الجمعة 23 كانون الاول , 2022 03:36

بريطانيا: تضخم هو الأعلى منذ 41 عاماً

الأزمة الاقتصادية في بريطانيا

باللجوء إلى فرض مزيد من الضرائب، وطلب مستمر على العمّال المهاجرين إضافة لرفع معدلات الفائدة، وغيرها من الخطوات التي لم تنجح في كبح جماح التضخم والركود، كانت بريطانيا تعلن انهيار نظامها الاقتصادي على دفعات. وتقول مجلة ايكونوميست البريطانية في إطار معالجتها لأحداث التدهور المتسارعة ان "الدولة التي تعتبر نفسها نموذجاً، قد أصبحت أضحوكة".

انعكست الأزمات الاقتصادية على المشهد السياسي، وجاءت تداعياتها بشكل حاد، ما اضطر إلى تعيين 3 رؤساء للوزراء خلال فترة وجيزة (بوريس جونسون، ليز تراس، ريشي سوناك)، إضافة لـ 4 وزراء للخزانة، وعدد من الوزراء. ويتوقع اتحاد صناعة الأعمال البريطاني أن الاقتصاد في طريقه إلى الانكماش بنسبة 0.4٪ العام المقبل مع استمرار ارتفاع التضخم وتعليق الشركات الاستثمار، مع تداعيات قاتمة على النمو على المدى الطويل.

ويشير المدير العام لاتحاد الصناعيين البريطانيين، توني دانكر، إلى ان "بريطانيا في حالة ركود تضخمي، مع تضخم صاروخي ونمو سلبي وانخفاض الإنتاجية والاستثمار في الأعمال. ترى الشركات فرص نمو محتملة لكن الرياح المعاكسة تجعلها تتوقف مؤقتًا عن الاستثمار في عام 2023". وبحسب توقعات الاتحاد، فإن هناك انخفاض حاد في التصنيف عن آخر توقعاته في حزيران/ يونيو، عندما توقع نمواً بنسبة 1.0٪ لعام 2023، ولا يتوقع أن يعود الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى ما قبل COVID حتى منتصف عام 2024.

تضررت بريطانيا بشدة من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أعقاب العملية العسكرية الرويبة لأوكرانيا، فضلاً عن عدم تعافي سوق العمل بعد جائحة كورونا واستمرار ضعف الاستثمار والإنتاجية.  اذ يتوقع CBI  إن البطالة سترتفع إلى ذروتها عند 5.0٪ في أواخر 2023 وأوائل 2024، في حين نسبتها الحالية تقارب الـ 3.6%.

سجل التضخم البريطاني أعلى مستوى له في 41 عامًا عند 11.1٪ في تشرين الأول/ أكتوبر، مما أدى إلى ضغط حاد في طلب المستهلكين، ويتوقع CBI أن يتباطأ في الانخفاض، بمتوسط 6.7٪ العام المقبل و2.9٪ في عام 2024.

فيما يُعد ما توقعته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) هو الأسوأ، اذ انها ترى بأن أضعف الاقتصاد البريطاني سيكون هو أضعف اقتصاد في أوروبا.  وقال دانكر "سنشهد عقداً ضائعا من النمو إذا لم يتم اتخاذ إجراء. الناتج المحلي الإجمالي هو مضاعف بسيط لعاملين: الناس وإنتاجيتهم. لكن ليس لدينا الأشخاص الذين نحتاجهم، ولا الإنتاجية".

أزمة اليد العاملة

يشير الصحفي في وكالة رويترز، ديفيد ميليكين، إلى ان أزمة النزوح تزيد بدورها الأزمة. ويقول ان "نزوح أكثر من نصف مليون من القوى العاملة يعرّض الاقتصاد البريطاني للخطر".

وقالت لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس اللوردات إن الارتفاع الحاد في الخمول الاقتصادي، عندما لا يكون البالغون في سن العمل يعملون ولا يبحثون عن وظيفة، منذ بداية حالة الطوارئ الصحية يمثل تحديات خطيرة للاقتصاد.

وعلى خلفية النقص الحاد في الموظفين في جميع أنحاء البلاد، أشارت اللجنة إلى إن التقاعد المبكر بين 50 إلى 64 عامًا كان أكبر مساهم في زيادة الخمول الاقتصادي بمقدار 565000 منذ بداية الوباء.

وبعنوان "أين ذهب جميع العمال؟"، يشير تقرير اللجنة، إلى إن نقص القوى العاملة الذي تفاقم بسبب فقدان هؤلاء الأفراد من سوق العمل سيؤدي إلى الإضرار بالنمو الاقتصادي على المدى القريب، مع تقليل الإيرادات الضريبية المتاحة لتمويل الخدمات العامة.

وقالت إن انخفاض المعروض من العمالة يمكن أن يزيد أيضاً من الضغوط التضخمية، حيث يتنافس أرباب العمل على عدد أقل من العمال المتاحين من خلال رفع الأجور. تباطأ التضخم من ذروته بأكثر من 11٪ في تشرين الأول/ أكتوبر إلى 10.7٪ في تشرين الثاني/ نوفمبر، ولا يزال من بين أعلى المعدلات منذ أوائل الثمانينيات.

يأتي التقرير وسط مخاوف بشأن مكانة بريطانيا باعتبارها الدولة الوحيدة في العالم المتقدم التي لا يزال من المتوقع أن يكون التوظيف فيها دون مستوى ما قبل الوباء في بداية عام 2023، بحسب ميليكين.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور