الأربعاء 21 كانون الاول , 2022 03:42

"الهبوط الناعم": واشنطن تعالج التضخم بخلق مزيد من الركود!

تزايد مخاطر التضخم في الولايات المتحدة (غيتي)

بعد مواجهة مع الصحفيين، غادر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، فناء البنك المركزي. كان الأمر ليكون معتاداً لو أن القرارات التي تمخّضت عن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)، الذي استمر ليومين، كانت أخباراً أقل سوءاً، على المستثمرين، من تلك التي أعلنها باول: زيادة أسعار الفائدة 50 نقطة، لتقفز إلى مستويات 4.50% وهي النسبة الأعلى منذ عام 2007".

وبينما يحاول باول جاهداً طمأنة الاميركيين لما يؤثر ذلك ايضاً على الأسواق المالية تحديداً، بقوله "أشعر ان البلاد يمكن ان تحافظ على نمو متواضع". وانه لا يرى سوى زيادة "متواضعة" في البطالة، يقول هوارد شنايدر، وهو صحفي أميركي متخصص في تغطية والسياسة النقدية والاقتصاد والاحتياطي الفيدرالي، إن "توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي ضعيفة للغاية، معدلات البطالة قد ترتفع بما من شأنه أن يعادل 1.6 مليون شخص إضافي عاطلين عن العمل بحلول هذا الوقت من العام المقبل".

يصف المستثمرون حالة التضخم المصحوبة بالركود والتي يُتوقع حدوثها في وقت قريب، بـ "دوامة الموت"، على غرار سبعينيات القرن الماضي (تسببت حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 في توقف صادرات النفط في الشرق الأوسط). وبينما يستعد معظم الأمريكيين للركود العام المقبل، يرى المستثمرون المؤسسيون الذين يتحكمون في الصناديق المشتركة والمعاشات التقاعدية وشركات التأمين تهديدًا أكبر يلوح في الأفق.

ووفقاً لمسح توقعات Natixis لعام 2023 الذي يستقصي المستثمرين المؤسسيين العالميين الذين يشرفون على إجمالي 20.1 تريليون دولار في الأصول الخاضعة للإدارة، يعتقد حوالي 65 ٪ من المستثمرين أن التضخم المصحوب بالركود يمثل خطراً أكبر من الركود. كما يعتقد هؤلاء، ان السيطرة على التضخم المصحوب بالركود أكثر صعوبة لأن تصحيح جانب واحد من المشكلة، مثل البطالة، قد يجعل جانباً آخر مثل التضخم يأخذ منحنيات أكثر سوءاً.

ويشير الاستطلاع نفسه، ان 56٪ من المستثمرين يتوقعون أن التضخم سيظل مرتفعاً بشكل حاد خلال العام المقبل، بما في ذلك ثلثي أولئك الموجودين في أميركا الشمالية. ويعتقد 49٪ منهم أن هدف "الهبوط الناعم" للاحتياطي الفيدرالي المتمثل في خفض التضخم دون حدوث انكماش اقتصادي حاد هو توقع غير واقعي.

ركود سيؤدي إلى فقدان الوظائف

ويشير الصحفي الألماني، Max Zahn، في تقريره لشبكة abc news أن التضخم بلغ 7.1٪ في تشرين الثاني/ نوفمبر مقارنة بالعام السابق له، مواصلاً تراجعه على مدار أشهر. ومع ذلك، لا يزال التضخم عند مستوى يزيد عن ثلاثة أضعاف المعدل المستهدف للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2٪. ولمعالجة ذلك، واصل بنك الاحتياطي الفيدرالي سلسلة من زيادات أسعار الفائدة.

قال كريستيان لوندبلاد، أستاذ المالية في جامعة نورث كارولينا في كلية كينان فلاجلر للأعمال في تشابل هيل، إن الزيادات المستمرة في أسعار الفائدة ستؤدي إلى انسداد الاقتراض والإنفاق اللذين يشكلان شريان الحياة للاقتصاد، مما يتسبب على الأرجح في فقدان الوظائف.

وقال لوندبلاد: "من المحتمل أن يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول... وهذا يجعل من الصعب على الأسر الاقتراض لشراء سيارة أو رهن عقاري، ويزيد من صعوبة اقتراض الشركات لتولي مشاريع جديدة". ويضيف "هناك إجماع كبير بين الاقتصاديين والمشاركين في السوق، على أن الاحتياطي الفيدرالي سيُبقي أسعار الفائدة مرتفعة من أجل إبطاء ضغوط التضخم التي نراها وأنه لن يكون أمامه خيار سوى خلق مزيد من الركود".

من جانبه، يقر بنك الاحتياطي الفيدرالي بأن رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى فقدان الوظائف، لكنه يقول إنه يحاول تجنب الركود. تُعرف نتيجة السياسة هذه باسم "الهبوط الناعم"، حيث يعمل الاحتياطي الفيدرالي على إبطاء الاقتصاد وتقليص التضخم، بينما يمنع الولايات المتحدة من الدخول في حالة ركود.


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور