".

في التاسع والعشرين من شهر كانون الأول عام 2004، أتمّ حزب الله صفقة تبادل مع الكيان المؤقت (بوساطة ألمانية) خرج بموجبها الأسيرين الأولين (الشيخ عبيد، والديراني) بالإضافة الى 21 أسيراً لبنانياً ورفات 59 مقاوماً لبنانياً، و400 فلسطيني وأسرى من جنسيات عربية مختلفة وأسير ألماني، مقابل ضابط في مخابرات الاحتلال وجثث 3 من جنوده.

أمام تعنّت الاحتلال في الافراج عن الأسير الشهيد القنطار الذي بقي اللبناني الوحيد في سجون الاحتلال أطلق السيد نصر الله وعده الثاني خلال مهرجان استقبال الأسرى المحرّرين "كان يجب على العدو أن يطلق سمير القنطار الآن، ولأنه لم يفعل أنا أؤكد لكم أنه سوف يندم في المستقبل".

الوعد الصادق

و"تنفيذاً للوعد الذي قطعته على نفسها بتحرير الأسرى والمعتقلين قامت المقاومة الإسلامية صباح اليوم الأربعاء 12/7/2006 عن الساعة التاسعة وخمس دقائق (9:05) بأسر جنديين إسرائيليين عند الحدود مع فلسطين المحتلة وتم نقل الأسيرين الى مكان آمن" (بيان المقاومة في ذلك اليوم).

في التفاصيل، قضت الخطة باقتحام السياج الفاصل ومهاجمة دورية الاحتلال (مؤلفة من آليتين) على الطريق الداخلي الرابط بين مستوطنتي زرعيت وشتولا، باتجاه الترقيم الحدودي "نقطة 105" (نقطة خلّة ودرة في خراج بلدة عيتا الشعب). ووفقها وفق الخطة جّهزت مجموعة الهندسة في المقاومة العبوات المناسبة لإحداث خرق في السلك، وايذاناً ببدء العملية أطلقت قذيفة من نوع "B9" ضد الدروع ليتبعها قذائف من نوع"B7" لتصيب آليتي الاحتلال (من نوع "هامر") وتحقّق الإصابات التي أدّت الى تعطيلها عن حركتها، فتم تفجير العبوات وعبرت مجموعة من المجاهدين السياج (قوة الانقضاض).

انطلقت مجموعة من المجاهدين، وسط تأمين من نيران الرشاشات التي قتلت سائق الآلية الخلفية كما قتلت جنديان آخران حاولا الفرار. وصل المجاهدون الى الهامر الأول الذي بقي فيه الجنديان إيهود غولد فاسر وإلداد ريغيف وجرى سحبهما، ثمّ تم تفجير "الهامر" من خلال عبوة لمسح أي دليل يساعد الاحتلال على معرفة مصير الأسيرين.

انتهت العملية، التي استغرقت 6 دقائق، بنجاح ضمن الخطة التي وزعّت المهمات على المجاهدين، اذ تولى الشهيد خالد بزي القيادة الميدانية للعملية والرصد في المساحة الفاصلة بين النقطيتين 105 و106. أما الشهيد القائد إبراهيم محمود الحاج (أبو محمد سلمان)، فقد تولّى مسؤولية تأمين مسرح العملية، ما يعني منع أي قوّات إسناد تابعة الاحتلال من التقدّم إلى نقطة العملية وضرب هذه القوات وتعطيلها إذا استلزم الأمر، وبقي خلال فترة التنفيذ متواجداً في محيط موقع "راميا" المشرف على "خلّة وردة". فيما كان الشهيد علي صالح (بلال عدشيت) صاحب القذيفة الأولى، والشهيد بلال خير دين صاحب  نيران الرشاشات، وقد أنيط الشهيد عباس كوراني بمسؤولية القنص فيما شارك الشهيدين محمد عسيلي وحمزة حيدر فيما عرف بقوة الانقضاض.

أما في كواليس الهندسة والتدريب والاشراف حضر الشهيد القائد عماد مغنية. وكان الاعلام الحربي قد نشر مقطع مصوّر يظهر دور مغنية ومشاهد من المناورات التي حاكت العملية وواقع مسرحها الميداني قبل أشهر من التنفيذ.

لماذا "الوعد الصادق"؟

بعد العملية اتصل الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الراحل الدكتور رمضان شلّح بالسيد نصر الله مهنئاً، وفي معرض الاتصال  اقترح شلّح اسم "الوعد الصادق" على العملية على اعتبار أن السيد نصر الله وعد ووفى. فقد تمّت على إثر العملية صفقة تبادل خرج بموجبها آخر أسير لبناني في سجون الاحتلال وعميدهم الشهيد سمير القنطار بتاريخ 16 تموز/ يوليو عام 2008 بالإضافة الى 4 أسرى لبنانيين أسروا خلال "حرب تموز" التي شنّها الاحتلال على مدى 33 يوماً رداً على العملية، كما استرجع رفات 200 فلسطيني ولبناني.

لم يغب عن حزب الله أيضاً تحرير الاسرى من غير اللبنانيين، فقد أوضح السيد نصر الله في كلمته خلال مهرجان استقبال القنطار أن "الأسرى والأسيرات الفلسطينيين والأردنيين والسوريين والعرب - هؤلاء الأعزاء - لم يغيبوا عن بالنا ومفاوضاتنا طوال العامين، مع إدراكنا للصعوبات التي تواجهنا في هذا الأمر، في المقابل كان دائما الإسرائيلي يقدم حجج عن عدم قدرته إطلاق سراح غير اللبنانيين في مفاوضات مع مقاومة لبنانية" وترك السيد نصر الله رسالة في الأمم المتحدة يصر فيها على إطلاق سراح العدد الأكبر من الأسرى النساء والأطفال والمرضى وهذه "بالنسبة إلينا هذه خطوة رمزية وإنسانية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور